هل الإمام المهدي (عج) يلتقي بالعلماء في زمن الغيبة ؟

, منذ 1 سنة 493 مشاهدة

 لقد جمع المحدث النوري في " النجم الثاقب " مائة قصة عن المتشرّفين بلقاء صاحب الزمان (عليه السلام), وشهد بصدقها جميعاً, وما زال فينا من ينكر أصل هذه القصص!

وخصص كتاب " دار السلام " بأجزائه الأربعة للرؤيا والمنام مبيناً أنها على أقسام, معتبراً أنها طريق من طرق التذكير

بالآخرة، وما زال فينا من يعتبر ذلك منافياً للوعي، وأن المنام - مطلقاً - أضغاث أحلام!(1)

والسيد بحر العلوم رضي الله عنه ينزع قميصه وينخرط في صفوف الموالين في مواكب عزاء سيد الشهداء مشاركاً في اللطم، وعندما يُسأل عن سبب ذلك يقول: " رأيت صاحب الأمر عليه السلام بينهم فلم يكن لي مما فعلت بد "(2).

وآية الله الحائري مؤسس الحوزة العلمية في قم كان يقود موكب اللطم في عاشوراء - وهو يلطم(3).

ونحن ما زلنا نناقش في التباكي وما المقصود به، وكيف نوفق بين ذلك وبين الوعي. وروح العصر؟!،

والسيد الشهيد دستغيب رضوان الله عليه - معلم الأخلاق الجليل بشهادة الإمام الخميني ( قدس سره ) - كان يقرأ دعاء كميل فيذكر مصيبة سيد الشهداء, ويبكي على المنبر أمام عدسة التلفزيون بكاء الواله الحزين, وكأنه يجلس في بيته وحيداً, ولم يكن يهمه الإنسجام مع القرن العشرين, بل كان يريد للقرن العشرين أن ينسجم مع الإسلام ومعه!

المرحوم السيد الطباطبائي صاحب تفسير الميزان عليه الرحمة والرضوان, يتحدث عن طي الأرض وتحضير الأرواح حديث المصدق بها, ولم يقدح ذلك في كونه الفيلسوف الإسلامي, والمفسر القرآني الأول في هذا العصر.

أليس كل هذا نابعاً من نمط التعامل مع الغيب, ودرجة قوة عالم الشهادة وتفاصيله في ذهننا وتفكيرنا؟

وإذا كان لأحد أن يناقش في سيرة العلماء بأنهم بشر غير معصومين، أو في سيرة المعصومين بأن ما يروى عنهم منقولات لا تفيد علماً، فهل باستطاعة أحد أن يناقش في كتاب الله سبحانه وتعالى؟

ألا نجد بوضوح أن القرآن يتعامل مع الغيب بخلاف تعاملنا معه؟

وإليك بعض النماذج القرآنية:

* عن عرش بلقيس وإحضاره في أقل من لمح البصر، قال تعالى:

" قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك وإني عليه لقويّ أمين * قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك, فلما رآه مستقراً عنده قال هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر, ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن ربي غني كريم . * قال نكروا لها عرشها ننظر أتهتدي أم تكون من الذين لا يهتدون * فلما جاءت قيل أهكذا عرشك قالت كأنه هو وأوتينا العلم من قبلها وكنا مسلمين * وصدها ما كانت تعبد من دون الله إنها كانت من قوم كافرين *

قيل لها ادخلي الصرح فلما رأته حسبته لجة وكشفت عن ساقيها قال إنه صرح ممرد من قوارير قالت رب إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين [ النمل 39- 44 ].

