تفاصيل الصيحة السماوية التي تسبق ظهور الإمام المهدي (عليه السلام)

, منذ 10 شهر 876 مشاهدة

تعتبر الصيحة السماوية - أو النداء السماوي - من أبرز الآيات، وأوضح العلامات، وأقوى البراهين على ظهور الإمام المهدي (عليه السلام).

ولا مانع من أن نقول: إنَّ الصيحة السماوية بمنزلة اعتراف السماء بشرعية قيام القائم المهدي (عليه السلام) وإثبات الحقيقة التي أخبر بها القرآن الكريم والنبي العظيم وأهل بيته الطاهرون (صلوات الله عليهم أجمعين. وقد صرحت الأحاديث أن الصيحة السماوية تكون من جبرائيل، وأنه هو المنادي .

ومن البديهي أنه ليس المقصود من الصيحة السماوية . صوت الرعد، أو صوت المدافع أو الصواريخ أو ما شابه ذلك، مما هو من فعل البشر، بل هو كلام واضح المعنى مفهوم عند الناس أجمعين .

وستعرف - من الأحاديث التي سنذكرها - مدى تأثير ذلك الصوت في نفوس أهل الأرض؟ فالنائم يستيقظ فزعاً، والقاعد يقوم ذعراً، والواقف يقعد انهياراً، والمرأة المخدّرة تخرج من خدرها خوفاً وهولاً!

وبعبارة أخرى: تجتاح المجتمع البشري موجة من الاضطراب والاهتزاز، وتسلب من الناس كل قرار واستقرار، بحيث لا يستطيع أحد أن يتجاهل تلك الصيحة أو يستخف بها، أو يسندها إلى الطبيعة، لأنَّ الصوت مسموع ومفهوم للجميع ولا يُقبل أي شكٍّ أو ترديد أو تأويل، مهما حاول المنحرفون ذلك.

ومن الطبيعي أن حادثة كحادثة ظهور الإمام المهدي (عليه السلام) تتطلب الإعلام على أوسع مستوى، وأوضح معنى مفهوم وحيث أن تلك النهضة عالمية - أي: تتعلق ينبغي أن يطلع العالم كله على هذا الحدث العظيم، الذي سوف يغير مجرى بجميع العالم – لذلك حياة البشر أجمعين.

في وقد روي عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال - حديثه عن النداء السماوي : يسمعه كل قوم بألسنتهم (۱) وقال (عليه السلام)- في حديث آخر - : يسمع كل قوم بلسانهم (٢) .

ولا نعلم – بالضبط - كيفية وصول الخبر إلى جميع البشر، وفي المسألة احتمالان:

الأول: أن يكون النداء السماوي باللغة العربية الفصحى فقط، ويكون له دوي عظيم ورد فعل حول الكرة الأرضيَّة في ثوان قليلة، فيسمع الذين يحسنون اللغة العربية هذا الصوت ويفهمون معناه في نفس الوقت. وأما الذين لا يحسنون اللغة العربية فيسمعون النداء ولكنهم لا يفهمون المعنى في نفس الوقت، فيحققون عن معنى هذه الصيحة، ولا يبعد أن تذيع وكالات الأنباء في العالم كله هذا الخبر، وتنشره إلى كل قطر على اختلاف اللغات والأديان، فيترجم لحظات، ويسمعه كل قوم بلغتهم، من الإذاعة أو التلفزيون مباشرةً، أو ممن سمع النداء في ذلك منها .

هذا .. ومن الواضح أن النبي والأئمة الطاهرين (سلام الله عليهم كانوا يراعون مستوى عقول الناس حين التحدث معهم، فالعقول - في ذلك اليوم - ما كانت تستطيع أن تدرك الوسائل الإعلامية المتوفرة في هذا اليوم، ودورها في نشر الأخبار بأقصى سرعة ممكنة، ولهذا السبب - وبناءاً على هذا الاحتمال الأول - اكتفى الإمام الصادق (عليه السلام) بقوله : يسمعه كل قوم بألسنتهم ولم يصرّح بكيفية ذلك بأكثر من هذا ... والله العالم.

