هناك أمور معينة عليه أن يلتزم بها:
أوّلاً: الصدق مع النفس:
عليه أن يكون صادقاً مع نفسه وأن لا يدَّعي لنفسه باطلاً، والإنسان الصادق مع نفسه سعيد وليس للاضطراب إلى قلبه سبيل، سعيد مع نفسه، سعيد مع الآخرين، يحترمه الناس. الإنسان الذي لا يعطي لنفسه أكبر من حجمها إنسانٌ محترم، مُحِبّ ومحبوب من قبل الناس.
ثانياً: التفقّه:
ترويض النفس على أحكام الله (عزَّ وجلَّ)، الفقه عندنا مسألة جدّاً مهمّة، هذا الفقه الذي نعتبره أعظم تراث ورثناه من أهل البيت
(عليهم السلام) وأغلى جوهرة ورثناها من الأئمّة الأطهار (عليهم السلام) فقه تعب عليه الأئمّة (عليهم السلام)، وتوارثه أصحابهم وقتلوا من أجله، استشهد عشرات، بل مئات من أجل أن تكتب صفحة، في سبيل أن يُؤلَّف كتاب في الفقه، وما سيرة الشهيد الأوّل والثاني (رضي الله عنهما) ببعيدة عنّا، صاحب اللمعة وشارح اللمعة - كتاب اللمعة الفقهي - كلاهما شهيدان من شهداء هذا الطريق، الفقه الذي بين أيدينا لا تتصوَّر أنَّه مسألة سهلة، يأتي البعض يستهزأ يقول: أنتم يا أهل الحوزة مشغولون بالأغسال وبالحيض والنفاس، يستهزأ وكأنَّ أحكام هذه الأمور أحكام يُستهزأ بها. هذا الذي يتكلَّم بهذا الأسلوب يستهزأ بأحكام الله في الواقع، الدين شمل بأحكامه كلّ نواحي الحياة، فالإنسان ينبغي أن يعطي قيمة لكلّ حكم شرعي والذي هو في الواقع تراث السماء.
من الأمور التي تُعين على التهيّؤ لزمن الظهور وأن يكون الإنسان في ذلك الزمن إنساناً سويّاً ومقبولاً عند الإمام (عليه السلام) أن يكون متفقّهاً في دينه، ليس بمعنى أن يكون مجتهداً بالضرورة، لا، بل أن تكون المرأة عارفة بأحكامها، والرجل عارفاً بأحكام عمله وجملة ابتلاءاته, أن يكون كلّ إنسان في أيّ موقع من مواقع الحياة عارفاً بأحكام عمله وحياته.
صلاته، شكوك صلاته، صيامه، زكاته، خمسه، الطهارة والنجاسة، أحكام المعاملة والبيع والشراء، فيكون محصّناً ومكتملاً فقهياً من هذه الجهات.
ثالثاً: البصيرة الكاملة:
الأمر الآخر الذي يجعله مهيّأ بشكل كامل لزمن الظهور: العقيدة الصريحة والواضحة، والبصيرة الكاملة، لو جاء الإنسان في زمن الظهور وعقائده متزلزلة وغير ثابتة، ولم يدرس العقائد بشكل كافٍ، ولم يتعرَّف على مقامات الأئمّة الأطهار (عليهم السلام) بشكل كافٍ، فإنَّه قد يقع في بلاء.
قد يأتي ويرى الإمام (عليه السلام) يحكم بحكم فيعترض على الإمام، فيقدّمه الإمام ويضرب رأسه، لدينا رواية تقول: بينما الرجل بين يدي الإمام المهدي يأمر وينهي يعني أنَّه أحد القادة, من الأشخاص الذين يأمرون وينهون بأمر الإمام وإذا بالإمام يقدّمه ويضرب رأسه(1).
لماذا؟ هل الإمام عنده شهوة للقتل؟ أبداً، الناس إذا لم تكن عقائدها كاملة بأهل البيت (عليهم السلام) سيُمتحنون امتحانات عسيرة، في بعض هذه الامتحانات قد يسقطون. إذ قد يفاجئنا الإمام ويقول: إنَّ هذا الحكم الشرعي الذي اعتدتم عليه في المرحلة السابقة خطأ، حكم الله الواقعي ليس هذا.
فإذا كانت عقائدنا قويّة بالإمام، ونعتقد أنَّ هذا هو المعصوم الحجّة من الله علينا ولا يردّ عليه بشطر كلمة نقول له: سمعاً وطاعةً، وكلّ نتائج اجتهاداتنا نرميها في البحر إذا أمر هو، ولا نناقشه ونقول له: لا هذه شريعة جدّك وأنت خالفت الشريعة، فهناك أُناس قد لا يوجد عندهم تحمّل فيقولون: لا، هذا حكم قد اعتدنا عليه، سيقول له الإمام: أنا حجّة الله عليك فإن قبل منه فذاك، وإن لم يقبل ذلك فيقدَّم ويقتل.
فعلى الإنسان أن يبني عقيدته بناءً ثابتاً ابتداءً من التوحيد وانتهاءً بالمعاد.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) عن أبي بصير، عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام)، قال: «يقضي القائم بقضايا ينكرها بعض أصحابه ممَّن قد ضرب قدّامه بالسيف، وهو قضاء آدم (عليه السلام)، فيقدّمهم فيضرب أعناقهم، ثمّ يقضي الثانية فينكرها قوم آخرون ممَّن قد ضرب قدّامه بالسيف وهو قضاء داود (عليه السلام)، فيقدّمهم فيضرب أعناقهم، ثمّ يقضي الثالثة فينكرها قوم آخرون ممَّن قد ضرب قدّامه بالسيف، وهو قضاء إبراهيم (عليه السلام)، فيقدّمهم فيضرب أعناقهم. ثمّ يقضي الرابعة وهو قضاء محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، فلا ينكرها عليه أحد». (بحار الأنوار ٥٢: ٣٨٩/ ح ٢٠٧).
المصدر : الإعداد الروحي لعصر الظهور ـ تأليف: السيّد علاء الدين الموسوي