هل شاهدت السيدة حكيمة (ع) الإمام المهدي (عج) ليلة مولده ؟

, منذ 1 سنة 880 مشاهدة

الشيخ حيدر السندي

السؤال : ما عندكم في توجيه الرواية التي فيها أن السيدة حكيمة (عليها السلام) تقول أن ما عندها عن الإمام المهدي(عليه السلام) خبر ، وليس معاينة ، علماً هي القابلة التي تولت ولادته ، وفي بعض الروايات عاينته؟

الجواب : نقل الشيخ الصدوق( رحمه الله) هذه الرواية مرتين بطريقين:

1ـ حَدَّثنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مَهْزِيَارَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْأَسَدِيُّ قَالَ حَدَّثنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى حَكِيمَةَ بِنْتِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الرِّضَا أُخْتِ أَبِي الْحَسَنِ الْعَسْكَرِيِّ (عليه السلام) فِي سَنَةِ اثنتَيْنِ وَ ثَمَانِينَ بِالْمَدِينَةِ فكَلَّمْتُهَا مِنْ وَرَاءِ الْحِجَابِ وَ سَأَلْتهَا عَنْ دِينِهَا فَسَمَّتْ لِي مَنْ تَأْتَمُّ بِهِ ثُمَّ قَالَتْ فُلَانُ بْنُ الْحَسَنِ (عليه السلام)فَسَمَّتْهُ فقُلْتُ لَهَا جَعَلَنِيَ اللَّهُ فِدَاكِ مُعَاينَةً أَوْ خَبَراً فقَالَتْ خَبَراً عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ (عليه السلام)كَتَبَ بِهِ إِلَى أُمِّهِ فقُلْتُ لَهَا فَأَيْنَ الْمَوْلُودُ فقَالَتْ مَسْتُورٌ فقُلْتُ فَإِلَى مَنْ تفْزَعُ الشِّيعَةُ فَقَالَتْ إِلَى الْجَدَّةِ أُمِّ أَبِي مُحَمَّدٍ (عليه السلام) فقُلْتُ لَهَا أَقتَدِي بِمَنْ وَصِيتُهُ إِلَى الْمَرْأَةِ فقَالَتْ اقْتِدَاءً بِالْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عليه السلام)إِنَّ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ (عليه السلام) أَوْصَى إِلَى أُخْتِهِ زَينَبَ بِنْتِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عليه السلام) فِي الظَّاهِرِ وَ كَانَ مَا يَخْرُجُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ مِنْ عِلْمٍ ينْسَبُ إِلَى زَينَبَ بِنْتِ عَلِيٍّ تَسَتُّراً عَلَى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ثُمَّ قَالَتْ إِنَّكُمْ قوْمٌ أَصْحَابُ أَخْبَارٍ أَ مَا رَوَيتُمْ أَنَّ التَّاسِعَ مِنْ وُلْدِ الْحُسَيْنِ (عليه السلام) يقْسَمُ مِيرَاثُهُ وَ هُوَ فِي الْحَيَاةِ. كمال الدين و تمام النعمة ؛ ج‏2 ؛ ص501.

