هل هناك رواية صحيحة السند تتحدث عن ولادة الإمام المهدي (عج) ؟

, منذ 1 سنة 585 مشاهدة

إن الخوض في المسائل التي تتعلق بالإمام المهدي (عجل الله فرجه الشريف) يعتبر من المسائل التي يكثر الجدل والأخذ والرد فيها، وتأخذ هذه المسائل مناحٍ عدة تتعدد بتعدد موضع الحوار، فمن مواضيع تخص علم الكلام فيه يتم تناول مبحث الإمامة  (إمامة المهدي (عليه السلام)) تحديداً فهل ثبوت الإمامة ـ بمعناها الأعم ـ يلزم منه ثبوت إمامة المهدي (عجل الله فرجه) أو لا؟ .

وكذلك ينجر الحديث عن بعض المواضيع التي تتعلق بالأخلاق والسلوك وإنعكاس ثبوت وجود الإمام المهدي (عجل الله فرجه) على أخلاق وسلوك الفرد والمجتمع من حيث جدوى إنتظاره طول هذه المدة المديدة.

وتتابع المواضيع حتى نصل الى أهم تلك المباحث وأكثرها إثارة للجدل، وهو المبحث المتعلق بأصل ثبوت شخص إسمه محمد بن الحسن بن علي ولد في سنة 255 هـ ، وكيفية إثبات هذا الأمر بحسب القواعد والمباني العلمية المعتمدة عند أهل الإختصاص.

وإثبات ذلك يتلخص في نقطتين :

النقطة الأولى : إن إثبات وجود أي شخصية تاريخية لا يمكن حصره من خلال وجود رواية صحيحة السند تثبت وجوده، فالرواية مهما قوي إسنادها لم تفد غير الظن، والظن يمكن أن يكون حجة في بعض السائل لا في جميعها.

ومن هنا يتضح لدينا أن إصرار البعض عن البحث على رواية صحيحة الإسناد دالة على ولادة الإمام المهدي (عجل الله فرجه) خطأ وتوهم لا يتعاطاه إلا بعض المراهقين علمياً، فكم صحابي من صحابة النبي (صلى الله عليه واله) لو طبق عليه هذا المعيار سوف يثبت وجوده؟!!!

ولعلك تتفاجئ لو علمت بأن بعضهم مختلف حتى في إسمه، مثال ذلك الواضح (أبو هريرة) ، حيث قال المزي في ترجمته :

اختلف في اسمه واسم أبيه اختلافاً كثيراً، فقيل: اسمه عبد الرحمان بن صخر، وقيل: عبد الرحمان بن غنم، وقيل: عبد الله ابن عائذ، وقيل: عبد الله بن عامر، وقيل: عبد الله بن عمرو، وقيل: سكين بن وذمة، وقيل: سكين بن هانئ، وقيل: سكين ابن مل، وقيل: سكين بن صخر، وقيل: عامر بن عبد شمس، وقيل: عامر بن عمير، وقيل: برير بن عشرقة، وقيل: عبدنهم، وقيل: عبد شمس، وقيل: غنم، وقيل: عبيد بن غنم، وقيل: عمرو ابن غنم، وقيل: عمرو بن عامر، وقيل: سعيد بن الحارث، وقيل غير ذلك.

وقال هشام بن محمد الكلبي : اسمه عمير بن عامر بن ذي الشري بن طريف بن عيان بن أبي صعب بن هنية بن سعد ابن ثعلبة بن سليم بن فهم بن غنم بن دوس بن عدثان بن عبد الله ابن زهران بن كعب بن الحارث بن كعب بن عبد الله بن مالك ابن نصر بن الأزد.

وهكذا قال خليفة بن خياط في نسبه الا أنه قال: عتاب بدل عيان، وقال منبه هنية.

ويقال: كان اسمه في الجاهلية عبد شمس وكنيته أبو الأسود فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم عَبد الله وكناه أبا هُرَيْرة[1].

فما دام راوٍ مشهور مثل أبي هريرة لا يوجد رواية صحيحة تثبت ولادته، فضلاً عن الإختلاف الكبير في إسمه فكيف يثبت شخصه ؟

الجواب : التواتر أو الشهرة الكبيرة التي تتناقلها الأجيال، بحيث تفيد اليقين أو الإطمئنان المعتبر بوجود شخصية ما.

وما يُقال في هذا يمكن تطبيقه في مسألة ولادة الإمام المهدي (عجل الله فرجه) فوجود أكثر من 6 آلاف رواية في مصادر الشيعة منها روايات كثيرة عن ولادة الإمام المهدي (عجل الله فرجه) وأكثر من 600 رواية في مصادر أهل السنة، فضلاً عن شهادة فقهاء ومحدثي وعلماء الأنساب عند الفريقين يورث القطع واليقين بأعلى درجاته بوجوده (عجل الله فرجه)، ومن يطلب بعد هذا رواية صحيحة تثبت ولادة الإمام المهدي (عجل الله فرجه) فهو كمن يطلب أثراً بعد عين.

النقطة الثانية : لو سلمنا جدلاً وتنازلنا عن كل ما تقدم، فإن وجود رواية صحيحة تثبت ولادة الإمام المهدي (عجل الله فرجه) ليس بالأمر العسير أو المتعذر، سيما وأنه متوفر في أمهات كتب الشيعة.

وإليك هذه الرواية :

روى الكليني عن محمد بن يحيى عن أحمد بن إسحاق عن أبي هاشم الجعفري قال قلت لأبي محمد (ع) جلالتك تمنعني من مسألتك فتأذن لي أن أسألك ؟

فقال : (عليه السلام) سل.

قلت : يا سيدي هل لك ولد ؟

فقال : (عليه السلام) نعم.

فقلت فإن حدث بك حدث فأين أسأل عنه ؟

قال : (عليه السلام) بالمدينة[2].

وقد علق العلامة المجلسي (رحمه الله) على هذا الحديث الشريف بالقول :

(الحديث الثاني) صحيح[3].


[1] تهذيب الكمال للمزي ـ ج34 ص367  ـ تحقيق : د. بشار عواد معروف ـ مؤسسة الرسالة – بيروت ـ الطبعة : الأولى ، 1400 - 1980

[2] الكافي ج : 1 ص : 328 باب النص على صاحب الدار، الحديث رقم (2).

[3] مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج 4، ص: 2.

مواضيع قد تعجبك

Execution Time: 0.0790 Seconds