قامت سياسة السلطة تجاه الإمام (عليه السلام) على محاولة قتله، كما رأيت في محاولة أربعة خلفاء. وعلى إشاعة أنه لا ولد له , أو أنه عقيم لا يلد!
ولذلك استعمل الإمام (عليه السلام) أساليب متعددة في إعلان ولادة ابنه الموعود (عليه السلام):
منها: رسائله الى وكلائه كأحمد بن إسحاق يبشرهم بولادته (عليه السلام).
منها: إراءة المولود (عليه السلام) للعديد من شيعته، فرادى ومجموعات.
ومنها: متابعته موقف شيعته من إخباره بولادة ابنه الموعود (عليه السلام).
ومنها: تهيئتهم لما بعده، وإخبارهم بأنهم سيفقدونه سنة ستين.
روى المسعودي في إثبات الوصية/٢١٧: (عن أحمد بن إسحاق قال: دخلت على أبي محمد (عليه السلام) فقال لي: يا أحمد ما كان حالكم فيما كان الناس فيه من الشك والارتياب؟ قلت يا سيدي لما ورد الكتاب بخبر سيدنا ومولده، لم يبق منا رجل ولا امرأة ولا غلام بلغ الفهم إلا قال بالحق. فقال: أما علمتم أن الأرض لا تخلو من حجة الله. ثم أمر أبو محمد (عليه السلام) والدته بالحج في سنة تسع وخمسين ومأتين، وعرفها ما يناله في سنة الستين وأحضر الصاحب (عليه السلام) فأوصى إليه وسلم الاسم الأعظم والمواريث والسلاح إليه، وخرجت أم أبي محمد مع الصاحب (عليه السلام) جميعاً إلى مكة).
أقول: معناه أن الإمام العسكري (عليه السلام) كتب الى أحمد بن إسحاق يخبره بولادة ابنه المهدي (عليه السلام)، فأخبر الناس وآمنوا به (عليه السلام).
وأن الإمام سأل ابن إسحاق عن موقف أهل قم من رسالته، فأخبره أنهم قبلوها وقالوا بإمامة المهدي (عليه السلام). ورواه ابن مصقلة (عيون المعجزات /١٣٨). ويأتي في خبر والدة الإمام العسكري (عليه السلام).
وروى ابن إسحاق أنه جاء في رسالة للإمام العسكري (عليه السلام) الى بعض خاصته: (ما مُني أحد من آبائي بما مُنيت به من شك هذه العصابة في، فإن كان هذا الأمر أمراً اعتقدتموه ودنتم به إلى وقت ثم ينقطع فللشك موضع، وإن كان متصلاً ما اتصلت أمور الله (عزَّ وجلَّ) فما معنى هذا الشك). (كمال الدين/٢٢٢). وليس مقصوده (عليه السلام) الشك في إمامته، بل في المهدي (عليه السلام).
وقال الإمام (عليه السلام): (سنة ستين تفترق شيعتنا). (إثبات الوصية:١/٢٥٠).
ومعناه أن بعضهم سيفشل في الامتحان الإلهي ولا يؤمن بالإمام المهدي (عليه السلام).
ومنها: توسعة العقيقة عنه، وهي الضحية بمناسبة ولادة المولود، وقد ذبح الإمام عنه عدة ذبائح، وأرسل الى عدد من أصحابه في البلاد ليذبحوا عنه.
وينبغي أن نلفت الى أن الله تعالى عندما بشر نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) بكوثر العترة (عليهم السلام)، أمره أن يصلي لربه وينحر، فنحر عقيقة عن الحسن والحسين واقتدى به الأئمة (عليهم السلام) فكانوا يذبحون الذبائح ويطعمون الناس بمناسبة ولادة أولادهم.
وقد تَعَمَّدَ الإمام (عليه السلام) أن يوسع العقيقة عن ابنه المهدي صلوات الله عليهما، إعلاناً منه للمؤمنين، وتحدياً للظالمين الذين قرروا أن يقتلوه قبل أن يأتيه ولد.
ففي كمال الدين:٢/٤٣٠، عن أبي جعفر العمري قال: (لما ولد السيد (عليه السلام) قال أبو محمد (عليه السلام): إبعثوا إلى أبي عمرو، فبعث إليه فصار إليه، فقال له: اشتر عشرة آلاف رطل خبز وعشرة آلاف رطل لحم وفرقه، أحسبه قال على بني هاشم، وعق عنه بكذا وكذا شاة.
محمد بن إبراهيم الكوفي: إن أبا محمد (عليه السلام) بعث إلى بعض من سماه لي بشاة مذبوحة، وقال: هذه من عقيقة ابني محمد).
وفي الهداية الكبرى/٣٥٨: (عن البشار بن إبراهيم بن إدريس صاحب نفقة أبي محمد (عليه السلام) قال: وجه إليَّ مولاي أبو محمد كبشين وقال: أعقرهما عن أبي الحسن، وكل وأطعم إخوانك، ففعلت ثم لقيته بعد ذلك فقال: المولود الذي ولد لي مات، ثم وجه لي بأربع أكبشة وكتب إليه: بسم الله الرحمن الرحيم، أعقر هذه الأربعة أكبشة عن مولاك وكل هنأك الله، ففعلت ولقيته بعد ذلك فقال لي: إنما ستر الله ابني الحسن بابني الحسين وموسى، لولادة محمد مهدي هذه الأمة والفرج الأعظم).
أقول: إذا صحت الرواية فقد يكون معناها أن الإمام (عليه السلام) رزق بثلاثة أبناء غير المهدي (عليه السلام) وأنهم توفوا وقايةً للمهدي (عليه السلام)، والظاهر أن في نستها تصحيفاً.
وفي كمال الدين/٤٣٢: (حدثني عبد الله بن جعفر الحميري قال: حدثني محمد بن إبراهيم الكوفي إن أبا محمد (عليه السلام) بعث إلى بعض من سماه لي بشاة مذبوحة، وقال: هذه من عقيقة ابني محمد).
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر : الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) والد الإمام المهدي الموعود (عجل الله فرجه) ـ بقلم: الشيخ علي الكوراني العاملي (رحمه الله).
موقع ديني مختص في مسائل الإمام المهدي (عج) تابع لشعبة البحوث والدراسات - ق. الشؤون الدينية - الأمانة العامة للعتبة الحسينية المقدسة