2ـ حَدَّثنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ شَاذَوَيْهِ الْمُؤَدِّبُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ حَدَّثنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ الْحِمْيَرِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ إِبرَاهِيمَ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى حَكِيمَةَ بِنْتِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الرِّضَا أُخْتِ أَبِي الْحَسَنِ صَاحِبِ الْعَسْكَرِ (عليه السلام) فِي سَنَةِ اثنتَيْنِ وَ سِتِّينَ وَ مِاَتَيْنِ فَكَلَّمْتهَا مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ وَ سَأَلْتهَا عَنْ دِينِهَا فَسَمَّتْ لِي مَنْ تَأْتَمُّ بِهِمْ ثُمَّ قَالَتْ وَ الْحُجَّةُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ فَسَمَّتْهُ َقُلْتُ لَهَا جَعَلَنِيَ اللَّهُ فِدَاكِ مُعَاينَةً أَوْ خَبَراً فَقَالَتْ خَبَراً عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ(عليه السلام)ع كَتَبَ بِهِ إِلَى أُمِّهِ فَقُلْتُ لَهَا فَأَيْنَ الْوَلَدُ فقَالَتْ مَسْتُورٌ فقُلْتُ إِلَى مَنْ تفْزَعُ الشِّيعَةُ فَقَالَتْ لِي إِلَى الْجَدَّةِ أُمِّ أَبِي مُحَمَّدٍ (عليه السلام)فقُلْتُ لَهَا أَقتَدِي بِمَنْ وَصِيتُهُ إِلَى امْرَأَةٍ فقَالَتْ اقْتِدَاءً بِالْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ(عليه السلام) فَإِنَّ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ ع أَوْصَى إِلَى أُخْتِهِ زَينَبَ بِنْتِ عَلِيٍّ فِي الظَّاهِرِ فَكَانَ مَا يَخْرُجُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ (عليه السلام)مِنْ عِلْمٍ ينْسَبُ إِلَى زَينَبَ سَتْراً عَلَى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ (عليه السلام) ثُمَّ قَالَتْ إِنَّكُمْ قوْمٌ أَصْحَابُ أَخْبَارٍ أَمَا رَوَيتُمْ أَنَّ التَّاسِعَ مِنْ وُلْدِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ (عليه السلام) يُقْسَمُ مِيرَاثُهُ وَ هُوَ فِي الْحَيَاة . كمال الدين و تمام النعمة ؛ ج‏2 ؛ ص507.و نقلها العلامة المجلسي (رحمه الله ) بالنحو التالي: ك، إكمال الدين مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ شَاذَوَيْهِ عَنْ مُحَمَّدٍ الْحِمْيَرِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ‏ دَخَلْتُ عَلَى حَكِيمَةَ بِنْتِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الرِّضَا أُخْتِ أَبِي الْحَسَنِ صَاحِبِ الْعَسْكَرِ (عليه السلام) فِي سَنَةِ اثنتَيْنِ وَ سِتِّينَ وَ مِائتَيْنِ فَكَلَّمْتهَا مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ وَ سَأَلْتُهَا عَنْ دِينِهَا فَسَمَّتْ لِي مَنْ تَأْتَمُّ بِهِمْ ثُمَّ قَالَتْ وَ الْحُجَّةُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ فَسَمَّتْهُ َقُلْتُ لَهَا جَعَلَنِيَ اللَّهُ فِدَاكِ مُعَاينَةً أَوْ خَبَراً فقَالَتْ خَبَراً عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ كَتَبَ بِهِ إِلَى أُمِّهِ فقُلْتُ لَهَا فَأَيْنَ الْوَلَدُ فقَالَتْ مَسْتُورَةٌ فقُلْتُ إِلَى مَنْ تَفْزَعُ الشِّيعَةُ فقَالَتْ إِلَى الْجَدَّةِ أُمِّ أَبِي مُحَمَّدٍ (عليه السلام) فَقُلْتُ لَهَا أَقتَدِي بِمَنْ [فِي‏] وَصِيَّتِهِ إِلَى امْرَأَةٍ فَقَالَتْ اقْتِدَاءً بِالْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيّ(عليه السلام) وَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ أَوْصَى إِلَى أُخْتِهِ زَينَبَ بِنْتِ عَلِيٍّ فِي الظَّاهِرِ وَ كَانَ مَا يَخْرُجُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ (عليه السلام) مِنْ عِلْمٍ ينْسَبُ إِلَى زَينَبَ سَتْراً عَلَى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ (عليه السلام) ثُمَّ قَالَتْ إِنَّكُمْ قوْمٌ أَصْحَابُ أَخْبَارٍ أَ مَا رُوِّيتُمْ أَنَّ التَّاسِعَ مِنْ وُلْدِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ (عليه السلام) يقْسَمُ مِيرَاثُهُ وَ هُوَ فِي الْحَيَاةِ. ثم قال : ك، إكمال الدين علي بن أحمد بن مهزيار عن محمد بن جعفر الأسدي‏ مثله- غط، الغيبة للشيخ الطوسي الكليني عن محمد بن جعفر مثله. و رواه الشيخ الطوسي (رحمه الله) بالطريق التالي: مُحَمَّدُ بْنُ يعْقُوبَ الْكُلَيْنِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْأَسَدِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ إِبرَاهِيمَ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى حَكِيمَةَ بِنْتِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الرِّضَا (عليه السلام) سَنَةَ اثنتَيْنِ وَ سِتِّينَ وَ مِائتَيْنِ فَكَلَّمْتهَا مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ وَ سَأَلْتُهَا عَنْ دِينِهَا فَسَمَّتْ لِي مَنْ تَأْتَمُّ بِهِمْ قَالَتْ فُلَانٌ ابْنُ الْحَسَنِ فَسَمَّتْهُ. فقُلْتُ لَهَا جَعَلَنِيَ اللَّهُ فِدَاكِ مُعَاَنَةً أَوْ خَبَراً فقَالَتْ خَبَراً عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ(عليه السلام)كَتَبَ بِهِ إِلَى أُمِّهِ قلْتُ لَهَا فَأَيْنَ الْوَلَدُ قَالَتْ مَسْتُورٌ فقُلْتُ إِلَى مَنْ تفْزَعُ الشِّيعَةُ قَالَتْ إِلَى الْجَدَّةِ أُمِّ أَبِي مُحَمَّدٍ (عليه السلام) فقُلْتُ أَقتَدِي‏ بِمَنْ وَصِيتُهُ إِلَى امْرَأَةٍ. فَقَالَتْ اقتَدِ بِالْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ (عليه السلام) أَوْصَى إِلَى أُخْتِهِ زَينَبَ بِنْتِ عَلِيٍّ (عليه السلام)فِي الظَّاهِرِ وَ كَانَ‏ مَا يَخْرُجُ مِنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ (عليه السلام) مِنْ عِلْمٍ ينْسَبُ إِلَى زَينَبَ سَتْراً عَلَى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ (عليه السلام).ثُمَّ قَالَتْ إِنَّكُمْ قوْمٌ أَصْحَابُ أَخْبَارٍ أَمَا رُوِّيتُمْ أَنَّ التَّاسِعَ مِنْ وُلْدِ الْحُسَيْنِ (عليه السلام) يقْسَمُ مِيرَاثُهُ وَ هُوَ فِي الْحَيَاةِ.

