من الامور الحتمية الوقوع التي نص عليها أهل البيت عليهم السلام هو خروج اليماني وزحفه بجيشه الجرار نحو الكوفة وهذه الحقيقة لا خلاف فيها ، ولكن لابد من التعرف على هوية هذا الرجل الشخصية حيث أن التعرف عليها يفتح لنا باب الجواب على مدعي اليمانية بكلا مصراعيه .
وعليه نقول : فقد جاء في الرواية من الامام الباقر عليه السلام تسميته بمنصور (1)، وقيل اسمه حسين أو حسن، أبيض كالقطن وهو ملك من ملوك صنعاء في اليمن (2)، أصله هاشمي من ولد زيد بن علي بن الحسين عليهم السلام كما جاء في الرواية عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام (3).
وبحسب قراءة الروايات يظهر لنا بأن موطن هذا الرجل الأصلي هو قرية كرعة أو كريمة من ضواحي العاصمة صنعاء في اليمن (4)، وهي أحدى البلدان العربية، وجاء التصريح في الرواية اليمن ، وهي أحدى البلدان العربية، وجاء التصريح في الرواية عن النبي المصطفى صلوات الله عليه واله بانه من اليمن حيث قال : {وان من علامات خروجه : خروج السفياني من الشام ، وخروج اليماني من اليمن ، وصيحة في السماء}(5)، والروايات في هذا الشأن كثيرة منها ما ذكرت فيها اليمن وحدها وفي بعضها السلام صنعاء وحدها وفي بعض ثالث دمجهما معا (صنعاء اليمن) .
ومنه يتضح بأن تلقبيه باليماني من قبل أهل البيت عليهم هو نسبة للبلد الذي يخرج منه لنصرة الدين ، كما تجد نفس الامر في تلقيب الخراساني حيث أنه يأتي من خراسان وهي أحدى محافظات ایران المعروفة (بطوس) وكذلك يفعل أهل العرف قديماً وحديثاً ، حيث أنهم ينسبون الشخص الى محل سكنه وموطنه، كما يقال العراقي أو البصري، أو الهندي ، أو الكابلي أو الطالقاني ...الخ .
وعليه فاليماني من نفس تلك الدولة العربية التي عاصمتها صنعاء كما صرحت به الروايات وبعد أن أتضح لنا من الروايات بان المراد من اليماني هو من اشب الى نفس اليمن لا غير ، فلا يصغى لدعوة توسعته مفهوم اليماني التي ابتدعها أحمد الحسن ، فجعل كل أهل مكة يمانيين ومنهم محمد واله الطاهرين عليهم أفضل الصلاة والسلام ، وحتى أبو لهب وأبو سفيان وغيرهم من الكفار ، حتى يدخل نفسه من خلال هذه التوسعة تحت مفهوم اليماني بوجه من الوجوه ، حيث قال : يجب أولا معرفة أن مكة من تهامة وتهامة من اليمن ، فمحمد وآل محمد كلهم يمانية ، فمحمد يماني و على يماني والمهدي يماني والمهديين الاثنا عشر يمانية والمهدي الأول يماني (6).
والجواب عن هذه التوسعة هو ما يلي:
١ - نحن نمنع دخول مكة ضمن حدود اليمن ، حيث أنها دعوة بلا دليل ، بالدليل قائم على خلافه و هو التاريخ الذي يحدثنا عن استقلال كلا البلدين عن الآخر منذ القدم، فلم يعرف بأن مكة من اليمن ، ولو كان الأمر كذلك لما ورد في الفقه تقسيم أركان الكعبة الى يماني وعراقي وشامي ، فيكون الركن اليماني خاص بأهل مكة واليمن بناء على هذه التوسعة الجديدة ، مع أن الفقهاء منذ زمن الطوسي وحتى الآن يصرحون بأن هذا الركن وهو (الركن اليماني) يستقبله أهل اليمن ، ونسبة بعض الامور الى اليمن مثل بعض أنواع الالبسة ، والاكثر من هذا كله نجد كلمات صاحب معجم البلدان ظاهرها أن تهامة ليست من اليمن فقال : (بين تهامة واليمن)(7) ، وقال : فساروا نحو تهامة وكانوا فيما بينها وبين اليمن) (8)، وقال : تبالة : بلدة مشهورة من أرض تهامة في طريق اليمن) (9)، وقال : (ووكل به من اوصله الى حلي و هي آخر حد من جهة مكة) (10)، وقال : وقال الشرقي بن القطامي : تهامة الى عرق اليمن ) (11)، أي حدود تهامة تنتهي بأول اليمن من جهة مكة ، ومن كل هذه العبائر نستكشف بأن تهامة ليست من اليمن اصلا ، بل هي من المناطق القريبة من حدود اليمن ، حيث أن آخر منطقة من حدود اليمن من جهة مكة هي (حلي) كما نص على ذلك صاحب المعجم .
إذن : فتهامة ليست من اليمن ، فيبطل استدلاله بان النبي واله صلوات الله عليهم أجمعين كلهم يمانيين ، وإنما هم أميين أي من أم القرى وهي مكة.
٢ - ولو سلمنا ما تقدم فلا نسلم بان احمد الحسن يماني ، حيث أن التسمية تقع على الساكن بالفعل في ارض اليمن ، ولا تطلق على من سكن في أطراف البصرة وترعرع فيها وهو لم ير لون اليمن ولم يشم ريحها ولم يعرف أهلها ، وهذا هو المتفاهم العرفي والعقلاني.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- معجم أحاديث المهدي ج ٣ ص ٢٧٦ ، أقول : ولعله عليه السلام الطلق عليه هذا الاسم وهو منصور بلحاظ ما تؤيد به من النصر الإلهي وليس المراد بمتصور اسمه الحقيقي، الله العالم.
2- الزام الناصف ج ٢ ص ١٤٩ ، البحار ج ٥١ ص ١٦٣ ، يوم الخلاص من ١٢٩.
3- مكيال المكارم ج ١ ص ١٣٢ ، البحار ج ٢ ص ٦٣، مستدرك سفينة البحار ج من ٢٧. معجم أحاديث المهدي ج م ٢٩٧ و ج ١ ص ١١٢.
4- معجم أحاديث المهدي ج ٢ ص ٠ ٥٠ ، وقال في ج ١ ص ١٩١ فالاقرب عندنا أن وزيره العماني الذي بناب قبله مضيفة أنها تخرج من قرية يقال لها كرمة أو كريمة ، ثم من صنعاء كما تذكر بعض الرولات .
5- كمال الدين من ٢٢٨ الحديث .
6- اليماني الموجود من ١ م ٠٧
7- معجم النادان ج1 ص 85.
8 - نفس المصدر ج ١ ص 97.
9- نفس المصدر ج ٢ ص ٩.
10- نفس المصدر ج ١ ص ٢5١.
11- نفس المصدر ج ٢ ص ٦٣.
المصدر: التلخيص الثاني للسفارة المهدوية الجديدة، ص1-5.
موقع ديني مختص في مسائل الإمام المهدي (عج) تابع لشعبة البحوث والدراسات - ق. الشؤون الدينية - الأمانة العامة للعتبة الحسينية المقدسة