هل الإمام المهدي مجرد "بشارة نبوية مستقبلية" أو أن يكون "موجوداً حياً وحاضراً" الآن ؟

, منذ 1 يوم 77 مشاهدة

لو سألنا هذا السؤال ، وهو : ما هو الفرق بين أن يكون الإمام المهدي مجرد "بشارة نبوية مستقبلية" أو أن يكون "موجوداً حياً وحاضراً" الآن ؟ ، مع عرض الأدلة القرآنية والحديثية والكلامية، وردّ الشبهات:

الإمام المهدي: بين البشارة النبوية والوجود الفعلي الحاضر

المقدمة

من القضايا الكبرى التي دار حولها النقاش بين المدارس الإسلامية: هل الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) مجرّد وعد وبشارة نبوية سيولد في آخر الزمان، أم أنّه موجود بالفعل منذ ولادته ويعيش بين الناس بغيبة إلهية حتى يأذن الله بظهوره؟

المسألة ليست فرعية، بل ترتبط بأصل الإمامة، وبتفسير سنّة الله في إقامة الحجة على العباد، كما ترتبط بمفهوم "القيادة الإلهية المستمرة".

أولاً: البشارة النبوية بالإمام المهدي

لا خلاف بين المسلمين، شيعة وسنة، أنّ النبي ﷺ بشّر بالأمة بظهور رجل من عترته في آخر الزمان، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعد أن ملئت ظلماً وجوراً.

قال النبي ﷺ: «لو لم يبقَ من الدنيا إلا يوم، لطوّل الله ذلك اليوم حتى يبعث فيه رجلاً مني أو من أهل بيتي، يواطئ اسمه اسمي، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً» (رواه أبو داود والترمذي وغيرهما).

إذن أصل الفكرة ثابت بالاتفاق: هناك مهدي موعود من أهل البيت.

ثانياً: هل هو سيولد لاحقاً أم أنه موجود الآن؟

المدرسة الإمامية تذهب إلى أنّ المهدي (عج) قد وُلد بالفعل سنة 255هـ، وهو محمد بن الحسن العسكري، وهو حيّ إلى اليوم بقدرة الله، غائب عن الأنظار حتى يأذن له بالظهور. بينما ترى مدارس أخرى أنّه لم يولد بعد، وسيأتي في المستقبل.

أدلة الإمامية على وجوده الحالي:

1- سنّة الله في الأرض: وجود حجّة دائمة

القرآن الكريم يصرّح: ﴿يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ﴾ (الإسراء: 71).

والحديث في صحيح مسلم 3: 1478/ كتاب الامارة ينقل قول رسول الله (صلى الله عليه وآله): (من مات وليس في عنقه بيعة مات ميته جاهلية).

وهذا يدل أنّه لا يخلو زمان من إمام قائم لله بالحجّة. فلو قلنا إن المهدي لم يولد بعد، فهذا يعني وجود فراغ في سلسلة الإمامة، وهو خلاف نصوص الشريعة.

2- النصوص على ولادة المهدي

روى الصدوق والطوسي وغيرهما أخباراً متواترة أنّ الإمام العسكري (عليه السلام) قد نصّ على ابنه محمد المهدي.

بل حتى في كتب بعض علماء السنة إشارات إلى أنّه محمد بن الحسن، مثل تصريح ابن عربي في الفتوحات بأنّ المهدي هو محمد بن الحسن العسكري.

3- فلسفة الغيبة

الغيبة ليست أمراً غريباً في سنّة الله، فقد غاب أنبياء وأولياء سابقون:

نبي الله يوسف (ع) غاب عن أهله سنين طويلة.

نبي الله موسى (ع) غاب عن قومه أربعين ليلة.

نبي الله عيسى (ع) رُفع ولم يُقتل، وهو حيّ عند الله.

إذن غيبة الإمام المهدي لا تخرج عن سنن الله في أوليائه.

4- الحكمة في وجود إمام حيّ

استمرار الاتصال الروحي بين الأمة والحجة الإلهية.

ضمان بقاء الشريعة مصونة من التحريف، إذ إن الإمام وإن كان غائباً عن الأنظار إلا أنه حاضر بتدبيره الإلهي.

إعداد النفوس لاستقباله، كما أعدّت الغيبة الصغرى الأرضية للغيبة الكبرى.

ثالثاً: الرد على شبهة أنّه "مجرد بشارة"

البعض يقول: "المهدي مجرد بشارة مستقبلية" مثل بشارات الأنبياء السابقة. والجواب:

الفرق بين البشارة بظهور شخص لم يولد بعد، وبين استمرار سلسلة الإمامة التي لا تنقطع. فالإمامة عند أهل البيت أصل إلهي لا يخلو منه زمان.

البشارة لا تعني تعطيل وجود الحجة، بل هي إعلام الأمة بأن الحجة موجود، وسيظهر متى شاء الله.

القول بأنه لم يولد بعد يناقض الحديث المتواتر عن "إمام زمانك"؛ لأننا لو كنا بلا إمام حاضر، للزم أن نموت كلنا ميتة جاهلية!

رابعاً: وجوده الحاضر في كلمات العلماء

الشيخ المفيد: " إنا وجدنا الشيعة الإمامية فرقة قد طبقت الأرض شرقا وغربا مختلفي الآراء والهمم، متباعدي الديار لا يتعارفون، متدينين بتحريم الكذب، عالمين بقبحه، ينقلون نقلا متواترا عن أئمتهم عليهم السلام عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه: أن الثاني عشر يغيب غيبة يرتاب فيها المبطلون ويحكون أن الغيبة تقع على ما هي عليه، فليس تخلو هذه الأخبار أن تكون صدقا أو كذبا، فان كانت صدقا فقد صح ما نقول، وان كانت كذبا استحال ذلك، لأنه لو جاز على الإمامية وهم على ما هم عليه لجاز على سائر المسلمين في نقلهم معجزات النبي صلى الله عليه وآله مثل ذلك، و لجاز على سائر الأمم والفرق مثله، حتى لا يصح خبر في الدنيا، وكان ذلك إبطال الشرائع كلها.." (رسائل في الغيبة - الشيخ المفيد ج 2   ص 11).

الخاتمة

الإمام المهدي ليس مجرد بشارة مستقبلية، بل هو حقيقة إيمانية قائمة:

بشّر به النبي ﷺ،

وولد بالفعل في بيت الإمامة،

وهو غائب عن الأنظار لكنه حاضر بالتدبير،

ووجوده ضمان لاستمرار الحجة والرحمة الإلهية.

إذن فالمهدي حيّ موجود بيننا، ينتظر أمر الله في الظهور، ليقيم العدل الإلهي الموعود.

مواضيع قد تعجبك

Execution Time: 0.0562 Seconds