وهنا أمور :

المشكلة السندية:

الأمر الأول : كما هو ملاحظ في الطرق فإنها تنتهي بأجمعها إلى أحمد بن إبراهيم ، وهو صاحب الحادثة ، وما يحتمل أنه المقصود منه رجلان:

1ـ أبو حامد المراغي ، وقد اعتمده العلامة ، وقال فيه ابن داود (إنه ممدوح عظيم الشأن) ، وتوجد رواية تمدحه، لكنه واقع في سندها، فلا يمكن التعويل عليها ، كما لا يمكن التعويل على ما ذكره ابن داود بناء على عدم حجية ما يذكره الرجالي المتأخر.

2ـ بن إسماعيل الكاتب النديم ، و قد ذكر الشيخان أنه كان خصّيصاً بسيدنا أبي محمد العسكري ( عليه السلام) ، ولم يوجد نص على وثاقته.

ولكن الظاهر أن الراوي هو الأول لقول الشيخ (رحمه الله) : وَ رَوَى هَذَا الْخَبَرَ التلَّعُكْبَرِيُّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ النهَاوَنْدِيِ‏ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُسْلِمٍ الْحَنَفِيِّ عَنْ أَبِي حَامِدٍ الْمَرَاغِيِّ قَالَ: سَأَلْتُ حَكِيمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ أُخْتَ أَبِي الْحَسَنِ الْعَسْكَرِيِّ وَ ذَكَرَ مِثلَهُ. كتاب الغيبة للحجة ؛ النص ؛ ص231

الأمر الثاني : في طريقي الشيخ الصدوق(رحمه الله) و طريق الشيخ الطوسي (رحمه الله) وقع أبو الحسين محمد بن جعفر الأسدي، فإنه من يروي عن أحمد بن إبراهيم ، وهو مجهول .

الأمر الثالث : كما وقع في أحد طريقي الشيخ الصدوق(رحمه الله) على بن أحمد بن مهزيار وهو مجهول.

الأمر الرابع : کما وقع في طريقه الآخر بن شاذويه ، وهو لم يوثق، نعم ترضى عليه الشيخ الصدوق (رحمه الله)، فإن كان مجرد دعاء لم يدل على الوثاقة ، وإن كان يدل على الجلالة ، لأنه لا يذكر بحسب العادة إلا في الأجلاء ، فهو يدل على الوثاقة، ولكن من المحتمل جداً كون ترضي التلميذ مجرد دعاء.

وبهذا يتضح عدم إمكان التعويل على سند الرواية.

