هل هناك علاقة بين الامام المهدي (عليه السلام) و النبي زكريا (عليه السلام)

, منذ 10 شهر 539 مشاهدة

قد ذكر القرآن الكريم جملة من الاثار التي تبين لنا ما جرى على الانبياء (عليهم السلام) ما لاقوه من اقوامهم وتلك الاثار سنن ورثها الامام المهدي (عليه السلام) عن الأنبياء (عليهم السلام) فلا يقوم له أمر حتى يخوض تلك السنن ويعيشها ومن تلك السنن ما ورثها الامام المنتظر (عليه السلام) من النبي زكريا (عليه السلام) منها:

۱- دعوة زكريا:

دعوة زكريا : قال تعالى: ﴿ ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاء خَفِياً قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظمُ مِنّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْئًا وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيّاً * وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيّاً * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِياً له مريم ٢-٦.

إن ظروف الإمام الحسن العسكري باعتباره الوريث الوحيد للأئمة الأطهار شابهت ظروف زكريا من حيث عدم الوارث حيث كان الإمام تحت عيون السلطة بل تحميل الإقامة الجبرية والمراقبة الشديدة وهو مع هذا ينوء بهذا الحمل وهذه التركة والامانة وهي تراث الأنبياء والأوصياء فإلى من يدفع هذه التركة ؟

ومن هذا الوارث؟ ليحمل الإمانة والإمامة ناصعة فهنالك دعا الإمام (فهب لي من لدنك ولياً يرثني ويرث من آل محمد واجعله رب رضياً! فجاء النداء إنا نبشرك بغلام قدير الله أمر الإمام المهدي في حمله وولادته في ليلة واحدة، فعند ولادة القائم من آل محمد جاء الوارث الذي يرث الأنبياء جميعاً علماً وفهماً وأخلاقاً فازداد الإمام بهجة وسروراً و قال أبو محمد حين ولد الحجة : ( زعم الظلمة أنهم يقتلونني ليقطعوا هذا النسل، فكيف رأوا قدرة الله وسماه المؤمل)(1).

ومن الملاحظ ان السلطة العباسية كبست دار الإمام وكبست الدور المجاورة له لئلا يكون فيها من نساء الإمام كما فتشت داره تفتيشاً دقيقاً وختم على جميع ما فيها بختم الدولة وأوعزت السلطة إلى النساء يفتشن (2) ، ومع جواري الإمام ونساءه فمن كان بها أثر الحمل ألقي عليها القبض ذلك ﴿وَمَكَرُواْ وَمَكَرَ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ الماكِرِينَ ﴾ آل عمران ٥٤ .

٢- البشرى بالغلام:

 (يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيًّا) مريم ۷.

ذكر الكليني عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن أحمد بن محمد بن عبد الله، عن ابن مسعود، عن عبد الله بن إبراهيم الجعفري قال: سمعت إسحاق بن جعفر يقول: سمعت أبي يقول: الأوصياء إذا حملت بهم أمهاتهم أصابها فترة شبه الغشية، فأقامت في ذلك يومها ذلك إن كان نهارا، أو ليلتها إن كان ليلا، ثم ترى في منامها رجلا يبشرها بغلام عليم حليم، فتفرح لذلك، ثم تنتبه من نومها، فتسمع من جانبها الأيمن في جانب البيت صوتا يقول: حملت بخير وتصيرين إلى خير وجئت بخير أبشري بغلام حليم عليم، وتجد خفة في بدنها ثم لم تجد بعد ذلك امتناعا من جنبيها وبطنها فإذا كان لتسع من شهرها سمعت في البيت حسا شديدا، فإذا كانت الليلة التي تلد فيها ظهر لها في البيت نور تراه لا يراه غيرها إلا أبوه، فإذا ولدته ولدته قاعدا وتفتحت له حتى يخرج متربعا يستدير بعد وقوعه إلى الأرض، فلا يخطئ القبلة حيث كانت بوجهه، ثم يعطى ثلاثا يشير بأصبعه بالتحميد ويقع مسرورا مختونا ورباعيتاه من فوق وأسفل وناباه وضاحكاه ومن بين يديه مثل سبيكة الذهب نور ويقيم يومه وليلته تسيل بداه ذهبا وكذلك الأنبياء إذا ولدوا وإنما الأوصياء أعلاق من الأنبياء (3).

