3 نظريات حول غيبة الإمام المهدي (عج) تعرف عليها

, منذ 9 شهر 314 مشاهدة

إنَّ الغيبة يُقصَد بها غيبة الإمام الثاني عشر من أهل البيت (عليهم السلام) عن الحواسِّ وعدم العلم بمكانه، وهنا نسأل: ما هي ماهيَّة الغيبة التي وقعت في الإمام الثاني عشر (عجّل الله فرجه)؟

فهل هو غائب غيبة عنوان أم معنون، أم أنَّ هناك شيئاً آخر؟

تختلف الإجابة بلحاظ زمان الغيبة، ولعلَّنا نُقسِّمها إلى ثلاثة أقسام:

الفترة الأُولى: أوائل زمان غيبته إمَّا من ولادته إلى غيبته الكبرى أو من وفاة والده (عليه السلام) إلى غيبته الكبرى، وفي هذه الفترة هو غائب عن أغلب الناس ولا يعرفه إلَّا الخاصُّ، كما دلَّت عليه الروايات المتقدِّمة، حيث إنَّ أباه (عليه السلام) أخرجه إلى بعض أصحابه بشخصه وعنوانه، أمَّا عن عامَّة الناس فهو غائب عنهم بشخصه وعنوانه، فالغيبتان بالمعنيين المتقدِّمين - غيبة شخص وغيبة عنوان - واقعتان في هذه الفترة الزمنيَّة بحسب اختلاف الأشخاص، فعن السفراء مثلاً ظاهر لهم - ولو في بعض الأوقات - بشخصه وعنوانه، وعن غير السفراء غائب.

الفترة الثانية: وهي الغيبة التامَّة، فقد يقال: إنَّ غيبته فيها عن الناس هي غيبة معنون وشخص، فشخصه وجسمه غائب عن الناس، اعتماداً على جملة من الروايات، منها ما رواه الشيخ الكليني (رحمه الله) عن عدَّة من أصحابنا، عن جعفر بن محمّد، عن ابن فضَّال، عن الريَّان بن الصلت، قال: سمعت أبا الحسن الرضا (عليه السلام) يقول - وسُئِلَ عن القائم -، فقال: «لا يُرى جسمه، ولا يُسمَّى اسمه»(1).

وما رواه الشيخ الصدوق (رحمه الله)، قال: حدَّثنا محمّد بن الحسن (رضي الله عنه)، قال: حدَّثنا سعد بن عبد الله، قال: حدَّثنا أبو جعفر محمّد بن أحمد العلوي، عن أبي هاشم داود بن القاسم الجعفري، قال: سمعت أبا الحسن صاحب العسكر (عليه السلام) يقول: «الخلف من بعدي ابني الحسن، فكيف لكم بالخلف من بعد الخلف؟»، فقلت: ولِمَ جعلني الله فداك؟ فقال: «لأنَّكم لا ترون شخصه ولا يحلُّ لكم ذكره باسمه»، قلت: فكيف نذكره؟ قال: «قولوا: الحجَّة من آل محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم)»(٢).

وقد يقال: إنَّ غيبته هي غيبة عنوان وهويَّة، أمَّا شخصه وجسمه فموجود بين الناس، وممَّا يدلُّ على هذا القول من الروايات ما رواه الشيخ الصدوق (رحمه الله)، قال: حدَّثنا محمّد بن موسى بن المتوكِّل (رضي الله عنه)، قال: حدَّثنا عبد الله بن جعفر الحميري، عن محمّد بن عثمان العمري (رضي الله عنه)، قال: سمعته يقول: «والله إنَّ صاحب هذا الأمر ليحضر الموسم كلَّ سنة فيرى الناس ويعرفهم ويرونه ولا يعرفونه»(3).

وقد يقال: إنَّ هذه الطائفة تُقيِّد الأُولى وتُفسِّر معنى الجسم والشخص بالعنوان والهويَّة، لأنَّ الثانية صريحة والأُولى ظاهرة، إذ إطلاق الشخص على العنوان عرفي، أمَّا الجسم بقرينة بقيَّة النصوص لا مانع يمنع من استعماله فيه - العنوان - وإنْ لم تَقْبَل بالتقييد المذكور يمكن حمل عدم رؤية الجسم على فترة خاصَّة من الغيبة أو جماعة خاصَّة من الناس.

وبذلك يتبيَّن أنَّ من المناسب حمل الغيبة على غيبة العنوان في هذه الفترة الزمنيَّة.

الفترة الثالثة: وهي فترة قد يقال: إنَّها من فترات الغيبة، وقد يقال غير ذلك، وهي ما قبل ظهوره العلني في مكَّة المكرَّمة وانتقاله من المدينة المنوَّرة إليها وتجمُّع خُلَّص الأصحاب حوله، فقد روى الشيخ النعماني (رحمه الله) عن الإمام الباقر (عليه السلام): «يا جابر، الزم الأرض ولا تُحرِّك يداً ولا رجلاً حتَّى ترى علامات أذكرها لك إنْ أدركتها: ... ويبعث السفياني جيشاً إلى الكوفة وعدَّتهم سبعون ألفاً، فيصيبون من أهل الكوفة قتلاً وصلباً وسبياً، فبينا هم كذلك إذ أقبلت رايات من قِبَل خراسان وتطوي المنازل طيًّا حثيثاً، ومعهم نفر من أصحاب القائم، ثمّ يخرج رجل من موالي أهل الكوفة في ضعفاء فيقتله أمير جيش السفياني بين الحيرة والكوفة، ويبعث السفياني بعثاً إلى المدينة فينفر المهدي منها إلى مكَّة، فيبلغ أمير جيش السفياني أنَّ المهدي قد خرج إلى مكَّة، فيبعث جيشاً على أثره فلا يُدركه حتَّى يدخل مكَّة خائفاً يترقَّب على سُنَّة موسى بن عمران (عليه السلام)...»(4)، فهي تشبه إلى حدٍّ ما الفترة الأُولى.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الكافي (ج١/ ص٣٣٣/ باب في النهي عن الاسم/ ح٣).

(٢) كمال الدِّين (ص٣٨١/ باب ٣٧/ ح٥).

(3) كمال الدِّين (ص٤٤٠/ باب ٤٣/ ح٨).

(4) الغيبة للنعماني (ص٢٨٨ و٢٨٩/ باب ١٤/ ح٦٧).

المصدر : دروس استدلالية في العقيدة المهدوية ـ تأليف : الشيخ حميد عبد الجليل الوائلي.

 

مواضيع قد تعجبك

Execution Time: 0.0798 Seconds