اضطراب المتن:

الأمر الخامس : يوجد في متن الرواية اختلاف ، ففي بعضها (دَخَلْتُ عَلَى حَكِيمَةَ بِنْتِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الرِّضَا أُخْتِ أَبِي الْحَسَنِ الْعَسْكَرِيِّ (عليه السلام) فِي سَنَةِ اثنتَيْنِ وَ ثَمَانِينَ بِالْمَدِينَةِ) ، وفي بعضها (دَخَلْتُ عَلَى حَكِيمَةَ بِنْتِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الرِّضَا أُخْتِ أَبِي الْحَسَنِ صَاحِبِ الْعَسْكَرِ (عليه السلام) فِي سَنَةِ اثنتَيْنِ وَ سِتِّينَ وَ مِائتَيْنِ فَكَلَّمْتهَا مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ) .

وفي بعضها (دَخَلْتُ عَلَى حَكِيمَةَ بِنْتِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الرِّضَا أُخْتِ أَبِي الْحَسَنِ الْعَسْكَرِيِّ) ، وفي بعضها (دخلت‏ على‏ خديجة بنت محمد بن علي الرضا (عليه السّلام) اخت أبي الحسن صاحب العسكر (عليه السّلام) في سنة اثنين و ستين و مائتين بالمدينة فكلّمتها من وراء حجاب و سألتها عن دينها، فسمّت لي من تأتم بهم)اثبات الوصية، ص: 272.

و قال محقق كتاب الغيبة (في نسخ الأصل: خديجة و الصحيح ما أثبتناه من البحار و غيره) الغيبة (للطوسي)/ كتاب الغيبة للحجة؛ النص ؛ ص230، ولست أدري ما وجه اعتماد (حكيمة) ، وترجيحه؟ كما إن البحار فيه خلل إما منه أو النسخة التي أعتمد عليها، إذ فيه أن الراوي (محمد بن الحسين بن شاذويه) ، والمحقق أثبت خلافه ، وهو ( علي بن الحسين بن شاذويه) .

وقال محقق كتاب كمال الدين : (في بعض النسخ «حليمة»، و في بعضها «خديجة») كمال الدين و تمام النعمة ؛ ج‏2 ؛ ص501، وبالتالي لا يمكن الجزم لو صحت الرواية سنداً بأن القضية ترتبط بالسيدة حكيمة (عليها السلام).

اشتهار معاينة السيدة حكيمة:

وعليه لا يمكن بهذه الرواية رفع اليد عن المعروف المشهور من أن السيدة حكيمة (عليها السلام) عاينت الإمام (عليه السلام) وفي ذلك روايات وطرق ، ففي إثبات الوصية : و روى جماعة من الشيوخ العلماء؛ منهم علان الكليني و موسى بن محمد الغازي و أحمد بن جعفر بن محمد بأسانيدهم أن حكيمة بنت‏ أبي جعفر (عليه السّلام) عمّة أبي محمّد (عليه السّلام) كانت تدخل الى أبي محمّد فتدعو له أن يرزقه اللّه ولداً و أنها قالت: دخلت عليه يوماً فدعوت له كما كنت أدعو. فقال لي: يا عمّة اما إنّه يولد في هذه الليلة- و كانت ليلة النصف من شعبان سنة خمس و خمسين و مائتين- المولود الذي كنّا نتوقعه، فاجعلي افطارك عندنا- و كانت ليلة الجمعة- فقلت له: ممّن يكون هذا المولود يا سيدي؟ فقال: من جاريتك نرجس. قالت: و لم يكن في الجواري أحبّ إليّ منها ، و لا أخف على قلبي، و كنت إذا دخلت الدار تتلقاني و تقبّل يدي و تنزع خفي بيدها. فلما دخلت إليها ففعلت بي كما كانت تفعل، فانكببت على يدها فقبلتها و منعتها ممّا تفعله، فخاطبتني بالسيادة، فخاطبتها بمثله، فأنكرت ذلك، فقلت لها: لا تنكري ما فعلته، فإن اللّه سيهب لك في ليلتنا هذه غلاما سيّدا في الدّنيا و الآخرة. قالت: فاستحيت.

