الشيخ محمد السند
ظاهرة النبيِّ عيسى (عليه السلام) ظاهرة وطيدة الصلة جدًّا وقريبة جدًّا في بدئها وختمها بقضيَّة الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)، لأنَّه قد بات واضحاً لدى المسلمين ولدى حتَّى أتباع الديانات السماويَّة أنَّه (عليه السلام) ينزل لتكون له مساهمة ما ومشاركة ودور ما في تلك الدولة الإلهيَّة التي ستقام على الأرض لإصلاحها.
وقد بات واضحاً لدى المسلمين في أحاديثهم المتواترة أنَّ النبيَّ عيسى (عليه السلام) إنَّما ينزل في ذلك الحين لإقامة الإصلاح في الأرض في دولة الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه), تلك الدولة التي يُصلِّي فيها خلف الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)، فنزوله فصل من العقيدة بظهور الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)، أي شقَّان لعقيدةٍ واحدةٍ, وحقيقة بيِّنة ثابتة يعتقد بها المسلمون ويعتقد بشطر منها النصارى واليهود, وبالتالي فإنَّ استعراض هذه الظاهرة في القرآن الكريم ذو صلة وثيقة وأكيدة بظهور الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه).
وبحياة الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) في الغيبة، لأنَّه قُرِنَ اسم عيسى (عليه السلام) باسم المهدي (عجَّل الله فرجه) في بيانات القرآن الكريم، وبيانات بصائر الحديث النبوي المتواتر مستفيضاً عند فِرَق المسلمين. ومن ثَمَّ يُسلِّط القرآن الكريم الضوء على ظاهرة النبيِّ عيسى (عليه السلام)، ويُبيِّن أنَّ بني إسرائيل ورغم وجود براهين الوحي الإلهي لديهم بالبشارة بدور النبيِّ عيسى (عليه السلام), وأنَّه لن يُقتَل حتَّى يشارك في ثُلَّة تُعيَّن من قِبَل السماء في الأرض بشكل معلن للإصلاح واستتباب وانتشار العدالة ودين الحقِّ في أرجاء الأرض كافَّة, رغم وجود هذه البراهين لديهم كيف يزعمون ويقولون بهذه المقالة بأنَّهم قد قتلوه, وأنَّه ليس بحيٍّ الآن؟! ولأجل ذلك طبع الله على قلوبهم.
﴿وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ﴾ (النساء: ١٥٩), هذه الآية تُبيِّن أنَّ النبيَّ عيسى (عليه السلام) سوف يكون له نزول بعد ما رُفِعَ إلى السماء, وأنَّه سيشارك في بسط ونشر الإيمان الحقِّ في الأرض, فهناك اقتران وثيق ووطيد الصلة في نفس بيانات القرآن الكريم بين ما سبق في شأن نزول النبيِّ عيسى (عليه السلام) وبين وعد الله تعالى في قوله: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾ (التوبة: ٣٣), أي إظهار دين الإسلام على أرجاء الأرض كافَّة وملؤها قسطاً وعدلاً, وأنَّ المهدي (عجَّل الله فرجه) من ذرّيَّة فاطمة وذرّيَّة الرسول وذرّيَّة عليٍّ (عليهم السلام), هاتان الحقيقتان القرآنيَّتان هي حقيقة واحدة متطابقة.
إذن هنا ظاهرتان تبثُّهما عدسة القرآن الكريم كبصائر للبشريَّة.
موقع ديني مختص في مسائل الإمام المهدي (عج) تابع لشعبة البحوث والدراسات - ق. الشؤون الدينية - الأمانة العامة للعتبة الحسينية المقدسة