الاحتمال الثاني: أن يكون سماع كلَّ قوم بلغتهم بشكل إعجازي، بحيث نفس الوقت كل بلغته الخاصة به، وبدون ترجمة يسمع الجميع النداء في " وكالات الأنباء جهازاً يترجم وهذا الاحتمال ليس ببعيد لأنَّ الله على كل شيء قدير، وظهور الإمام المهدي محفوف بمثل هذه المعاجز والخوارق. بالإضافة إلى عدم استحالة هذا الاحتمال من الناحية المادية، لأننا نرى - اليوم - أن الإنسان المخلوق استطاع أن يصنع . الخطاب إلى لغات متعددة خلال ثوان قليلة، ويستخدم هذا الجهاز في الاجتماعات الدولية، حيث يضع مندوب كل دولة سماعة خاصة على أذنيه، فيسمع ترجمة كل خطاب بلغته الخاصة به.

أليس الله سبحاته بقادر على أن يُسمع البشر كلهم هذا النداء في وقت واحد، فسمعه كل قوم بلغتهم ؟! .

بلى إن الله على كل شيء قدير (وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً).

ويستفاد من مجموع الأحاديث - التي ستقرأها - أن النداءات السماوية متعددة ومتباعدة من حيث الزمان ومختلفة من حيث اللفظ والمعنى فالنداء الأول يكون في شهر رجب، والنداء الثاني يكون في شهر رمضان والنداء الثالث يكون في شهر محرم.

والظاهر من الأحاديث أن الصيحة التي لها الأهمية الكبرى، والتي تعتبر من العلائم المحتومة، هي التي تكون في شهر رمضان. وتكون هذ الصيحة - أو النداء - أعظم بشرى تزفها السماء إلى أهل الأرض، وأكبر تهديد وإنذار للطغاة الجبابرة الذين لا يعجبهم الخضوع للحق مهما كان.

ولا تستطيع أن تتصور صدى ذلك النداء في المجتمعات البشرية يومذاك، فالفرح والسرور يتجلى على وجوه المؤمنين، والقلق والارتباك والرعب والذعر يستولي على قلوب المجرمين وخاصة إذا عرفوا أنهم لا يستطيعون الهرب من سلطة ذلك الحاكم المقتدر الذي يشترك في نصرته أهل السماء قبل أهل الأرض، وتخضع لحكمه كافة مرافق الطبيعة، بل ويتصرف في ما وراء الطبيعة.

فسلام الله على رسول الله وأهل بيته الطاهرين الذين وضعوا النقاط على الحروف، وذكروا كل ما يتعلق بتلك الصيحة من العلائم، بمقدار ما كانت العقول تتحمله في ذلك العهد.

وإليك بعض الأحاديث

قال الإمام الصادق (عليه السلام): الصيحة التي في شهر رمضان تكون ليلة الجمعة لثلاث وعشرين مضين من شهر رمضان (3).

وعن أبي حمزة الثمالي أنه قال للإمام الصادق (عليه السلام): ... فكيف يكون النداء؟ .

قال: بنادي مناد من السماء أول النهار يسمعه : كل قوم بألسنتهم: «ألا : إن الحق في علي وشيعته ثم ينادي إبليس - في آخر النهار - : «الا: إن الحق في السفياني وشيعته (4) فيرتاب عند ذلك المبطلون.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) كتاب الغيبة للشيخ الطوسي ص ٢٦٦.

(۲) بحار الأنوار ج ٥٢ ص ۲۰٥ ، نقلاً عن إكمال الدين للصدوق .

(3) إكمال الدين للشيخ الصدوق ج ۲ ص ٦٥٠ .

(4) وفي نسخة افي عثمان وشيعته والظاهر أن المراد من عثمان - هنا : هو السفياني الذي اسمه: عثمان بن عليمة.

المصدر: موسوعة علامات الظهور عند الإمام الصادق (عليه السلام) والعلامة المجلسي والسيد محمد مهدي القزويني، ص209-212.

مواضيع قد تعجبك

Execution Time: 0.0582 Seconds