قالت حكيمة: فتعجبت، و قلت لأبي محمّد: إني لست أرى بها أثر حمل!فتبسّم (صلّى اللّه عليه) و قال لي: إنّا معاشر الأوصياء لا نحمل في البطون و لكنّا نحمل في الجنوب. و في هذه الليلة مع الفجر يولد المولود المكرّم على اللّه إن شاء اللّه. قالت: فنمت بالقرب من الجارية، و بات أبو محمد عليه السّلام في صفة في تلك الدار فلما كان وقت صلاة الليل قمت؛ و الجارية نائمة .. ما بها أثر الولادة، و أخذت في صلاتي ثم أوترت. فبينا أنا في الوتر حتى وقع في نفسي: أن الفجر قد طلع و دخل في قلبي شيء، فصاح أبو محمّد (عليه السّلام) من الصفة: لم يطلع الفجر يا عمّة بعد، فأسرعت الصلاة و تحرّكت الجارية فدنوت منها و ضممتها إليّ و سمّيت عليها ثم قلت لها: هل تحسين شيئا؟ قالت: نعم. فوقع عليّ سبات، لم أتمالك معه أن نمت، و وقع على الجارية مثل ذلك، فنامت و هي قاعدة. فلم تنتبه إلّا و هي تحس مولاي و سيدي تحتها و بصوت أبي محمد (عليه السّلام) و هو يقول: يا عمتي هات ابني إليّ. فكشفت عن سيّدي (صلّى اللّه عليه) فاذا أنا به ساجداً منقلباً إلى الأرض بمساجده‏ و على ذراعه الأيمن مكتوب جاء الحق و زهق الباطل إن الباطل كان زهوقاً. فضممته إليّ فوجدته مفروغاً منه- يعني مطهّر الختانة- و لففته في ثوب و حملته الى أبي محمد (عليه السّلام) فأخذه و أقعده على راحته اليسرى ، و جعل يده اليمنى على ظهره ، ثم أدخل لسانه في فيه، و أمرّ يده على عينيه و سمعه و مفاصله ... اثبات الوصية، ص: 258 ـ 260.

وفي رواية كمال الدين : قَالَتْ حَكِيمَةُ فَلَمَّا كَانَ فِي الْيَوْمِ السَّابِعِ جِئْتُ فَسَلَّمْتُ وَ جَلَسْتُ فقَالَ هَلُمِّي إِلَيَّ ابْنِي فَجِئْتُ بِسَيِّدِي ع وَ هُوَ فِي الْخِرْقَةِ ففَعَلَ بِهِ كَفَعْلَتِهِ الْأُولَى ثُمَّ أَدْلَى لِسَانَهُ فِي فِيهِ كَأَنَّهُ يغَذِّيهِ لَبَناً أَوْ عَسَلًا ثُمَّ قَالَ تَكَلَّمْ يَا بُنَيّ فقَالَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ ثَنَّى بِالصَّلَاةِ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَ عَلَى الْأَئِمَّةِ الطَّاهِرِينَ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ) حَتَّى وَقَفَ عَلَى أَبِيه.كمال الدين و تمام النعمة ؛ ج‏2 ؛ ص425.

وفيه : قَالَتْ حَكِيمَةُ فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ أَرْبَعِينَ يوْماً رُدَّ الْغُلَامُ وَ وُجِّهَ إِلَى ابْنِ أَخِي (عليه السلام) فَدَعَانِي فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ فَإِذَا أَنَا بِالصَّبِيِّ مُتَحَرِّكٌ يَمْشِي بَيْنَ يَدَيْه‏ كمال الدين و تمام النعمة ؛ ج‏2 ؛ ص429.

وفي الإرشاد : أَخْبَرَنِي أَبُو الْقَاسِمِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ رِزْقِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ حَمْزَةَ بْنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: حَدَّثتْنِي حَكِيمَةُ بِنْتُ‏ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ وَ هِيَ عَمَّةُ الْحَسَنِ (عليه السلام) أَنَّهَا رَأَتِ الْقَائِمَ (عليه السلام) لَيلَةَ مَوْلِدِهِ وَ بعْدَ ذَلِكَ. الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد / ج‏2 / 351 / فصل في ذكر أسماء من رأى المهدي ع و أخبارهم ... ص : 351

وفي دلائل الإمامة : وَ بعْدَ أَرْبَعِينَ يوْماً دَخَلْتُ دَارَ أَبِي مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ). فَإِذَا أَنَا بِصَبِيٍّ يَدْرُجُ فِي الدَّارِ، فلَمْ أَرَ وَجْهاً أَصْبَحَ‏ مِنْ وَجْهِهِ، وَ لَا لُغَةً أَفْصَحَ مِنْ لُغَتِهِ، وَ لَا نغْمَةً أَطْيَبَ مِنْ نغْمَتِهِ، دلائل الإمامة (ط - الحديثة) ؛ ص500.