فهل إحضار عرش بلقيس من مسافة بعيدة، وبهذه السرعة أشد غرابة, أم انتقال إنسان من مكان إلى مكان بإذن الله بطيّ الأرض؟

* وعن السمكة الميتة التي اتخذت سبيلها في البحر سرباً حين لامسها ماء الحياة, يقول الله تعالى:

" فلما بلغا مجمع بينهما نسيا حوتهما فاتخذ سبيله في البحر سربا * فلما جاوزا قال لفتاه آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا * قال أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت, وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره, واتخذ سبيله في البحر عجبا ". الكهف 61-63

وعن نبي الله عيسى - على نبينا وآله وعليه أفضل الصلاة والسلام - يقول تعالى:

" ورسولاً إلى بني إسرائيل أني قد جئتكم بآية من ربكم أني أخلق لكم من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيراً بإذن الله, وأبرئ الأكمه والأبرص وأحيي الموتى بإذن الله, وأنبئكم بما تأكلون وما تدّخرون في بيوتكم, إن في ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين ". آل عمران49

وعن البقرة التي أُمر بنو إسرائيل بذبحها فذبحوها وما كادوا يفعلون, يقول تعالى " وإذ قتلتم نفساً فادّارأتم فيها والله مخرج ما كنتم تكتمون * فقلنا اضربوه ببعضها كذلك يحيي الله الموتى ويريكم آياته لعلكم تعقلون ". البقرة 72 - 73

فإذا كان الله سبحانه يجعل خاصية الإحياء تارة في الماء, وطوراً في لحم البقرة, فما الغرابة في أن يصل عبد صالح من عباد الله إلى مرتبة يستطيع فيها إحياء الموتى بإذن الله تعالى، حتى إذا لم يكن نبياً مثل عيسى عليه السلام؟

وإذا كان الإخبار بالغيب - الذي يُطلع الله عباده الذين ارتضى عليه - ممكناً لنبي الله عيسى عليه السلام، فلماذا لا يكون ممكناً للآخرين من غير الأنبياء؟

وما الدليل على أن ذلك كان على يديه لخصوصية النبوة؟

عندما نقرأ قصة عن توسل أم بالإمام الحسين عليه السلام, وشفاء ولدها الحي، أو حياة ولدها الميت(4)فهل ترانا نتذكر لحم بقرة بني إسرائيل؟!

وعندما نقرأ عن تواصل بين روح طاهرة لأحد الأخيار، وبين أرواح الأموات، فهل نتذكر حديث القرآن الكريم عن العالم الآخر، عن جنته والنار، عن حسابه وعقابه، وملائكته وصراطه، عن كل هذا العالم المتماسك الذي هو لبّ الحياة في مقابل قشر الحياة وظلها الذي نعيش؟

ولماذا نصرّ على إنكار ذلك، أو على الأقل على إخفائه في قعر تفكيرنا, في حين أنّا نجد القرآن الكريم يتناول هذه الأمور بكل وضوح وبمنتهى الإسترسال؟

قال تعالى: " أو كالذي مرّ على قرية وهي خاوية على عروشها قال أنى يحيي هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام ثم بعثه, قال كم لبثت قال لبثت يوماً أو بعض يوم, قال بل لبثت مائة عام فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنّه, وانظر إلى حمارك ولنجعلك آية للناس, وانظر إلى العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحماً, فلما تبين له قال أعلم أن الله على كل شيء قدير ". البقرة 259

__________

(1) قلت لبعضهم: لقد أقام نبي الله يوسف حكم مصر أربعة عشر عاماً على أساس منام، فقال: لمنامات الأنبياء شأن آخر. قلت: ولكن هذا المنام كان منام فرعون!

(2) - ملاقات با إمام زمان / فارسي / ج 2 / 256.

(3) - سمعت ذلك من تلميذه المرجع المقدس السيد الكلبايكاني في مقابلة أجرتها معه إذاعة طهران بتاريخ 11 شهر رمضان المبارك / 1406 للهجرة.

(4) - أورد الشهيد دستغيب قصة صحيحة في هذا المجال في كتابه القيّم " القصص العجيبة " الذي التزم بأن لا يورد فيه إلا ما تأكد من صحته.

 

مواضيع قد تعجبك

Execution Time: 0.0505 Seconds