لقد وصفت الملائكة في القرآن الكريم بأنهم {كرام بررة}، فقد ورد في قوله تعالى: ﴿بِأَيْدِي سَفَرَةٍ كِرَامٍ بَرَرَةٍ﴾. [١٢] أي أن القرآن بأيدي سفرة حيث أن الملائكة سفراء الله إلى رسله بحسب اعتقاد المسلمين. ووصفهم بأنهم كرام بررة أي أن خلقهم حسن شريف وأخلاقهم وأفعالهم بارة طاهرة كاملة.
وقال السيد الطباطبائي (رضي الله عنه) : أنهم موجودات مكرمون هم وسائط بينه تعالى وبين العالم المشهود فما من حادثة أو واقعة صغيرة أو كبيرة إلا وللملائكة فيها شأن وعليها ملك موكل أو ملائكة موكلون بحسب ما فيها من الجهة أو الجهات وليس لهم في ذلك شأن إلا إجراء الأمر الإلهي في مجراه أو تقريره في مستقره كما قال تعالى لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون:" الأنبياء: - 27.[1]
وهذه الموجودات الشريفة سيكون لها دور بارز في قضية الإمام المهدي (عجل الله فرجه الشريف)، حيث ستكون من أول المساهمين في نصرته عند ظهوره المبارك.
فعن أبان بن تغلب، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) قال: كأني بالقائم (عليه السلام) على نجف الكوفة، وقد لبس درع رسول الله (عليه السلام)، فينتفض هو بها فتستدير عليه، فيغشيها بخداجة من إستبرق، ويركب فرسا أدهم بين عينيه شمراخ، فينتفض به انتفاضة لا يبقى أهل بلاد إلا وهم يرون أنه معهم في بلادهم فينشر راية رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عمودها من عمود العرش، وسائرها من نصرالله، لا يهوي بها إلى شيء أبدا إلا أهلكه الله، فإذا هزها لم يبق مؤمن إلا صار قلبه كزبر الحديد، ويعطى المؤمن قوة أربعين رجلاً ولا يبقى مؤمن ميت إلا دخلت عليه تلك الفرحة في قبره، وذلك حيث يتزاورون في قبورهم، ويتباشرون بقيام القائم فينحط عليه ثلاثة عشر آلاف ملك وثلاثمائة وثلاثة عشر ملكا.
قلت: كل هؤلاء الملائكة ؟
قال (عليه السلام): نعم الذين كانوا مع نوح في السفينة والذين كانوا مع إبراهيم (عليه السلام) حين القي في النار، والذين كانوا مع موسى حين فلق البحر لبني إسرائيل والذين كانوا مع عيسى حين رفعه الله إليه، وأربعة آلاف ملك مع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مسومين وألف مردفين وثلاثمائة وثلاثة عشر ملائكة بدريين، وأربعة آلاف ملك هبطوا يريدون القتال مع الحسين بن علي (عليهما السلام) فلم يؤذن لهم في القتال فهم عند قبره شعث غبر يبكونه إلى يوم القيامة، ورئيسهم ملك يقال له: منصور فلا يزوره زائر إلا استقبلوه ولا يودعه مودع إلا شيعوه، ولا يمرض مريض إلا عادوه، ولا يموت ميت إلا صلوا على جنازته، واستغفروا له بعد موته، وكل هؤلاء في الأرض ينتظرون قيام القائم إلى وقت خروجه[2].
وأول من يبايع الإمام المهدي (عجل الله فرجه) سيكون أحد تلك المخلوقات الشريفة وهو جبرائيل (عليه السلام)، فهو أوّل من سيبايع الإمام الحجة (عجل الله تعالى فرجه الشريف)، طبقاً للروايات التي تشير إلى ذلك، فعن أبان بن تغلب قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «أَولُ مَنْ يُبَايِعُ الْقَائِمَ عليه السلام جَبْرَئِيل[3]» .
وعن المفضل بن عمر عن أبي عبد الله (عليه السلام) في حديث طويل قال: «...فَيَبْعَثُ الله جَل جَلاَلُهُ جَبْرَئِيلَ عليه السلام حَتى يَأْتِيَهُ فَيَنْزِلَ عَلَى الْحَطِيمِ يَقُولُ: إِلَى أَيِّ شَيْءٍ تَدْعُو؟ فيُخْبِرُهُ الْقَائِمُ (عليه السلام)، فَيَقُولُ جَبْرَئِيلُ: أَنَا أَولُ مَنْ يُبَايِعُكَ ابْسُطْ يَدَكَ، فَيَمْسَحُ عَلَى يَدِه[4]...»
موقع ديني مختص في مسائل الإمام المهدي (عج) تابع لشعبة البحوث والدراسات - ق. الشؤون الدينية - الأمانة العامة للعتبة الحسينية المقدسة