وفي كتاب الغيبة قالت (عليها السلام) : وَ جَلَسْتُ مِنهَا حَيْثُ تقْعُدُ الْمَرْأَةُ مِنَ الْمَرْأَةِ لِلْوِلَادَةِ فقَبَضَتْ عَلَى كَفِّي وَ غَمَزَتْ غَمْزَةً شَدِيدَةً ثُمَّ أَنَّتْ أَنَّةً وَ تَشَهَّدَتْ وَ نَظَرْتُ تَحْتهَا فَإِذَا أَنَا بِوَلِيِّ اللَّهِ ص مُتَلَقِّياً الْأَرْضَ بِمَسَاجِدِهِ فَأَخَذْتُ بِكَتِفَيْهِ فَأَجْلَسْتُهُ فِي حَجْرِي فَإِذَا هُوَ نَظِيفٌ مَفْرُوغٌ مِنْهُ فنَادَانِي أَبُو مُحَمَّدٍ (عليه السلام) يَا عَمَّةِ هَلُمِّي فَأْتِينِي بِابْنِي فَأَتيتُهُ بِهِ فتنَاوَلَهُ وَ أَخْرَجَ لِسَانَهُ فَمَسَحَهُ عَلَى عَينيْهِ ففَتَحَهَا. الغيبة (للطوسي)/ كتاب الغيبة للحجة، النص، ص: 236.

والروايات في ذلك كثيرة ، وهي و إن لم يصح بعضها ، أو كان في بعضها اختلاف ؛ إلا أنها بمجموعها تفيد ثبوت معاينة السيدة حكيمة (عليها السلام) للإمام الحجة(عليه السلام) ، وبالتالي لا يمكن قبول الرواية المبحوثة والدالة على عدم تحقق المعاينة ، فإما أن ترفض لعلّاتها، أو يقال بأن المقصود فيها غير السيدة حكيمة ، فإن للإمام الجواد أكثر من بنت ، و قد وقع الخلاف في عددهن:

1ـ فذكر الشيخ المفيد في الإرشاد أن الإمام الجواد (عليه السّلام) خلّف من البنات فاطمة وأُمامة. الإرشاد 295:2. و نقل هذا عن عبدالله الحارثي . ابن شهرآشوب في المناقب 380:4.

2ـ ذكر بن بابويه، وابن شهرآشوب في المناقب، والطبرسيّ في إعلام الورى أنه (عليه السّلام) خلّف ثلاث بنات: حكيمة وخديجة وأمّ كلثوم.ابن شهرآشوب في مناقب آل أبي طالب 380:4. و380:4،وإعلام الورى 106:2.

3 ـ وقال الفخر الرازي في كتابه « الشجرة المباركة في أنساب الطالبيّة »: أمّا أبو جعفر التقيّ فله من الأبناء ثلاثة: أبو الحسن عليّ النقيّ الإمام، وموسى، ويحيى وولده بقم؛ وله من البنات خمسة: فاطمة، وبهجة صاحبة الرواية، وبُريهة، وحكيمة، وخديجة، ولا عقب للبنات ولا ليحيى. الشجرة المباركة في أنساب الطالبيّة ( مخطوط ).

4ـ وقال عليّ بن محمّد العمريّ : فوَلَد الإمام التقيّ أبو جعفر محمّد بن عليّ بن موسى الكاظم: محمّداً وعليّاً وموسى والحسن وحكيمة وبريهة وأُمامة وفاطمة. المجدي في الأنساب 128.

فلعل المقصود في الرواية خديجة ولكن بسبب التصحيف وصلت كما في بعض النسخ حكيمة.

