عن الفضل بن شاذان، عن معمر بن خلّاد، عن أبي الحسن (عليه السلام)، قال: «كأنّي برايات من مصر مقبلات، خضر، مصبغات، حتّى تأتي الشامات فتهدى إلى ابن صاحب الوصيات»(١).
وعن علي بن أسباط، عن الحسن بن الجهم، قال: سأل رجل أبا الحسن (عليه السلام) عن الفرج، فقال: «تريد الإكثار أم أجمل لك»؟ قال: بل تجمل لي، قال: «إذا ركزت رايات قيس بمصر، ورايات كندة بخراسان»(٢).
في الملاحم والفتن لابن طاووس بإسناده عن نعيم عن سعيد أبي عثمان، عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إذا بلغ العباسي خراسان طلع من المشرق (القرن ذو الشفا)، وكان أول ما طلع أمر الله بهلاك قوم نوح غرقهم الله، وطلع في زمن إبراهيم حيث ألقوه في النار، وحين أهلك الله فرعون ومن معه، وحين قتل يحيى بن زكريا، فإذا رأيتم ذلك فاستعيذوا بالله من شرّ الفتن، ويكون طلوعه بعد انكساف الشمس والقمر، ثمّ لا يلبثون حتّى يظهر الأبقع بمصر»(٣).
بيان ينبغي الالتفات إليه:
ماذا نفهم من كلمة (القرن ذو الشفا) الخبر ورد في الملاحم والفتن لابن حماد باب ٦٢ من خلال القرائن التي ذكرت في الخبر قد نفهم أنّ هلاك قوم نوح (عليه السلام) كانت له بوادر ومقدمات منها طلوع (القرن ذو الشفا).
وكلمة طلوع في سياق النص يعود إلى نجم أو كوكب وما شابه في طلوعه كان هلاك قوم نوح (عليه السلام).
ثمّ هلاك النمرود لمّا ألقى إبراهيم (عليه السلام) في النار، فكان هناك طلوع لذلك القرن.
ثمّ في هلاك فرعون كان له طلوع.
ثمّ حين قتل يحيى (عليه السلام) كان للقرن طلوع.
إذن هذا النص يقدّم لنا اسماً جديداً أنّه (المذنب ذو الشفا) أي إنه ذا طرفين، وظهوره أيضاً في آخر الزمان.
وفي الملاحم لحماد: إذا اجتمع الترك والروم وخسف بقرية بدمشق وسقط طائفة من غربي مسجدها رفع بالشام ثلاث رايات: الأبقع والأصهب والسفياني، ويحصد بدمشق رجل فيقتل ومن معه، ويخرج رجلان من بني أبي سفيان فيكون الظفر للثاني، فإذا أقبلت مادة الأبقع(٤) من مصر ظهر السفياني بجيشه...( ٥).
وهناك أخبار أخرى تحكي عن الأحداث التي تسبق ظهور الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) في مصر، من ذلك:
(لا يظهر المهدي (عليه السلام) حتّى يسيطر الكفار على نيل مصر، ويكون من أنصاره النجباء من مصر.
ويحكم مصر رجل أخنس فيغلب على ملكه فيفر ويأتي بالروم إلى مصر وذلك أوّل الملاحم.
ويخرج أهل المغرب إلى مصر قرب خروج السفياني ويخرج قبل ذلك من يدعو لآل محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم).
ويكون أهل المغرب بالشام فيخرج السفياني ويردهم إلى مصر، ويأتي أنصارٌ للأبقع من مصر فيغلبه السفياني.
وإذا ظهر الأبقع مع قوم ذوي أجسام فتكون بينهم ملحمة عظيمة، وإذا اختلفت كلمتهم - كلمة أصحاب الرايات السود - وطلع القرن ذو الشفا لم يلبثوا إلّا يسيراً حتّى يظهر الأبقع بمصر، يقتلون الناس حتّى يبلغوا إرم، ثمّ يثور المشوّه عليه فتكون بينهما ملحمة عظيمة)(٦).
أقول: إنّ اختلاف كلمتهم ربما هي إشارة إلى اختلاف أهل الشام، وبذلك تكون الرايات الثلاث.
وفي كتاب الفتن لنعيم بن حماد، بإسناده عن ابن الحنفية، قال: (إذا ظهر السفياني على الأبقع دخل مصر، فعند ذلك خراب مصر)( ٧).
وفيه بإسناده عن كعب، قال: (لتفتنّ مصر كما تفتّ البعرة).
إذا صحّ الخبر فإنّ مصر تكون معرضاً لجيوش قادمة من المغرب ومن الشرق، لأنّ الرايات الثلاث - الأصهب، والأبقع والسفياني - مصدرها الشام والاقتتال يكون في دمشق وحواليها ويمتد إلى فلسطين، ولمّا تكون الغلبة للسفياني يتَّجه إلى مصر، وهكذا يغزو العراق والحجاز، ويكون الخراب والقتل ديدنه، فما ورد في شأن الأبقع أنّه يخرج في مصر، أنّه خروج أنصاره ومؤيديه منها وإلّا فإنّ حركته في الشام، على أنّ بعض الروايات صرَّحت أنّ الأبقع أصله من مصر، ولا ينافي أن تكون حركته من الشام ومؤيدوه من مصر.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) الإرشاد للمفيد: ٢/٣٧٥.
(٢) المصدر نفسه: ٢/٣٧٥؛ الغيبة للطوسي: ص٤٤٨؛ إعلام الورى: ص٤٢٩.
(3) الملاحم والفتن لابن طاووس: ص١٠٣؛ عقد الدرر: ص١٠٩، باب ٦٣، ح٧٥.
(٤) مادة الأبقع: أنصاره.
(٥) ملاحم ابن حماد: ص٧٦.
(٦) الفتن لابن حماد: ص٧٦ و٧٨.
(٧) الفتن، نعيم بن حماد: ص١٧٤، لهبة الله بن أبي محمد الحسن الموسوي، المعاصر للعلامة، معارج اليقين في أصول الدين، للشيخ محمد السبزواري: ص٣٩٧.
موقع ديني مختص في مسائل الإمام المهدي (عج) تابع لشعبة البحوث والدراسات - ق. الشؤون الدينية - الأمانة العامة للعتبة الحسينية المقدسة