تعرف على تفاصيل ما سيحدث بعد وفاة الإمام المهدي (عج)

, منذ 3 سنة 9K مشاهدة

السيد منير الخباز

هناك خلافٌ في بعض الرّوايات بين الدولة التالية لدولة الإمام المهدي «عجّل الله فرجه الشريف»، من المعلوم أنّ الدولة الخاتمة التي تملأ الأرضَ قسطًا وعدلاً كما ملئت ظلمًا وجورًا دولة المهدي «عجّل الله فرجه»، لكم من يعقب المهديَ؟ المهدي سيموت، هو إنسانٌ سيموت يومًا من الأيام، من يعقب المهديَ في دولته المباركة إلى أن تقوم الساعة؟

هنا ثلاثة آراء:

الرأي الأول: الذي يقول بأنّه يموت المهديُ قبل القيامة بأربعين يوماً، ويحصل الهرجُ والمرجُ، وتعيش الناسُ فوضى، إلى أن تقوم الساعة، فكأنّه لا دولة بعده، وهو آخر الدول، وهذا ما أشار إليه الشيخ المفيد «عليه الرحمة» في كتاب «الإرشاد» قال: وليس بعد دولة القائم  لأحدٍ دولة إلا ما وردت به بعضُ الروايات من قيام وِلده إن شاء اللهُ ذلك، ولكن لم ترد على القطع والثبات «يعني: ليست رواياتٍ مقطوعة»، وأكثر الروايات أنّه لن يمضي مهديُ هذه الأمّة  إلا قبل القيامة بأربعين يومًا يكون فيها الهرجُ، وعلامة خروج الأموات، وقيام الساعة للحساب والجزاء، والله أعلم بما يكون.

هذا الرأي طبعًا لا يتفق مع ما هو المعروف من عقيدة الإماميّة أنّ الأرض لا تخلو من حجّةٍ، ما يصير، حتى هذه الأربعين يومًا، حتى ساعة واحدة، حتى يوم واحد، الأرض لا تخلو من حجة، كما ورد عن الإمام أمير المؤمنين علي : ”بلى والله لابدّ لله من حجّةٍ في الأرض إمّا ظاهرًا مشهورًا أو خائفًا مغمورًا“، وكما ورد عن النبي محمّدٍ : ”إنّي مخلفٌ فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتي أهل بيتي“ ثم قال: ”فإنّهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض“، إذن لا يوجد انقطاعٌ بين هذا الوجود وبين القرآن إلى يوم القيامة.

القول الثاني: أنّ بعد المهدي  يحكم مهديّون، اثنا عشر مهديًا يحكمون بعد المهدي من وِلد المهدي، هناك اثنا عشر مهديًا كما في بعض الروايات يحكمون دولة الإمام بعد وفاته، اثنا عشر مهديًا، طبعًا بناءً على هذا القول... هو موجودٌ في بعض الرّوايات هذا القول، أنّ هناك اثني عشر مهديًا بعد اثني عشر إمامًا، بناءً على هذا القول لابدّ أن يكون المهديّون أئمة؛ لأنّ الأرض لا تخلو عن إمام معصوم، فإذا كان هؤلاء المهديّون هم الحاكمين بعد الإمام المهدي إذن لا محالة لابدّ وأن يكونوا أئمة معصومين، وإلا لخلت الأرضُ من الحجة، وبالتالي هذا القول عليه عدّة ملاحظات:

الملاحظة الأولى: أنّه منافٍ للضّرورة المتسالم عليها بين الإماميّة أنّ الأئمة اثنا عشر فقط، الأحاديث المستفيضة والضرورة القائمة على أنّ الأئمة اثنا عشر، يعني: من هم أئمة معصومون هم اثنا عشر كما ورد عن النبي : ”لا يزال الدينُ قائمًا حتى تقوم الساعة أو يكون فيكم اثنا عشر خليفة كلهم من قريش“ أو: ”كلهم من هاشم“، الأئمة اثنا عشر وليس أكثر من ذلك، هذا أوّلاً.

ثانيًا: صحيحٌ نحن عندنا روايات تدلّ على أنّ بعد المهدي اثنا عشر مهديًا، يُعْتَبَر في قبول الرواية الوثوق بها، والعلماء إذا أعرضوا عن روايةٍ وهجروها ولم يعملوا بها كان هجرانهم للرّواية مانعًا من الوثوق بها، فلا يؤخذ بها إذا هجرها العلماءُ ولم يعملوا بها، هنا نلاحظ أنّ العلماء لم يعملوا بهذه الروايات التي تتحدّث عن وجود مهديين اثني عشر بعد المهدي «عجّل الله تعالى فرجه الشريف».

مثلاً: نلاحظ الشيخ المجلسي في البحار «بحار الأنوار، الجزء الثالث والخمسين» يقول: هذه الأخبار - يعني: أخبار المهديين - مخالفة للمشهور، يعني: المشهور لم يعملوا بها.

