القائم وهو من الأسماء التي اشتهر بها الإمام المهدي (عليه السلام).
وأمَّا عن علَّة تسميته (عليه السلام) بالقائم، فقد وردت عدَّة روايات تُبيِّن أكثر من علَّة لذلك، وهي:
أ) في رواية محمّد بن عجلان، عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام)، قال: «... وسُمّي القائم لقيامه بالحقِّ»(1).
إنَّه (عليه السلام) سيقوم بالحقِّ المطلق الذي لن يُحقِّقه أحد سواه، فكلُّ من يقوم اليوم من الدعاة، ومهما كان في دعوته من حقّ، لكن الحقَّ فيها ليس مطلقاً، حتَّى إذا قام (عليه السلام) تمثَّل الحقُّ في أعلى مستوياته على الأرض، ولذلك ستكون دولتهم (عليهم السلام) آخر الدول، حتَّى لا يدَّعي العدل الذي سينشره الإمام غيره من المدَّعين.
ورد عن أبي جعفر (عليه السلام) أنَّه قال: «دولتنا آخر الدول، ولن يبقى أهل بيت لهم دولة إلَّا ملكوا قبلنا، لئلَّا يقولوا إذا رأوا سيرتنا: إذا ملكنا سرنا مثل سيرة هؤلاء، وهو قول الله (عزَّ وجلَّ): ﴿وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾ [الأعراف: ١٢٨]»(2).
ب) في رواية الصقر بن دلف، عن الإمام الباقر (عليه السلام)، قال: فقلت له: يا بن رسول الله، ولِمَ سُمّي القائم؟ قال: «لأنَّه يقوم بعد موت ذكره، وارتداد أكثر القائلين بإمامته»(3).
هذه الرواية وأمثالها تدعونا إلى أن نراجع أنفسنا، وأنَّه هل نحن فعلاً من الذاكرين للإمام القائم (عليه السلام) أم من الناسين له؟! وفي نفس الوقت تدعونا إلى العمل على أن نكون من الذاكرين له (عليه السلام) في صلواتنا ودعائنا وصدقاتنا وجميع أحوالنا، حتَّى لا نكون ممَّن مات ذكر القائم (عليه السلام) في قلوبهم.
(١%) فقط!!
أتساءل: ماذا يحصل لو عملنا على نشر قضيَّة وعقيدة الإمام المهدي (عليه السلام) بنسبة (١%) فقط من أوقاتنا، أي بمعدل نصف ساعة كلّ يومين؟!
ربَّما سيتغيَّر الكثير من الناس في نظرتهم حول الإمام المهدي (عليه السلام).
ربَّما ستتَّسع رقعة المنتظرين الحقيقيين، وبالتالي سيتحقَّق سبب مهمّ من أسباب تعجيل الظهور.
ربَّما يتغيَّر وجه العالم الإسلامي.
ولكن، كم منّا عمل بهذه النسبة؟!
أعتقد أنَّ كثيراً من المبلِّغين المنتظرين لا يعطون لهذه القضيَّة إلَّا فضول أوقاتهم، وفضول جهودهم، وفضول أموالهم، وفضول تفكيرهم.
أنا لا أُريد أن أُقلِّل من شأن المبلِّغين، ولكنّي أحاول أن أتنبَّه وأُنبِّه إلى مدى تقصيرنا في حقِّ قضيَّتنا العظمى، قضيَّة الإمام المهدي (عليه السلام).
ج) عن أبي حمزة الثمالي، قال: سألت الباقر (عليه السلام): يا بن رسول الله، ألستم كلّكم قائمين بالحقِّ؟ قال: «بلى»، قلت: فلِمَ سُمّي القائم قائماً؟ قال: «لمَّا قُتِلَ جدّي الحسين صلّى الله عليه ضجَّت الملائكة إلى الله (عزَّ وجلَّ) بالبكاء والنحيب، وقالوا: إلهنا وسيّدنا أتغفل عمَّن قتل صفوتك وابن صفوتك، وخيرتك من خلقك؟ فأوحى الله (عزَّ وجلَّ) إليهم: قرّوا ملائكتي، فوَعزَّتي وجلالي لأنتقمنَّ منهم ولو بعد حين. ثمّ كشف الله (عزَّ وجلَّ) عن الأئمَّة من ولد الحسين (عليه السلام) للملائكة فسرَّت الملائكة بذلك، فإذا أحدهم قائم يُصلّي، فقال الله (عزَّ وجلَّ): بذلك القائم أنتقم منهم»(4).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) بحار الأنوار ٥١: ٣٠/ ح ٧، عن الإرشاد ٢: ٣٨٣.
(2) بحار الأنوار ٥٢: ٣٣٢/ ح ٥٨، عن الغيبة للطوسي: ٤٧٢ و٤٧٣/ ح ٤٩٣.
(3) بحار الأنوار ٥١: ٣٠/ ح ٤، عن كمال الدين: ٣٧٨/ باب ٣٦/ ح ٣.
(4) بحار الأنوار ٥١: ٢٨ و٢٩/ ح ١، عن علل الشرائع ١: ١٦٠/ باب ١٢٩/ ح ١.
المصدر : شذرات مهدوية ـ تأليف: حسين عبد الرضا الأسدي.
موقع ديني مختص في مسائل الإمام المهدي (عج) تابع لشعبة البحوث والدراسات - ق. الشؤون الدينية - الأمانة العامة للعتبة الحسينية المقدسة