هل الامام المهدي (عج) في غير هذا العالم ؟

, منذ 2 سنة 486 مشاهدة

ينطلق السؤال من فرضية خاطئة تتصور غيبة الأمام المهدي (عليه السلام) وكأنها خروج من عالم الشهود إلى عالم الغيب ومن عالم المادة إلى عالم المجردات، أو أن الله رفعه إليه كما رفع عيسى بن مريم (عليه السلام)، فهو يعيش في السماء لا في الأرض، ومن يدعي أن الامام يعيش في جنة برزخية أو ما شابه فكلمة برزخية في تدل على أنه يعيش بين الحياة والموت، إي لا هو ميت كالأموات ولا هو حي كالأحياء، وهذا تصور يبتعد كثيراً عن فهم شخصية الأمام المهدي الطبيعية وفلسفة غيبته عن الانظار، فالإمام المهدي (عليه السلام) وهو محمد بن الحسن العسكري (عليه السلام) ولد عام 255 للهجرة في سامراء وهو مازال حيا يرزق.

وقد امد الله في عمره الشريف حتى يأتي اليوم الذي يأذن له بالظهور فيملا الأرض قسطاً وعدلاً بعد أن ملئت ظلماً وجوراً، فهو أنسان طبيعي وإن طال عمره الشريف، فكما أن طول عمر نوح لم يخرجه عن بشريته كذلك طول عمر الامام المهدي لا يخرجه عن سنن الحياة الطبيعية، فهو عايش معنا في هذه الحياة ويتفاعل مع جميع احداثها، وليس منعزلاً عن دنيانا وما يصيبنا فيها، بل يحزن لحزن شيعته ويفرح لفرحهم، فكما يخاف على شيعته يخاف شيعته عليه من حوادث الزمان فيسألون الله له الحفظ والسلامة، ويتصدقون باسمه ويدعون الله له بالحفظ والنصر والسلامة كما في دعاء الفرج، (اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن صلواتك عليه وعلى أبائه في هذه الساعة وفي كل ساعة من ساعات الليل والنهار وليا وحافظا وقائدا وناصرا ودليلا وعينا حتى تسكنه أرضك طوعا وتمتعه فيها طويلا برحمتك يا أرحم الراحمين)، وفي دعاء الندبة الكثير من المقاطع التي تؤكد خوف شيعته عليه مثل القول: (بأبي أنت وأمي ونفسي لك الوقاء والحمى..) والقول: (ليت شعري أين استقرت بك النوى بل أي أرض تقلّك أو ثرى، أبرضوى أم غيرها أم ذي طوى.. عزيز علي أن أرى الخلق ولا ترى، ولا أسمع لك حسيساً ولا نجوى.. عزيز علي أن تحيط بك دوني البلوى ولا ينالك مني ضجيج ولا شكوى..).

ومن الضروري الابتعاد عن التصورات المثالية في فهم قضية الامام المهدي لأنها تهدف في العادة إلى التنصل من المسؤوليات بوصفه قضية غيبية وخارجة عن الشروط الطبيعية وبالتالي لا دور لنا غير الانتظار السلبي، بينما التصورات المنسجمة مع الأسباب الطبيعة وشروط الواقع هي التي تحملنا مسؤولية الانتظار الإيجابي والتمهيد لظهوره الشريف، فما نعتقد به هو أن الأمام المهدي (عليه السلام) حي يرزق في الأرض يعيش بكامل الظروف الحياتية الطبيعية التي يعيشها الإنسان في الأرض، ولم يستثنى من ذلك سواء عمره الطويل لما تقضيه الحكمة الإلهية من ابقائه حياً إلى يومه الموعود، أما سائر السنن الأخرى فتجري عليه كما كانت تجري قبل غيبته، وكما كانت تجري أيضاً على حياة آبائه المعصومين (عليهم السلام).

مواضيع قد تعجبك

Execution Time: 0.0563 Seconds