ونلاحظ أنّ الشيخ الحر العاملي في كتابه «الإيقاظ من الهجعة في البرهان على الرجعة» يقول: وأمّا أحاديث الاثني عشر بعد الاثني عشر - يعني: اثنا عشر مهديًا بعد اثني عشر إمامًا - فلا يخفى أنّها غير موجبةٍ للقطع واليقين لندورها وقلتها وكثرة معارضتها، وقد تواترت الأحاديث بأنّ الأئمة اثنا عشر - يعني: ليسوا أكثر - وأنّ دولتهم ممدودة إلى يوم القيامة، وأنّ الثاني عشر خاتم الأوصياء والأئمة والخلف، وأنّ الأئمة هم وِلد الحسين إلى يوم القيامة.

إذن العلماء لم يعملوا بهذه الروايات، هجروها، وهجرانهم لها مانعٌ من الوثوق بها والتعويل عليها، هذه الملاحظة الثانية.

الملاحظة الثالثة على هذا القول: عندنا روايات توضّح من هم المهديّون، المهديّون ليسوا حكّاماً يحكمون بعد الإمام المهدي، لا، لاحظوا هذه الرواية: روى الشيخ الصدوق في «كمال الدين وتمام النعمة» عن أبي بصير: قال: قلتُ للصادق جعفر بن محمّد : يا ابن رسول الله إنّي سمعتُ من أبيك - يعني: أبيك الباقر - أنّه قال: يكون بعد القائم اثنا عشر مهديًا، قال: ”إنّما قال: اثنا عشر مهدياً، ولم يقل: اثنا عشر إماماً، لكنّهم قومٌ من شيعتنا - يعني: ليسوا أئمة معصومين - قومٌ من شيعتنا يدعون الناس إلى موالاتنا ومعرفة حقنا“، فهم ليسوا حكّامًا، ولا أنّهم أئمة، ولا أنّهم معصومون، إنّما هم قومٌ من شيعتنا يدعون الناس إلى موالاتنا ومعرفة حقنا.

بعض الأدعية التي نقرؤها: ”السّلام عليه وعلى الأئمة من ولده“، ”اللهم بلغهم آمالهم وزد في آجالهم“، قد يقول الإنسان: هذا الدعاء واضحٌ أنّه بعد الإمام هناك أئمة وهم من ولده وهم المهديّون، هذه الأدعية لا تعني ما بعد دولته، تعني أثناء دولته، إذا خرج يكون معه من ولده اثنا عشر يسمّون مهديّين، أو يسمّون ولاة، إلا أنّهم وزراؤه وولاة دولته وأركان حكومته لا أنّهم أئمة معصومون يقومون بعده على الحكم كما ذُكِرَ.

القول الثالث هو: القول بالرجعة.

بمعنى أنّ الإمام المهدي «عجّل الله تعالى فرجه الشريف» إذا قضى يحكم بعده أحدُ الأئمة من آبائه، لا أنّه يأتي إمامٌ جديدٌ، لا، يحكم بعده بعضُ الأئمة ممّن يرجعون إلى الحياة، وهنا رواياتٌ تدلّ على هذه النقطة.

لاحظوا ما رواه الشيخ المفيد في كتاب «الإرشاد»: روى عبد الكريم الخثعمي، قال: قلتُ لأبي عبد الله الصادق : كم يملك القائم ؟ قال: ”سبع سنين، تطول له الأيامُ والليالي، حتى تكون السنة من سنيه مقدار عشر سنين من سنيكم، فتكون سنين ملكه سبعين سنة من سنيكم هذه، وإذا آن قيامُه - يعني: قبل قيامه - يمطر الناسُ في جمادى الآخرة وعشرة أيام من رجب مطرًا لم يرَ الخلائقُ مثلَه، فينبت اللهُ به لحومَ المؤمنين وأبدانَهم في قبورهم - يعني: يشير إلى قضيّة الرّجعة - فكأنّي أنظر إليهم مقبلين من قِبَلِ جهينة ينفضون شعورَهم من التراب“.

واضح أنّ الروايات عندما تقول: القائم، لفظ القائم ينصرف إلى المهدي «عجّل الله تعالى فرجه الشريف».

ومنها هذه الرواية: رواية أحمد بن عقبة عن أبيه عن أبي عبد الله: سألته عن الرجعة أحقٌ هي؟ صحيحة الرجعة؟ قال: نعم، فقيل له: من أول من يخرج؟ من أول من يرجع من القبور؟ قال: ”الحسين  يخرج على إثر القائم“ يعني: بعد خروج القائم هو يخرج، قلتُ: ومعه الناس كلهم؟ قال: لا، بل كما ذكر اللهُ تعالى في كتابه: ﴿يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا﴾ [19]  قومٌ بعد قوم.

