جاء ذكر هذا الخبر في بحار الأنوار في باب (ما يكون عند ظهوره عليه السلام)، وقد رواها العلامة المجلسي كالتالي: (روي في بعض مؤلفات أصحابنا، عن الحسين بن حمدان، عن محمد ابن إسماعيل وعلي بن عبد الله الحسني، عن أبي شعيب محمد بن نصير، عن عمر بن الفرات، عن محمد بن المفضل، عن المفضل بن عمر قال: سألت سيدي الصادق عليه السلام هل للمأمور المنتظر المهدي عليه السلام من وقت موقت يعلمه الناس؟) ثم يورد خبراً طويلاً فيه تفاصيل كثيرة من بينها نبش قبري أبي بكر وعمر.
وسند الرواية كما هو واضح ينتهي عند المفضل بن عمر، وقد وقع اختلاف في صحته ووثاقته بين علماء الجرح والتعديل، فضعفه بعضهم ووثقه آخرون، ففي رجال ابن الغضائري قال عنه: (ضعيف، متهافت، مرتفع القول، خطابي، وقد زيد عليه شيء كثير، وحمل الغلاة في حديثه حملا عظيما. ولا يجوز أن يكتب حديثه)، وفي رجال النجاشي: (فاسد المذهب، مضطرب الرواية، لا يعبأ به. وقيل إنه كان خطابيا. وقد ذكرت له مصنفات لا يعول عليها)، وجاء في شعب المقال في درجات الرجال للميرزا ابو القاسم بن محمد النراقي قوله: (والحقّ هذا (يعني التضعيف)، والأخبار الدالَّة على مدحه في سندها ضعف)، وفي رجال بن داود الحلي: (ضعيف متهافت خطابي)
وفي مقابل من ضعفه هناك الكثير من حكم بوثاقته ففي مستدرك علم رجال الحديث للشيخ علي النمازي الشهرودي نقلاً عن رجال الكشي قوله: (روى له مدحا بليغا يقتضى جلالته ووكالته وثقته) إلا انه روى روايات ذامة ولكنها ضعيفة) ونقل أيضاً عن الطوسي قوله: (من قوام الأئمة عليهم السلام من المحمودين الذين مضوا على منهاجهم)، ونقل عن المامقاني قوله: (فتلخص مما ذكرنا كله أن الرجل صحيح الاعتقاد ثقة جليل)، وفي معجم رجال الخوئي عن الشيخ المفيد قوله: (من خاصة أبي عبد الله عليه السلام وبطانته، وثقاته الفقهاء الصالحين)، وعن ابن شهر اشوب (من خواص أصحاب الصادق عليه السلام)، ويقول عنه العلامة المجلسي في بحاره (.. ولا ضعف محمد بن سنان والمفضل لأنه في محل المنع بل يظهر من الأخبار الكثيرة علو قدرهما وجلالتهما) وقد حكم السيد الخوئي بوثاقته في معجم رجاله بعد ان ناقش الروايات المادحة للمفضل والذامة له، حيث قال: (والنتيجة أن المفضل بن عمر جليل، ثقة، والله العالم)
وعليه لا يمكن تضعيف الرواية من جهة المفضل بن عمر لشهادة الكثير بوثاقته، ويبدو أن تضعيف البعض له بسبب بعض الروايات القادحة فيه إلا أن هذه الروايات تقابلها روايات أخرى مادحة وهي أكثر منها عدداً، وقد يعود سبب التضعيف أيضاً إلى كذب بعض الغلاة عليه والزيادة في مروياته وقد اشير إلى ذلك في حاشية بحار الأنوار بالقول: (بل الظاهر الحق ان مفضل بن عمر الجعفي، وجابر بن يزيد الجعفي، ويونس بن ظبيان وأضرابهم ممن أخذوا عن الصادقين عليهما السلام كانوا صحيحي الاعتقاد، صالحي الرواية، صادقي اللهجة متحرجين عن الكذب وسائر الآثام، غير أنه قد كذب عليهم، وزيد في رواياتهم، واختلق عليهم، وإنما أتوا من قبل الغلاة وأشباههم ممن أرادوا أن يهدموا أساس المذهب، فكذبوا وزادوا واختلقوا أحاديث ونسبوه إلى أصحاب الأئمة الصادقين نصرة لمذهبهم وترويجا لمرامهم الفاسد كما فعلت المرجئة والقدرية، فوضعوا أحاديث ونسبوه إلى المعروفين من أصحاب رسول الله)
ومع ذلك لا يمكن التسليم بصحة الحديث لوجود أبو شعيب محمد بن نصير النميري وهو كذاب غال خبيث مدعى النيابة كما في غيبة الشيخ الطوسي، وفي معجم الرجال للخوئي أن علي بن محمد العسكري عليه السلام، لعنه ولعن محمد بن نصير النميري، ونقل أيضاً عن الكشي أنه قال: "قال أبو عمرو: وقالت فرقة بنبوة محمد بن نصير الفهري النميري، وذلك أنه أدعى أنه نبي رسول، وأن علي بن محمد العسكري عليه السلام أرسله، وكان يقول بالتناسخ والغلو في أبي الحسن عليه السلام، ويقول فيه بالربوبية، ويقول بإباحة المحارم، ويحلل نكاح الرجال بعضهم بعضا في أدبارهم، ويقول: إنه من الفاعل والمفعول به، أحد الشهوات والطيبات، وأن الله لم يحرم شيئا من ذلك.." وغير ذلك من اقوال علماء الجرح والتعديل الذين اجمعوا على فساده وانحرافه، فلا يمكن التسليم بجميع ما جاء في هذه الرواية، ففي بعض الرواية تفاصيل تدعمها روايات أخرى أما نبش قبر ابي بكر وعمر فليس هناك ما يدعمه من الروايات الأخرى، ولذلك جاء في حاشية البحار على هذا الحديث: "فاعتمد الكاتب إلى أحاديث صحيحة أو حسنة، وأخرى ضعيفة أو مجعولة، فزاد عليها من مخائله. وجمع بين مضامينها ولعب فيها كالقصاصين الدجالين، ترى مضامين هذا الحديث منبثة فيها بين صحيح وسقيم"
موقع ديني مختص في مسائل الإمام المهدي (عج) تابع لشعبة البحوث والدراسات - ق. الشؤون الدينية - الأمانة العامة للعتبة الحسينية المقدسة