ما هو الفرق بين حكومة النبي محمد (ص) وبين حكومة الإمام المهدي (عج) ؟

, منذ 1 سنة 523 مشاهدة

إنّ في رواياتنا أنّ حكومة المهدي ستكون حكومة داود (عليه السلام)، إنّه يحكم بحكم داود (عليه السلام)، رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: «إنّما أقضي بينكم بالبيّنات والايمان وبعضكم ألحن بحجّته من بعض، وأيّما رجل قطعتُ له قطعة فإنّما أقطع له قطعة من نار»(1) .

أوضّح لكم هذه الرواية: رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان إذا تخاصم إليه رجلان على كتاب مثلاً، على دار، أو على أيّ شيء آخر، يطلب من المدعي البيّنة، وحينئذ إنْ أقام البيّنة أخذ الكتاب من المدعى عليه وسلّمه إلى المدعي، وهذا الحكم يكون على أساس البيّنة، يقول رسول الله إنّما أقضي عليكم إنّما أقضي بينكم بالبيّنة، أمّا إذا كانت البيّنة كاذبة والمدعي أقامها وعن هذا الطريق تملّك الكتاب، فليعلم بأنّ الكتاب هذا قطعة من النار، أنا وظيفتي أنْ أحكم بينكم بحسب البيّنة، وأنت أيّها المدعي إنْ كنت تعلم بينك وبين ربّك أنّ الكتاب ليس لك، فلا يجوز لك أخذ هذا الكتاب.

إذن، يكون حكم رسول الله والحكم الاسلامي على أساس القواعد المقرّرة، وهذه هي الادلة الظاهرية المعمول بها.

فإذا جاء المهدي (سلام الله عليه)، لا يأخذ بهذه القواعد والاحكام الظاهرية، وإنّما يحكم طبق الواقع، فإذا جاء ورأى أنّ الكتاب الذي بيدي هذا الكتاب الذي بحوزتي هو لزيد، أخذه منّي وأرجعه إلى زيد، وإذا علم أنّ هذه الدار التي أسكنها ملك لعمرو أخذها منّي وأرجعها إلى عمرو، فكلّ حقّ يرجع إلى صاحبه بحسب الواقع.

وعلى هذا، إذا كان الامام (عليه السلام) ظهوره بغتة، وكان حكمه بحسب الواقع، فنحن ماذا يكون تكليفنا فيما يتعلّق بنا في شؤوننا الداخلية والشخصية ؟ في أُمورنا الاجتماعية ؟ في حقوق الله سبحانه وتعالى علينا ؟ وفي حقوق الاخرين علينا ؟ ماذا يكون تكليفنا وفي كلّ لحظة نحتمل ظهور الامام (عليه السلام)، وفي تلك اللحظة نعتقد بأنّ حكومته ستكون طبق الواقع لا على أساس القواعد الظاهرية ؟ حينئذ ماذا يكون تكليف كلّ فرد منّا ؟

وهذا معنى «أفضل الاعمال انتظار الفرج».

وهذا معنى ما ورد في الروايات من أنّ الائمّة (سلام الله عليهم) كانوا ينهون الاصحاب عن الاستعجال بظهور الامام (عليه السلام)، إنّما كانوا يأمرون ويؤكّدون على إطاعة الانسان لربّه وأن يكون مستعدّاً لظهور الامام (عليه السلام).

وبعبارة أُخرى: مسألة الانتظار، ومسألة ترقب الحكومة الحقة، هذه المسألة خير وسيلة لإصلاح الفرد والمجتمع، وإذا صَلُحنا فقد مهّدنا الطريق لظهور الامام (عليه السلام)، ولأن نكون من أعوانه وأنصاره.

ولذا أمرونا بكثرة الدعاء لفرجهم، ولذا أمرونا بالانتظار لظهورهم، هذا الانتظار معناه أن يعكس الانسان في نفسه ويطبّق على نفسه ما يقتضيه الواقع، قبل أن يأتي الامام (عليه السلام) ويكون هو المطبِّق، ولربّما يكون هناك شخص يواجه الامام (عليه السلام) ويأخذ الامام منه كلّ شيء، لانّ كلّ الاشياء التي بحوزته ليست له، وهذا ممكن.

فإذا راقبنا أنفسنا وطبّقنا عقائدنا ومعتقداتنا في سلوكنا الشخصي والاجتماعي، نكون ممهّدين ومساعدين ومعاونين على تحقّق الارضية المناسبة لظهور الامام (عليه السلام).

وتبقى كلمة سجّلتها عن الامام أمير المؤمنين (عليه السلام) بهذه المناسبة، يقول الامام (عليه السلام) ـ كما في نهج البلاغة ـ: «ولا تستعجلوا بما لم يعجّله الله لكم، فإنّه من مات منكم على فراشه وهو على معرفة حقّ ربّه وحقّ رسوله وأهل بيته، مات شهيداً»(2) .

وعندنا في الروايات: أنّ من كان كذا ومات قبل مجيء الامام (عليه السلام)مات وله أجر من كان في خدمته وضرب بالسيف تحت رايته.

يقول الامام (عليه السلام): «فإنّه من مات منكم على فراشه وهو على معرفة حقّ ربّه وحقّ رسوله وأهل بيته مات شهيداً، ووقع أجره على الله، واستوجب ثواب ما نوى من صالح عمله، وقامت النيّة مقام إصلاته لسيفه، فإنّ لكلّ شيء مدّة وأجلاً»(3) .

ففي نفس الوقت الذي نحن مأمورون بالدعاء بتعجيل الفرج، فنحن مأمورون أيضاً لتهيئة أنفسنا، وللاستعداد الكامل لان نكون بخدمته، وإذا عمل كلّ فرد منّا بوظائفه، وعرف حقّ ربّه عزوجل وحقّ رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم)وحقّ أهل بيته (عليهم السلام)، فقد تمّت الارضية المناسبة لظهوره (عليه السلام)، ولا أقل من أنّا أدّينا تكاليفنا ووظائفنا تجاه الامام (عليه السلام).

_______________

  1. الكافي 7/414 رقم 1، باختلاف بالألفاظ.
  2. نهج البلاغة 2/156 خطبة 185.
  3. تأويل الآيات: 642، البحار 52/144 ح63.
  • المصدر : كتاب الامام المهدي (عليه السلام) ـ تأليف السيّد علي الحسيني الميلاني

 

مواضيع قد تعجبك

Execution Time: 0.1540 Seconds