٣- الذرية الطيبة

(هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاء) آل عمران ۳۸.

ذكر السيد هاشم البحراني عن شرف الدين النجفي في تأويل الآيات الباهرات: عن أبي جعفر الطوسي - رحمه الله ـ كما عن رجاله، عن الفضل بن شاذان ذكره في كتابه مسائل البلدان يرفعه إلى سلمان الفارسي - رضي الله عنه - قال: دخلت على فاطمة ، والحسن والحسين يلعبان بين يديها، ففرحت بهما فرحا شديدا، فلم ألبث حتى دخل رسول الله (صلى الله عليه وآله).

فقلت: يا رسول الله خبرني بفضيلة هؤلاء لازداد حبا لهم. فقال: يا سلمان ليلة أسري بي إلى السماء أدارني جبرائيل في سماواته وجنانه، فبينما أنا أدور في قصورها وبساتينها، ومقاصيرها إذ شممت رائحة طيبة فأعجبتني تلك الرائحة، فقلت: يا حـبيبي ما هذه الرائحة التي غلبت على حبيبي روائح الجنة كلها؟

فقال: يا محمد تفاحة خلقها الله تبارك وتعالى بيده منذ ثلاثمائة ألف عام، ما ندري ما يريد بها فبينما أنا كذلك إذ رأيت ملائكة ومعهم تلك التفاحة فقالوا: يا محمد ربنا يقرئ عليك السلام، وقد أتحفك بهذه التفاحة. قال رسول الله : فأخذت تلك التفاحة فوضعتها، تحت جناح جبرائيل ، فلما هبط بي إلى الأرض أكلت تلك التفاحة فجمع الله ماءها في ظهري فغشیت خديجة بنت خويلد فحملت بفاطمة (عليها السلام) من ماء التفاحة فأوحى الله عز وجل إلي أن قد ولد لك حوراء إنسية، فزوج النور من النور: فاطمة من علي، فإني قد زوجتها في السماء، وجعلت خمس الأرض مهرها، وستخرج فيها بينهما ذرية طيبة وهما سراجا أهل الجنة الحسن والحسين، ويخرج من صلب الحسين أئمة يقتلون ويخذلون، فالويل لقاتلهم وخاذلهم (4).

٤- الوراثة

قال تعالى: ﴿يَرثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيّاً مريم) إضافة إلى وراثة العلم والكتب ورثوا مكارم الأخلاق روى الكليني بسنده عن الإمام الرضا إنا أهل بيت ورثنا العفو من آل يعقوب وورثنا الشكر من آل داود – وزعم أنه كان كلمة أخرى و نسيها الراوي فقلت له: لعله وورثنا الصبر من آل أيوب ؟ فقال: ينبغي (5).

أما العفو من آل يعقوب فذلك عندما عفا يوسف عن إخوته، وأما الشكر فقوله تعالى: ﴿ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ سبأ) ١٣، وقضية أيوب معروفة عندما ابتلاه الله تعالى.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(۱) الغيبة - الشيخ الطوسي - ص ٢٢٣ - ١٨٦ .

(2) القرشي / حياة الامام المهدي ص ١١٠ .

(3) الكافي - الشيخ الكليني - ج ۱ - ص ۳۸۷ - ۳۸۸ ح ۵ .

(4) مدينة المعاجز - السيد هاشم البحراني - ج ۳ - ص ٤٢٢ - ٤٢٣ - ٣/٩٥٠

(5) الكافي - الشيخ الكليني - ج ۸ - ص ٣٠٨ - ٤٨٠ .

المصدر: سنن الأنبياء في خاتم الأوصياء الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)، السيد مرتضى جمال الدين، ص279-282.

مواضيع قد تعجبك

Execution Time: 0.0971 Seconds