- السيد سامي البدري
الاساس الموضوعي الوحيد الذي يمكننا ان نعتمد لتشخيص الصادق من الكاذب من مدعي المهدوية هو المؤيدات الالهية التي تجري على يد من يدعي المهدوية بعد تصديقه للنبوة الخاتمة وحركة ابائه اوصياء النبي الخاتم، كما هو الحال مع أي مدعي للنبوة والرسالة وتختم هذه المؤيدات بظهور عيسى بن مريم الذي قص القرآن علينا خبره انه يحيي الموتى ويبرئ الا كمه والابرص.
وبهذا الاساس يقطع الطريق على كل حالة كاذبة سواء تعمد صاحبها الكذب او وقع ضحية حالة كشف عرفاني خاطئ من قبيل ما وقع للمهدي السوداني حين خيل اليه انه هو المهدي الموعود بما تجسد في خياله ان النبي قد أخبره مباشرة بانه هو حيث قال في احدى رسائله (المؤرخة قبل 16شعبان 1299هجرية:
(اخبرني سيد الوجود (صلى الله عليه وآله وسلم) باني المهدي المنتظر وخلفني عليه السلام بالجلوس على كرسيه مرارا بحضرة الخلفاء الاربعة والاقطاب والخضر عليه السلام وايدني بالملائكة المقربين والاولياء الاحياء والميتين من لدن ادم الى زماننا هذا وكذلك المؤمنين من الجن وفي ساعة الحرب يحضر معهم امام جيش سيد ال وجود صلى الله عليه وآله وسلم بذاته الكريمة وكذلك الخلفاء الاربعة والاقطاب والخضر واعطاني سيف النصر من حضرته صلى الله عليه وآله وسلم واعلمت انه لا ينصر علي معه احد ولو كان الثقلين الانس والجن ثم اخبرني سيد الوجود صلى الله عليه وآله وسلم …بانه تخرج راية من نور وتكون معي في حالة الحرب يحملها عزرائيل عليه السلام فيبثبت بها اصحابي وينزل الرعب في قلوب اعدائي فلا يلقاني احد بعداوة الا خذله الله.
فمن له سعادة صدق صدِّق باني المهدي المنتظر ولكن الله جعل في قلوب الذين يحبون الجاه النفاق فلا يصدقون حرصا على جاههم …وامرني سيد الوجود صلى الله عليه وآله وسلم بالهجرة الى ماسة بجبل قدير وامرني ان اكاتب بها جميع المكلفين امرا عاما فكاتبنا بذلك الامراء ومشايخ الدين فانكر الاشقياء وصدق الصديقون …وقد اخبرني سيد الوجود صلى الله عليه وآله وسلم بانه من شك في مهديتك فقد كفر بالله ورسوله كررها ثلاث مرات، وجميع ما اخبرتكم به من خلافتي على المهدية الخ فقد اخبرني به سيد الوجود عليه السلام يقظة في حال الصحة خاليا من الموانع الشرعية لا بنوم ولا جذب ولا سكر ولا جنون[1]).
وقال في رسالة اخرى (…فلولا اني على نور من الله وتأييد من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما قدرت على شيء ولا ساغ لي ان احكي شيئا، وما اخبرت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بما اخبرت الا بأمر من رسول الله وقد اخبرني صلى الله عليه وآله وسلم بإخبار ليست عند الاولياء ولا عند العلماء وليكن معلوما عندكم اني لا افعل شيئا الا بأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم او ملك الالهام مأذونا من النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقد اخبرني صلى الله عليه وآله وسلم ان الامة تهتدي بي بدون المشقة التي حصلت له صلى الله عليه وآله وسلم، واني مخلوق من نور عنان قلبه صلى الله عليه وآله وسلم وبشرني صلى الله عليه وآله وسلم ان اصحابي كأصحابه وان عوامهم لهم رتبة عند الله كرتبة الشيخ عبد القادر الجيلاني[2]).
فالملاحظ على فقرات الرسالتين هو انحصار الادلة على صدق مدعي المهدية الذاتية وليس الموضوعية مضافا الى عدم تحقق ما اخبر به من النصر المؤزر لحركته.
ان المهدي على التصور الشيعي انسان مشخص وهو ابن الحسن العسكري ولد سنة 255 هجرية وعايش اهل الارض من القرن الثالث الهجري والى القرن الخامس عشر الهجري والى ما شاء الله فلا بد له ان يثبت ذلك بطريقة موضوعية وهي اما جريان المعجزات على يده وقد جرت المعجزات على يد اصف بن برخيا وزير سليمان ولم يكن اصف نبيا وذلك حين احضر عرش ملكة سبأ باقل من لمح البصر:
(قَالَ يَا أَيُّهَا المَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ * قَالَ عِفْريتٌ مِنْ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ … * قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنْ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ) النمل/38-40.
والطريقة الاخرى هي ان يستخدم طرقا اعتيادية تكشف عن عمر صاحبها وهويته من قبيل ان يخبر اهل لندن انه مر من بلادهم في القرن العاشر الميلادي ووضع رسالة بخط يده على رق غزال في المنطقة الفلانية وكانت في ذلك الوقت مكتبة المدينة ولكنها اندثرت بفعل عوامل مختلفة ثم يخاطب الانكليز بإمكانكم الحفر عدة امتار لتعثروا على مكتبتكم المندثرة وفيها وثائق تعتزون بها وبإمكانهم ان تفتحوا اللفافة الفلانية لتجدوا رسالتي اليكم وهذه نسخة ثانية منها، وبنفس الاسلوب يخاطب الروس او الايرانيين او العرب او الصينيين وغيرهم ممن تعمر به الارض عند ظهوره، ولا بد انه يطرح هذا الطلب بما يكشف عن درايته وعلمه بالحلقات المفقودة العزيزة في كل بلد من اجل ان يحرك اهل كل بلاد نحو التنقيب لكشف الحقيقة ولا بد ان يطرحها من موقع قوي من قبيل بعد ان يحقق النجاح في دولة ظهوره فيكون ادعائه و طلبه من موقع رئيس دولة ادعى واقوى واكثر اثارة وغرابه حيث لو ظهر سنة 1455هجرية -2034 ميلادية سيدعي انه محمد بن الحسن العسكري وان عمره مثلا 1200 سنة وهو بمنظر ابن الثلاثين وبالتأكيد سوف يتبادر الى اذهان السياسيين آنذاك ان هذا الرئيس قد جن او اصيب بالخرف ولكنهم حين يسمعون منه دعواه وطلبه وتحمله نفقات التنقيب ونتائج اثارية يقدرها علماء اثار كل بلد يتحول الموفق لصالحه ويتحرك الاخرون لاختبار الدعوى.
موقع ديني مختص في مسائل الإمام المهدي (عج) تابع لشعبة البحوث والدراسات - ق. الشؤون الدينية - الأمانة العامة للعتبة الحسينية المقدسة