لماذا قلوب الشيعة متعلقة بصاحب الزمان رغم أنهم لم يروه ولم يسمعوه؟

, منذ 3 يوم 194 مشاهدة

إن تعلق قلوب الشيعة بصاحب الزمان الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) يمثل ظاهرة روحية فريدة تجمع بين الإيمان العميق والرجاء المستمر. هذا الارتباط القلبي قائم على أسس عقائدية وروحية ونفسية، تتجاوز حدود الرؤية الحسية المباشرة، ويمكن تلخيصها في عدة محاور:

1. الإيمان بالغياب والغيبيات

الشيعة يؤمنون بأن الإمام المهدي موجود على أرض الواقع، لكنه غائب عن الأنظار. هذا الاعتقاد بالغياب ليس مجرد مفهوم نظري، بل هو تجربة روحانية تعلّم الإنسان الثقة بالغيبيات، والصبر على طول الانتظار، والإيمان بالحقائق التي لا يلمسها بالحواس. فالإيمان بالغيبيات يرفع الإنسان عن التعلق بالمظاهر وحدها، ويزرع فيه روح الرجاء والصبر.

2. المحبة المبنية على النصوص والروايات

ارتباط الشيعة بالمهدي ليس عاطفة عابرة، بل محبة مبنية على نصوص دينية وروايات موثوقة عن الأئمة (عليهم السلام). هذه الروايات تصف صفاته، وعظمته، وأعماله في إصلاح العالم، فتخلق صورة ذهنية وروحية قوية في قلب المؤمن، تعادل رؤية الشخص الحقيقي. فالمعرفة الروحية للصفات تفوق أحيانًا المعرفة الحسية، وتكون أساساً لمحبّة صادقة وعميقة.

3. الارتباط بالقيم والمبادئ

المهدي يمثل قيم العدل، والإصلاح، ورفع الظلم. الإنسان بطبيعته يميل إلى حب المبادئ العظيمة، حتى لو لم يلتقِ الشخص الذي يمثلها. ولذلك، فإن حب المهدي يرتبط بالقيم التي يمثلها، ويصبح التعلق به انعكاسًا للحب للقيم العليا التي يطمح الإنسان لتحقيقها في العالم.

4. التعلق بالرجاء والانتظار

الانتظار في عقيدة الشيعة ليس حالة سلبية، بل مدرسة روحانية تعلم الصبر، وتقوي الأمل، وتغذي روح الإيمان بالعدل الإلهي. تعلق القلوب بالمهدي الغائب يزرع في النفس الثقة بأن هناك من سيحقق العدل في النهاية، ويحوّل الانتظار إلى نشاط روحي معنوي مستمر.

5. الجانب النفسي والوجداني

الإنسان يحتاج إلى القدوة والملاذ الروحي. المحبة القلبية لا تشترط الرؤية الحسية؛ فالقلوب قادرة على الاتصال بالرموز، والتعلق بهم من خلال الدعاء، والذكر، والتأمل في صفاتهم. حب الشيعة للمهدي هو امتداد لهذا الفهم النفسي والوجداني، حيث يصبح القلب مرتبطًا بروح الإمام وقيمه، وليس بمجرد وجوده الجسدي.

الخلاصة:

تعلق قلوب الشيعة بصاحب الزمان ليس مجرد شعور عاطفي، بل هو نتاج إيمان بالغياب، ومحبة مبنية على الروايات، وتعلق بالقيم العليا، وتجربة روحية في الانتظار، واتصال وجداني بالرمز. هذا التعلق يربط الإنسان بالعدل الإلهي ويزرع فيه الصبر والأمل، ويجعل الإيمان بالغياب تجربة ثرية تتجاوز حدود الرؤية المادية.

مواضيع قد تعجبك

Execution Time: 0.0731 Seconds