مدينة البصرة ... ما هي علاقتها بالإمام المهدي (عجل الله فرجه) ؟

, منذ 1 يوم 249 مشاهدة

ورد في كتاب الغيبة للشيخ النعمانيُّ (طاب ثراه): عن يعقوب السرَّاج، قال: سمعتُ أبا عبد الله (ع) يقول: «ثلاث عشرة مدينة وطائفة يحارب القائم أهلها ويحاربونه، أهل مكَّة، وأهل المدينة، وأهل الشام، وبنو أميَّة، وأهل البصرة، وأهل دست ميسان، والأكراد، والأعراب، وضبَّة، وغني، وباهلة، وأزد، وأهل الري» [كتاب الغيبة ص307].

إذا اتَّضح هذا فلنا عدَّة تعليقات عليها، نذكرها ضمن أمور:

الأمر الأوَّل: إنَّ اللفظ الوارد في الرواية من قبيل القضية (المهملة) في علم المنطق، والذي يصدق على (البعض) فقط، كما لو قيل: (الطلَّاب مجدُّون)، فيُحتمل فيها الكل كما يُحتمل البعض، والقدر المتيقَّن هو البعض. وعليه، يكون المراد من قوله (ع): (أهل البصرة) بعض أهل البصرة وليس كلهم، والقرينة على هذا الفهم ما سوف يأتي في الأمر الثاني والثالث من وجود بعض الأنصار منهم.

الأمر الثاني: ورد في بعض الروايات أنَّ (عدداً) من أهل البصرة من أنصار الإمام الحجَّة (ع)، وهي:

1ـ روى السيِّد ابن طاووس (طاب ثراه) بسندٍ متَّصلٍ عن سلمة بن أنس، عن الأصبع بن نباتة (قال: خطب أمير المؤمنين علي (ع) خطبة، فذكر المهدي (ع) وخروج من يخرج معه وأسماءهم. فقال له أبو خالد الكلبيُّ: صِفْه لنا يا أمير المؤمنين، فقال عليٌّ (ع): «ألا إنَّه أشبه الناس خلقاً وخلقاً وحُسناً برسول الله (ص). ألا أدلُّكم على رجاله وعددهم؟» قلنا: بلى يا أمير المؤمنين، قال: سمعتُ رسول الله (ص) قال: «أوَّلهم من البصرة، وآخرهم من اليمامة». وجعل عليٌّ (ع) يُعدد رجال المهدي، والناس يكتبون، فقال: «رجلان من البصرة»...الرواية) [الملاحم والفتن ص288].

2ـ ونقل الشيخ عليُّ الحائريُّ (طاب ثراه) في النسخة الأولى من خُطبة البيان عن أمير المؤمنين (ع) أنَّه لما تولَّى الخلافة بعد الثلاثة، أتى إلى البصرة فرقى جامعها وخطب الناس خطبة تذهل منها العقول، وتقشعر منها الجلود، وفيها: «ألا وأنِّي لأعرفُ أسماءهم وأمصارهم»، فقاموا إليه جماعة من الأصحاب وقالوا: يا أمير المؤمنين، نسألك، وبابن عمِّك رسول الله (ص) أنْ تسمِّيهم بأسمائهم وأمصارهم فلقد ذابت قلوبنا من كلامك؟ فقال: «اسمعوا أبيِّن لكم أسماء أنصار القائم: إنَّ أوَّلهم من أهل البصرة، وآخرهم من الأبدال، فالذين من أهل البصرة رجلان، اسم أحدهما علي، والآخر محارب» [إلزام الناصب ج2 ص148ـ 165].

3ـ وروى المحدِّث الطبريُّ (طاب ثراه) بسنده عن سُليمان بن خالد، قال: (كنتُ عند أبي عبد الله (ع) جالساً، إذ دخل آذنه فقال: قومٌ من أهل البصرة يستأذنون عليك. قال: «كم عددهم؟» قال: لا أدري. قال: «اذهب فعدَّهم وأخبرني». قال: فلمَّا مضى الغلام قال أبو عبد الله (ع): «عدَّة القوم اثنا عشر رجلاً، وإنَّما أتوا يسألوني عن حرب طلحة والزبير»، ودخل آذنه فقال: القوم اثنا عشر رجلاً...قال: فلمَّا خرجوا، قال لي أبو عبد الله (ع): «يا سُليمان بن خالد، والله ما يتّبع قائمنا من أهل البصرة إلَّا رجلٌ واحد»...الرواية) [دلائل الإمامة ص260].

4ـ وروى أيضاً بإسناده (أنَّ الصادق (ع) سمَّى أصحاب القائم (ع) لأبي بصير فيما بعد...وفيه قوله (ع): «ومن أبلَّة، رجلان: يحيى بن بديل، وحواشة بن الفضل») [دلائل الإمامة ص٥٦٦ـ ٥٧٢]. والأبلَّة ـ كما هو واضح ـ بلدة من بُلدان البصرة.

الأمر الثالث: ورد في بعض آثار العامَّة أنَّ جملةً من أهل البصرة لهم دورٌ مهمٌ في حرب السفيانيّ وأصحابه، وهي:

2ـ وذكر المحدِّث يوسف بن يحيى المقدسيّ السلميّ عن الإمام أبي بكر محمَّد بن الحسن النقَّاش المقريّ، في تفسيره، وفيه قوله: (ثمَّ يغلب [السفيانيّ] على الكوفة، فيفتض أصحابه ثلاثين ألف عذراء، فإذا أصبحوا كشفوا شعورهنَّ، وأقاموهنَّ في السوق يبيعونهنَّ، فعند ذلك كم من لاطمةٍ خدَّها، كاشفةٍ شعرها، بدجلة أو على شاطئ الفرات. فيبلغ الخبر أهل ‌البصرة، فيركبون إليهم في البر والبحر، فيستنقذون أولئك النساء من أيديهم) [عقد الدرر في أخبار المنتظر ص147].

ومما تقدَّم يتَّضح الحال فيما جاء في كتاب شرح الأخبار للقاضي المغربيّ مما دلُّ على أنَّ جميع أهل البصرة لا يخرج منهم مَن ينصر الإمام (ع)؛ لأنك قد عرفت فيما تقدَّم من وجود بعض الأنصار من البصرة، ولذلك فلا يُمكن الأخذ به والتعويل عليه [يُنظر: شرح الأخبار ج3 ص366 ].

مواضيع قد تعجبك

Execution Time: 0.0689 Seconds