لماذا إمتدت غيبة الإمام المهدي (عج) أكثر من ألف عام ؟

, منذ 3 اسبوع 377 مشاهدة

قالوا: لماذا كلُّ هذا الحرص على إطالة عمر المهدي (عجَّل الله فرجه) إلى هذا الحدِّ، فتُعطَّل القوانين لأجله، أو نضطرُّ إلى المعجزة؟! ولماذا لا نقبل الافتراض الآخر الذي يقول: إنَّ قيادة البشريَّة في اليوم الموعود يمكن أنْ تُترَك لشخصٍ آخر يُولَد في ذلك الزمان، ويعيش الظروف الموضوعيَّة، لينهض بمهمَّته التغييريَّة؟!

والجواب عنه - بعد الإحاطة بالمطالب المذكورة في البحث - واضح جدًّا، فإنَّ الله (عزَّ وجلَّ) قد أبقى أشخاصاً في هذا العالم أو غيره أحياءً أطول بكثير ممَّا انقضى من حياة المهدي (عجَّل الله فرجه)، وذلك لحِكَمٍ وأسرار لا نهتدي إليها، أو علمنا ببعضها، وعلى كلِّ حالٍ نؤمن بها إيماناً قطعيًّا، فليكن الأمر كذلك بالنسبة إلى المهدي؛ لأنَّا - كما أشرنا من قبل - بصفتنا مسلمين نؤمن بأنَّ الله تعالى لا يفعل عبثاً، وأيضاً نؤمن بمغيَّبات كثيرةٍ عنَّا قامت عليها البراهين المتينة من العقل

والنقل، فلا يضرُّنا إذا لم نعلم بالحكمة في معتَقدٍ من معتقداتنا، وكذلك الحال في الأحكام الشرعيَّة والأعمال العباديَّة، فقد لا نهتدي إلى سرِّ حكمٍ من الأحكام وفلسفة قانونٍ من القوانين الإلهيَّة، لكن التعبُّد بالنصر أمر لا بدَّ منه خصوصاً بعد ثبوته بنحو اليقين.

وعليه نقول: إنْ كانت الأدلَّة التي أقمناها في الفصول السابقة على ضرورة الإيمان بالمهدي (عجَّل الله فرجه)، مع تلك المواصفات الخاصَّة، وأنَّه الحجَّة بن الحسن العسكري، وأنَّه وُلِدَ وكان إماماً بعد أبيه - وفي الخامسة من عمره الشريف -، وأنَّه حيٌّ موجود على طول عمره المبارك. فإنَّ النتيجة الحتميَّة هي القول بهذه الغيبة الطويلة، سواء علمنا - مع ذلك - بسرٍّ من أسرارها أو لم نعلم. وإنْ كان بالإمكان أنْ نتصوَّر لها بعض الأسرار بقدر أفهامنا القاصرة وعقولنا المحدودة. فأمَّا من لا يطيق من المسلمين الالتزام بالمعجزة في طول عمر الإمام والفوائد المترتِّبة على وجوده - مع كونه غائباً - وجب عليه تصحيح اعتقاده من الأصل، وفي ضوء الأدلَّة من العقل والنقل.

وعلى هذا الأساس أيضاً لا يمكننا قبول الافتراض الآخر، لأنَّ المفروض أنَّ الأدلَّة قادتنا إلى استحالة (خلوِّ الأرض من حجَّةٍ لله ولو آناً واحداً)، وبعد الإيمان بذلك - سواء علمنا بشيء من الحِكَم في ذلك، ممَّا جاء في الكُتُب العلميَّة المفصَّلة في الباب أو لم نعلم -، فلا مناص من القول بوجود الإمام منذ ولادته، وأنَّه لا مجال لفرض الافتراض الآخر أبداً.

ـــــــــــــــــــــــــــــ

المصدر : المهدي المنتظر (عجَّل الله فرجه) في الفكر الإسلامي ـ تأليف : السيد ثامر هاشم حبيب العميدي.

مواضيع قد تعجبك

Execution Time: 0.0950 Seconds