قصة لقاء السيد بحر العلوم مع الإمام المهدي (عج)

, منذ 4 شهر 423 مشاهدة

يقول الشيخ عباس القمي (رحمه الله) حدَّثني السيِّد السند، والعالم المعتمد، المحقِّق الخبير، والمضطلع البصير، السيِّد عليٌّ سبط السيِّد بحر العلوم (أعلى الله مقامه) مصنِّف (البرهان القاطع في شرح النافع)، عن الورع التقيِّ النقيِّ الوفيِّ الصفيِّ السيِّد مرتضـى صهر السيِّد (أعلى الله مقامه) على بنت أُخته، وكان مصاحباً له في السفر والحضـر، مواظباً لخدماته في السرِّ والعلانية، قال: كنت معه في سرُّ من رأى في بعض أسفار زيارته، وكان السيِّد ينام في حجرة وحده، وكان لي حجرة بجنب حجرته، وكنت في نهاية المواظبة في أوقات خدماته بالليل والنهار، وكان يجتمع إليه الناس في أوَّل الليل إلى أنْ يذهب شطر منه في أكثر الليالي.

فاتَّفق أنَّه في بعض الليالي قعد على عادته، والناس مجتمعون حوله، فرأيته كأنَّه يكره الاجتماع ويُحِبُّ الخلوة، ويتكلَّم مع كلِّ واحدٍ بكلام فيه إشارة إلى تعجيله بالخروج من عنده، فتفرَّق الناس ولم يبقَ غيري، فأمرني بالخروج، فخرجت إلى حجرتي متفكِّراً في حالته في تلك الليلة، فمنعني الرقاد، فصبرت زماناً، فخرجت متخفّياً لأتفقَّد حاله، فرأيت باب حجرته مغلقاً.

فنظرت من شقِّ الباب وإذا السـراج بحاله وليس فيه أحد، فدخلت الحجرة، فعرفت من وضعها أنَّه ما نام في تلك الليلة، فخرجت حافياً متخفِّياً أطلب خبره وأقفو أثره، فدخلت الصحن الشـريف فرأيت أبواب قبَّة العسكريين مغلقة، فتفقَّدت أطراف خارجها فلم أجد منه أثراً، فدخلت الصحن الأخير الذي فيه السرداب فرأيته مفتَّح الأبواب.

فنزلت من الدرج حافياً متخفِّياً متأنِّياً بحيث لا يسمع منّي حسٌّ ولا حركة، فسمعت همهمة من صُفَّة السرداب، كأنَّ أحداً يتكلَّم مع الآخر ولم أُميِّز الكلمات إلى أنْ بقيت ثلاثة أو أربعة منها، وكان دبيبي أخفى من دبيب النملة في الليلة الظلماء على الصخرة الصمّاء، فإذا بالسيِّد قد نادى في مكانه هناك: يا سيِّد مرتضى ما تصنع؟ ولِـمَ خرجت من المنزل؟

فبقت متحيِّراً ساكتاً كالخشب المسندة، فعزمت على الرجوع قبل الجواب، ثمّ قلت في نفسي: كيف تخفى حالك على من عرفك من غير طريق الحواسِّ؟! فأجبته معتذراً نادماً، ونزلت في خلال الاعتذار إلى حيث شاهدت الصُّفَّة.

فرأيته وحده واقفاً تجاه القبلة ليس لغيره هناك أثر، فعرفت أنَّه يناجي الغائب عن أبصار البشر (عليه سلام الله المَلِك الأكبر)..

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

تاريخ الإمام الثاني عشر (عجَّل الله فرجه) من كتاب منتهى الآمال في تواريخ النبي والآل (عليهم السلام).

تأليف: الشيخ عباس القمي (قدّس سرّه).

مواضيع قد تعجبك

Execution Time: 0.0780 Seconds