هل أن حكومة الإمام المهدي تشمل كل أنحاء العالم ؟

, منذ 1 سنة 402 مشاهدة

النصوص القرآنية والنبوية، المبشرة بدولة المهديّ ـ عليه السلام ـ العالمية وبحتمية انتصار الإسلام على جميع اعدائه في العالم، وظهوره على الأديان الكافرة والمشركة والأنظمة الضالة والمنحرفة كلها، كثيرة من طرف الفريقين.

وهذا الموضوع من أكثر المواضيع المهدوية التي تظافرت عليه الآيات الصريحة مع الروايات المعتبرة والصحيحة، وهي جميعها تؤكد أصالة قضية المهديّ ـ عليه السلام ـ في المغيبات الإلهية، وحتمية تحقق دولته في مستقبل تاريخ الأمة الإسلامية. ولنبدأ بذكر ما جاء في القرآن الكريم من آيات مبشرة بهذا الحدث السياسي العالمي الكبير.

الدولة العالمية في القرآن

والآيات القرآنية المبشرة بدولة المهدي ـ عليه السلام ـ العالمية كثيرة، وهي نوعان، منها ما يحتاج الى تفسير وتأويل وايضاح علمي مفصل لإقناع القارئ باختصاصها في الموضوع، ومنها واضح جلي بل نص صريح في هذا الموضوع، وسنكتفي هنا بعرض بعض آيات النوع الثاني، مما اتفق على اختصاصها بموضوع دولة المهديّ ـ عليه السلام ـ العالمية مفسرو الشيعة والسنة معاً.

منها قوله تعالى: (يريدون ان يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلاّ أن يتم نوره ولو كره الكافرون هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون)(1).

روى الحاكم بسند صحيح على شرط مسلم عن عائشة ان رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ قال: ((لا يذهب الليل والنهار حتى تعبد اللات والعزى)) قالت عائشة فقلت: يا رسول الله اني كنت اظن حين انزل الله تبارك وتعالى (هو الذي ارسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون) ان ذلك يكون تاماً؟ فقال ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ: ((انه سيكون من ذلك ما شاء الله، ثم يبعث الله ريحاً طيبة فيتوفى من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من خير، فيبقى من لا خير فيه فيرجعون الى دين آبائهم))(2).

وعن تميم الداري قال: سمعت رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ يقول:

((ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلاّ أدخله الله هذا الدين، يعز عزيزاً، ويذل ذليلاً، عزاً يعز الله به الإسلام وأهله، وذلاً يذل به الكفر وأهله))(3).

وعن المقداد بن الأسود قال: سمعت رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ يقول:

((لا يبقى على ظهر الأرض بيت مدر ولا وبر إلاّ أدخله الله كلمة الإسلام بعز عزيز، وبذل ذليل، امّا يعزهم فيجعلهم من أهلهم أو يذلهم فيدينون لهم))(4).

وعن أبي ثعلبة الخشني قال: كان رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ اذا رجع من غزاه أو سفر أتى المسجد فصلى فيه ركعتين ثم ثنّى بفاطمة ـ رضي الله عنها ـ ثم يأتي ازواجه، فلما رجع ]ذات مرة[ خرج من المسجد، فتلقته فاطمة عند باب البيت وأخذت تقبله وتبكي فقال لها:

((يا بنية ما يبكيك؟)) قالت: ((يا رسول الله أراك شعثاً نصباً قد اخلولقت ثيابك؟)) قال فقال لها: ((لا تبكي فأن الله عزّ وجلّ بعث أباك لأمر لا يبقى على ظهر الأرض بيت مدر ولا شعر إلاّ أدخل الله به عزاً أو ذلاً، حتى يبلغ حيث بلغ الليل والنهار))(5).

ولما سألوا أبا هريرة عن تفسير قوله تعالى:

(هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون) قال: ((هذا وعد من الله بأنه تعالى

يجعل الإسلام عالياً على جميع الأديان(6).

ولما سُئل السدي عن تفسير الآية السابقة قال: ((وذلك عند خروج المهديّ))(7).

هذا ما روي من طرق أهل السنة في تفسير هذه الآية المباركة وهو يطابق تمام المطابقة مع ما جاء من طرق أهل البيت ـ عليهم السلام ـ في تفسيرها، واليك طائفة مما جاء عنهم بهذا الصدد.

روي ان عليّاً تلا هذه الآية وسأل الحاضرين:

((هل ظهر الإسلام على الدين كله بعد ان أرسل الله رسوله بالهدى ودين الحق؟)) فقالوا: نعم ! فقال لهم: ((كلا فو الذي نفسي بيده حتى لا تبقى قرية إلا ينادى فيها بشهادة أن لا إله إلاّ الله محمداً رسول الله بكرة وعشياً))(8).

وسألوا الإمام محمد الباقر ـ عليه السلام ـ عن تفسيرها فقال: ((ان ذلك يكون عند خروج المهديّ من آل محمد فلا يبقى أحد إلاّ أقر بمحمد ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ)(9).

---

(1) التوبة: 32 ـ 33.

(2) مستدرك الصحيحين 4: 447، وقال حديث صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي في التلخيص.

(3) مجمع الزوائد 6: 14 قال: رواه أحمد والطبراني ورجال أحمد رجال الصحيح، مستدرك الصحيحين 4: 430، وقال: صحيح ووافقه الذهبي في التلخيص.

(4) مجمع الزوائد 6: 14 قال: رواه أحمد والطبراني ورجال الطبراني ورجال الصحيح، مستدرك الصحيحين 4: 430 قال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ووافقه الذهبي في التلخيص.

(5) مستدرك الصحيحين 3: 155، وقال صحيح وتعقبه الذهبي مضعفاً له ولم يفعل شيئاً لان الأحاديث السابقة شاهدة على صحته.

(6) التفسير الكبير للفخر الرازي 16: 40.

(7) تفسير أبي الفتوح 6: 16.

(8) تأويل الآيات 2: 689، ينابيع المودة للحنفي القندوزي: ص423.

(9) تفسير العياشي 2: 87 ح50.

مواضيع قد تعجبك

Execution Time: 0.0610 Seconds