الإمام المهدي (عج) في القرآن الكريم

, منذ 2 سنة 329 مشاهدة

الشيخ محمد هادي معرفت
جلّ ما ورد بشأن المهدىّ (عج) في القرآن الكريم، هي من دلالة باطن الآية الذى هو تأويلها دون تنزيلها.
قال رسول الله (ص): «ما في القرآن آية إلاّ و لها ظهر و بطن»
سُئل الإمام ابو جعفر محمد بن على الباقر (ع) عن ذلك، فقال: «ظهرُها تنزيلها و بطنها تأويلها».
و البطن و التأويل، عبارة عن المفهوم العام المنتزع عن الآية، بعد إلغاء الخصوصيّات المكتنفة، لتصبح الآية صالحة للإنطباق على موارد مشابهة لمورد النزول، على مرّ الأيّام. الأمر الذى ضمن للقرآن بقاءه و شموله مع الخلود.
نعم ان للقرآن دلالة بحسب ظاهره، مما يرتبط و شأن نزول الآية. و دلالة اخرى عامة صالحة للانطباق على الموارد المشابهة حسبما يأتي من زمان. و بذلك أصبح القرآن حيّاً مع الأبد، و كان شفاء للناس و دواءً لأدوائهم في مختلف الازمان و العصور.
فمن الآيات التي ورد تأويلا بشأن المهدى ـ (عج) ـ قوله تعالى:
(و نريد أن نمنّ على الذين استضعفوا في الأرض و نجعلهم أئمَّة و نجعلهم الوارثين و نمكّن لهم في الأرض)
هذه الآية نزلت بشأن قصّة فرعون و موسى و بنى اسرائيل.
و لكنّها عامة، إنها سنة الله جرت في الخلق، أنّ الله تعالى سوف يأخذ بيد المستضعفين ليرفعهم على المستكبرين، و يورثهم ارضهم و ديارهم.
ففي حديث مفضَّل بن عُمَر، قال: سمعت ابا عبدالله (ع) يقول: انّ رسول الله (ص) نظر الى علىّ و الحسن و الحسين (ع) فبكى، وقال: أنتم المستضعفون بعدى.
قال المفضَّل: قلت: ما معنى ذلك؟ قال: معناه أنكم الأئمة بعدى ، انّ الله عزّوجلّ يقول: (و نريد ان نمنّ على الذين استضعفوا في الأرض و نجعلهم أئمة و نجعلهم الوارثين)قال (ع): فهذه الآية جارية فينا الى يوم القيامة.
و في نهج البلاغة: «لتعطفنّ الدنيا علينا بعد شماسها عطف الضروس على ولدها. و تلا عقيب ذلك: (و نريد أن نمنّ على الذين استضعفوا في الأرض و نجعلهم أئمة و نجعلهم الوارثين)
الشماس: مصدر شمس الفرس، اذا منع من ظهره.
و الضروس: الناقة السيّئة الخلق تعضّ حالبها، عطفا على ولدها.

قال ابن ابى الحديد: و الأمامية تزعم أن ذلك وعد منه بالإمام الغائب الذى يملك الارض فى آخر الزمان. و اصحابنا يقولون: إنه وعد بإمام يملك الأرض و يستولى على الممالك، و لا يلزم ان يكون موجوداً. بل يكفى في صحة هذا الكلام أنه يخلق في آخر الوقت.
قلت، فقد اتفقت الكلمة بأن في الآية وعداً بإمام يملك الارض و يستولى على البلاد، قبل ان تقوم الساعة. إنما الإختلاف في أنه موجود الآن أم سوف يولد لوقته. لكنه من ولد على (ع) على أي حال.
(و لقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أنّ الأرض يرثها عبادي الصالحون)

و المراد من الزبور: زبور داود، جاء في سورة النساء (4: 163) و الإسراء (17: 55): (و آتينا داود زبوراً).
و هو: كتاب المزامير، الوارد ضمن كتاب العهد القديم. جاء فيه:
«كُفّ عن الغضب و اترك السُّخط، و لا تَفَرْ لفعل الشّر، لان عاملى الشرّ يُقطعون» (8 ـ 9).
«و الذين ينتظرون الربّ هم يرثون الأرض».
«اما الوُدَعاء فيرثون الأرض و يتلذّذون فى كثرة السلامة».
«لان المباركين منه يرثون الارض، و الملعونين منه يُقطعون».
«الصدّيقون يرثون الأرض و يسكنونها الى الأبد» 
و هكذا جاء في سورة النور (24: 55):
(وعد الله الذين آمنوا منكم و عملوا الصالحات ليستخلفنّهم في الارض كما استخلف الذين من قبلهم و ليمكّننّ لهم دينهم الذى ارتضى لهم و ليبدّلنّهم من بعد خوفهم أمناً يعبدونني لا يشركون بي شيئاً)
و هذا الوعد بالتمكين في الأرض بصورة مستوعبة و مستمرة مع الأبد، لم يتحقق للامّة المسلمة في أي وقت، سوى أنه وعد حتم يتحقق بظهور المهدى المنتظر(عج).

مواضيع قد تعجبك

Execution Time: 0.1413 Seconds