هل اليماني هو قائم آل محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) أم هو قائد عسكري ؟

, منذ 6 شهر 276 مشاهدة

إنَّ قول الإمام الصادق (عليه السلام): (كلّ راية تُرفَع قبل قيام القائم فصاحبها طاغوت يُعبَد من دون الله عز وجل) غير ناظر إلى راية اليماني ونحوها بأن نقول:

إنَّ المراد بالرايات التي أصحابها طواغيت يُعبَدون من دون الله تعالى هي الرايات المضادّة لدعوة الإمام المهدي عليه السلام كراية السفياني وما شاكلها، أو الرايات المجهولة التي لا يُعلَم صدق أصحابها، فإنَّ أصحابها طواغيت يُعبَدون من دون الله وإن كانوا في ظاهرهم يَدْعون إلى الحقِّ.

وأمَّا الرايات التي نصَّ الإمام المعصوم عليه السلام على أنَّها رايات هدى كراية اليماني والخراساني، وأخبر أنَّ أصحابها سيقومون بنصرة الإمام المهدي عليه السلام على عدوّه، وإعانته في دعوته، وكشف لنا عن أنَّهم صادقون في دعوتهم، وأنَّهم لا يريدون بنصرتهم شيئاً من أغراض الدنيا، فإنَّ راياتهم لا شكَّ في أنَّها غير مرادة برايات الضلال المذمومة، ولا شكَّ في أنَّ هؤلاء الرجال لا يمكن أن يكونوا طواغيت يُعبَدون من دون الله تعالى.

وبتعبير آخر أقول: إنَّ هذه الرايات غير داخلة في عموم قوله عليه السلام: (كلّ راية تُرفَع قبل قيام القائم فصاحبها طاغوت يُعبَد من دون الله عز وجل)؛ لأنَّها منصوص على أنَّها رايات هدى، فتكون مخصِّصة لذلك العموم، بل هي خارجة تخصّصاً؛ لأنَّ راية الهدى لا يمكن أن يكون صاحبها طاغوت يُعبَد من دون الله، وهذا يفيدنا بأنَّ الحديث ناظر إلى رايات الضلال الأُخرى التي لم يُنَصّ على أنَّها رايات هدى.

إذا عرفت ذلك يتَّضح بطلان ما قاله عبد الرزّاق الديراوي من أنَّ راية اليماني وراية القائم عليه السلام راية واحدة، بل هما رايتان مختلفتان، إحداهما تدعو إلى الأُخرى.

واليماني قائد عسكري، يكون خروجه علامة على قرب ظهور الإمام القائم عليه السلام، الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ورد ذلك متواتراً في الأحاديث التي رواها الشيعة وأهل السُّنَّة من غير خلاف بينهم في ذلك.

والمطَّلع على روايات أهل البيت عليهم السلام وغيرهم يجد أنَّها دالّة على أنَّ اليماني يخرج قبل قيام القائم عليه السلام بأشهر، ويكون خروجه علامة على قرب الظهور المقدَّس، وأنَّ اليماني ينصر الإمام المهدي عليه السلام، ويُمهِّد له، وأنَّه يخرج من اليمن، وأمَّا القائم عليه السلام فيخرج من مكّة المكرَّمة، وغير ذلك من وجوه الافتراق التي تورث القطع بأنَّ اليماني رجل آخر مختلف تماماً عن الإمام القائم مهدي هذه الأُمَّة عليه السلام، ومع ذلك فأنا لا أتعجَّب من هؤلاء القوم الذين ينكرون الواضحات، ويجادلون في البديهيات، ويردّون المتواترات، وينكرون الحقّ الواضح وهم يعلمون.

ثمّ إنَّ راية اليماني إنَّما استحقَّت أن تكون راية هدى؛ لأنَّ اليماني يَدْعو إلى الإمام المهدي عليه السلام، ولا يَدْعو إلى نفسه، وفي الحديث الذي جعله اﻟﮕﺎطع وأنصاره أعظم حجَّة لهم، وهو حديث الإمام الباقر عليه السلام ورد قوله: (وليس في الرايات راية أهدى من راية اليماني، هي راية هدى؛ لأنَّه يَدْعو إلى صاحبكم)(1).

ومن الواضح أنَّ المراد بقوله: (لأنَّه يَدْعو إلى صاحبكم) أنَّه يَدْعو إلى صاحب الأمر عليه السلام، ولو كان اليماني هو الإمام القائم عليه السلام لما صحَّ مثل هذا التعبير، ولما صحَّ التعليل بذلك؛ لأنَّه على ما قاله الديراوي من اتّحاد شخصية اليماني والقائم عليه السلام يكون معنى هذه الفقرة هو أنَّ علَّة كون راية اليماني أهدى الرايات أنَّه يَدْعو إلى نفسه، وهذه علَّة غير صحيحة؛ لأنَّ جميع أصحاب الرايات يَدْعون إلى أنفسهم، فكيف صارت راية اليماني راية حقّ من دون سائر الرايات؟!

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الغيبة للنعماني: ٢٦٤.

المصدر : الردّ الساطع على ابن گاطع  ـ تأليف: الشيخ علي آل محسن

مواضيع قد تعجبك

Execution Time: 0.1565 Seconds