ما هي علة نزول السيد المسيح (ع) من السماء وصلاته خلف المهدي (عج)؟

, منذ 4 سنة 1K مشاهدة

لقد ورد في الروايات الخاصة بالعلامات التي تسبق ظهور الإمام المهدي (عج) تعداد لتلك العلامات ومعرفة كيفية وقوعها واختلاف بعضها عن البعض الآخر، وأهم تقسيم لحقيقة تلك العلامات أنها تقسم الى حتمية لابد من وقوعها وأخرى مشروطة قد يشملها قانون المحو والإثبات، وما نحن بصدده في هذه الأسطر مناقشة كون نزول عيسى (ع) علامة من علامات الظهور أو ليست من ضمن تلك العلامات؟

فنقول:

إن علامة نزول عيسى (ع) لم تذكرها الروايات في عداد العلامات المحتومة ولا في العلامات الموقوفة، والسر الأساسي في ذلك والله ـ العالم بالأمور ـ أن عيسى ينزل بعد خروج الإمام (ع) وبعد إيمان بعض الناس به، فلا معنى بعد ذلك لجعل نزوله علامة على الإمام (عج) لأن العلامة تكشف عن الشيء قبل وجوده، أما في حالة وجوده فلا معنى لكونها علامة، وقد نصت بعض الروايات أن عيسى (ع) ينزل والإمام حاضر فينا، فقد أخرج البخاري ومسلم كل بسنده عن أبي هريرة أنه قال: قال رسول الله (ص):

(كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم[1])

وأصرح من هذا ما أخرجه أبو نعيم عن أبي عمرو الداني في سننه بسنده عن حذيفة أنه قال:

قال رسول الله (ص):

(يلتفت المهدي وقد نزل عيسى بن مريم كأنما يقطر من شعره الماء فيقول المهدي تقدم صل بالناس فيقول عيسى إنما أقيمت الصلاة لك فيصلى خلف رجل من ولدي[2]).

وصلاة عيسى خلف المهدي نقلها كبار العلماء في موسوعاتهم من السنة والشيعة، في مسألة مسلمة لا شك فيها عندهم، فقد أخرج ابن أبي شيبة عن ابن سيرين:

(المهدي من هذه الأمة وهو الذ يؤم عيسى بن مريم[3]).

وأخرج مسلم بسنده عن جابر بن عبدالله يقول سمعت النبي صلى الله عليه و سلم يقول:

(لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة قال فينزل عيسى بن مريم صلى الله عليه و سلم فيقول أميرهم تعال صل لنا فيقول لا إن بعضكم على بعض أمراء تكرمة الله هذه الأمة).

ووردت أحاديث كثيرة في هذا المجال لا داعي لنقلها بعدما نقلنا مضمونها من خلال ما ذكرناه أعلاه، ولعل الحكمة ـ والله أعلم ـ في نزول عيسى مع الإمام هي إتمام الحجة على النصارى وغيرهم، بل حتى على المسلمين الذين آمنوا بعيسى وشككوا بالإمام المهدي، فلا يكون لهم عذر بعد ذلك، وهذا نبي الله عيسى (ع) يدعوه الى الإمام ويأتم خلفه، خصوصاً وأن ثورة الإمام ثورة عالمية اُريد لها أن تملأ الخافقين قسطاً وعدلاً بعدما ملئا ظلماً وجوراً[4].


[1] صحيح البخاري: ج4 ص205، صحيح مسلم: ج1 ص136.

[2] السيوطي: الحاوي للفتاوي ج2 ص81.

[3] مصنف ابن ابي شيبة ج1 ص137 حديث رقم 247 باب نزول عيسى (ع).

[4] المصلح العالمي من النظرية الى التطبيق ص188 ـ السيد نذير الحسني

مواضيع قد تعجبك

Execution Time: 0.0781 Seconds