كما من المحتمل أن المقصود السيدة حكيمة (عليها السلام) ، ولكن لمكان التقية استخدمت التورية ، فإن الدولة كانت تطلب الإمام (عليه السلام) أشد الطلب ، وتتعقب كل من يعلم بمكانه ، ومن ذلك ما رواه الشيخ الصدوق(رحمه الله في رواية طويلة جاء فيها: عن سعد بن عبدالله: "قال: حدثنا من حضر موت الحسن بن عليٍّ، بن محمدٍ العسكري (عليهم السلام) ودفنه، ممن لا يوقف على إحصاء عددهم، ولا يجوز على مثلهم التواطؤ بالكذب، وبعد فقد حضرنا في شعبان سنة ثمان وسبعين ومائتين، وذلك بعد مضي أبي محمدٍ الحسن بن عليٍّ العسكري، بثمانية عشر سنةً أو أكثر مجلس أحمد بن عبيدالله بن يحيى بن خاقان، وهو عامل السلطان يومئذٍ على الخراج والضياع بكورة قم، وكان من أنصب خلقه الله، وأشدهم عداوةً لهم، فجرى ذكر المقيمين من آل أبي طالبٍ بسرّ من رأى، ومذاهبهم، وصلاحهم، وأقدارهم عند السلطان...وأمرهم بلزوم دار الحسن بن عليٍّ ـــ أي: أنَّ جعفرًا ذهب للسلطان وجاء بجلاوزةٍ يقفون عند بيت الإمام العسكري (صلوات الله وسلامه عليه) ــوتعرف خبره وحاله، وبعث إلى نفرٍ من المتطببين، فأمرهم بالاختلاف إليه، وتعاهده صباحًا ومساءً، فلما كان بعد ذلك بيومين جاءه من أخبره أنَّه قد ضعف، فركب حتى بكر إليه، ثمَّ أمر المتطببين بلزومه، وبعث إلى قاضي القضاة فأحضره مجلسه، وأمره أن يختار من أصحابه عشرةً ممن يوثق به في دينه وأمانته وورعه، فأحضرهم فبعث بهم إلى دار الحسن (عليه السلام)، وأمرهم بلزوم داره ليلًا ونهارًا، فلم يزالوا هنالك، حتى توفي لأيامٍ مضت من شهر ربيعٍ الأول من سنة ستين ومائتين، فصارت سرّ من رأى ضجةً واحدةً مات ابن الرضا، وبعث السلطان إلى داره من يفتشها، ويفتش حجرها، وختم على جميع ما فيها، وطلبوا أثر ولده، وجاؤوا بنساءٍ يعرفنَّ بالحبل، فدخلنَّ على جواريه فنظرنَّ إليهنَّ، فذكر بعضهنَّ أنَّ هنالك جاريةٌ بها حمل، فأمر بها فجعلت في حجرةٍ، ووكلَّ بها نحرير الخادم وأصحابه ونسوة معهم ... فلما دفن وتفرق الناس، اضطرب السلطان وأصحابه في طلب ولده وكثرة التفتيش في المنازل والدور، وتوقفوا على قسمة ميراثه، ولم يزل الذين وكلوا بحفظ الجارية التي توهموا عليها الحبل ملازمين لها سنتين وأكثر، حتى تبين لهم بطلان الحبل".

و في رواية «الهداية الكبرى»: "عن جابر بن عبدالله الأنصاري، قال: قال رسول الله( صلى الله عليه وآله وسلم )ـ: إذا ولد جعفر بن محمدٍ، بن عليٍّ، بن الحسين (عليهم السلام)، فسموه جعفر الصادق، فإنَّه يولد من ولده ولدٌ يقال له: جعفر الكذّاب، ويلٌ له من جرأته عليّ، وبغيه على أخيه صاحب الحق، وإمام الخلق، ومهدي أهل بيتي ... وهو ـ أي: جعفر ـالمعروف بزق خمرٍ، وهو الذي سعى بجارية أخيه الحسن بن علي إلى السلطان، وقال له: إنَّ أخي توفي ولم يكن له ولدٌ، وإنما خلف حملًا في بطن جاريته نرجس، وأخذت هي وورداس الكتابية جاريتا الحسن بن عليٍّ من داره في سوق العطش، وحبستا سنتين، فلم يصح على نرجس ما دعي عليها ولا غيرها فأطلقتا".

وعليه من المحتمل جداً أنها (عليها السلام) كانت تخاف من انتشار خبر أنها رأته ، فتطلب من السلطان ، وهذا ما حملها على الاتقاء ببيان أنها كغيرها لا تملك إلا خبراً، والله العالم.

مواضيع قد تعجبك

Execution Time: 0.0837 Seconds