 

وأيضًا رواية حمران بن أعين: سمعتُ أبا عبد الله  يقول: ”أوّل من تنشقّ الأرضُ عنه ويرجع إلى الدنيا الحسينُ بن علي ، وإنّ الرجعة ليست بعامةٍ، وهي خاصة، لا يرجع إلا من محض الإيمانَ محضًا أو محض الشرك محضًا“.

وعندما نلاحظ الرواياتِ نرى أكثر من 500 رواية تتحدّث عن الرجعة، بما لا يدع للإنسان مجالاً للشك أو الريب في تحقق هذه الرجعة وإن اختلفت الرّواياتُ في بعض التفاصيل.

مثلاً: من بعض التفاصيل أنّ بعض الرّوايات تتحدّث أنّ الحسين يخرج بعد الإمام الذي لا عقب له، دعني أقرأ لك هذه الرّواية قبل أن أنهي الموضوعَ: ذكر الشيخ الطوسي في كتاب «الغيبة» بسنده عن الحسن بن علي الخزاز، قال: دخل علي بن أبي حمزة، علي بن أبي حمزة كان رأس الفرقة الواقفيّة الذين وقفوا على الإمام الكاظم ولم يقولوا بإمامة الإمام الرضا ، دخل على أبي الحسن الرضا، فقال له: أنت إمامٌ؟! قال: نعم، قال: إنّي سمعتُ جدك جعفر بن محمد  يقول: ”لا يكون الإمامُ إلا وله عقبٌ“ كل إمام له إمامٌ يعقبه، فقال: ”أنسيتَ يا شيخ أو تناسيتَ؟! ليس هكذا قال جعفر، إنّما قال: لا يكون الإمامُ إلا وله عقبٌ إلا الإمام الذي يخرج عليه الحسينُ بن علي“ يعني: الإمام الذي يخرج بعد الحسين بن علي للحكم، ”إلا الإمام الذي يخرج عليه الحسينُ بن علي فإنّه لا عقب له“، فقال له: صدقتَ جُعِلتُ فداك هكذا سمعتُ جدّك يقول، إذن عندنا إمامٌ لا عقب له يخرج بعده الحسينُ بن علي وهو الذي يحكم بعده، من هو هذا الإمام وقد صرّحت الرّواياتُ بأنّ الإمام القائم له ذرية؟! إذن كيف إمام لا عقب له يخرج بعده الحسين بن علي؟!

الجواب عن هذه النقطة:

أوّلاً: هذا الخبر ضعيف السند - كما يقول علماؤنا - لجهالة علي بن سليمان بن رشيد الواقع في سنده.

ثانيًا: كلمة العقب غير الولد، لغة يقال: لفلانٍ وِلدٌ، ويقال: لفلانٍ عقبٌ، العقب هو الوِلد الباقون بعده، لو إنسان أنجب أولادًا ثم مات كلهم في حياته يقال: فلانٌ لا عقب له لكن له وِلدٌ، هو أنجب لكنه لا عقب له، لِمَ؟ لأنّ أولاده لم يبقوا إلى ما بعده وفاته، كذا ذكر ابن منظور في «لسان العرب» وأبو هلال العسكري في «فروق اللغة» والزبيدي في «تاج العروس»: أنّ من له عقبٌ غير من له ولدٌ، فمن المحتمل أنّ المهدي «عجّل الله تعالى فرجه الشريف» عند وفاته لا يبقى له عقبٌ، وإن كان له ولدٌ وذرية يديرون شؤون دولته مادام حيًا.

وثالثًا: لعل المقصود بالإمام الذي لا عقب له يعني: لا عقب له في الإمامة، لا أنّه لا عقب له من الذرّية، الإمام المهدي لعلّ له ذرية يبقون بعد وفاته لكنهم ليسوا أئمة، فالمقصود: ”لا عقب له“ يعني: لا عقب له في الإمامة، لا أنّه لا عقب له في الذرّية، لذلك هذه الرّواية التي قرأناها لا تنفي ما ذكرنا من خروج الحسين بن علي  وأنّه يحكم الأرضَ بعد موت المهدي «عجّل الله تعالى فرجه الشريف» وأنّ الأرضَ لا تخلو من حجّةٍ إلى يوم القيامة كما نطقت به النصوصُ المتظافرة، ولعلّ هذا خاصة من خصائص الحسين، الحسين له خصائصُ كثيرة، الحسين له خصائصُ تميّز بها من بين الأئمة الطاهرين «صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين».

وفيه   رسولُ   الله   قال  وقولهُ

حُبِي   بثلاثٍ   ما   أحاط  بمثلها

 

له   تربة   فيها   الشفاءُ   وقبة

وذرّيّة     ذرّية     منه     تسعة

صحيحٌ صريحٌ ليس في ذلكم نكرُ

نبيٌ  فمن  زيدٌ هناك ومن عمرو

يجاب بها الدّاعي إذا مسّه الضّرُ

أئمة   حق  لا  ثمانٍ  ولا  عشرُ

مواضيع قد تعجبك

Execution Time: 0.1811 Seconds