زعم أحمد إسماعيل ﮔﺎطع أن (اليماني هو الممهِّد الرئيسي وقائد حركة الظهور المقدّس)(١)، وكرَّر ذلك أنصاره في كتبهم، فادّعوا أن اليماني هو قطب الرّحى في حركة الظهور وعملية تطهير الأرض، وهو الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعدما مُلئت ظلماً وجوراً.
ولا يخفى أن هذا زعم باطل، لم يدل عليه شيء من الروايات، وكل من نظر في روايات الظهور لا يجد فيها أي إشارة إلى أن هناك ممهِّداً رئيساً لدولة الإمام المهدي عليه السلام يوطّئ للإمام عليه السلام سلطانه، لا اليماني ولا غيره، بل الظاهر من الروايات أن الإمام المهدي (سلام الله عليه) وأنصاره هم الذين يفتحون البلدان واحداً بعد واحد، ولذلك ورد في الروايات المتواترة المروية من طرق الفريقين أن الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً هو الإمام المهدي المنتظر سلام الله عليه دون غيره، بل إن قيامه (عليه السلام) بذلك صار من أبرز فضائله.
ومن تلك الروايات ما رواه الشيخ الصدوق قدس سره بسنده عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني، قال: قلت لمحمد بن علي بن موسى (عليهم السلام): إني لأرجو أن تكون القائم من أهل بيت محمد الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلئت جوراً وظلماً. فقال (عليه السلام) : يا أبا القاسم، ما منّا إلا وهو قائم بأمر الله عزّ وجلّ، وهادٍ إلى دين الله، ولكن القائم الذي يطهِّر الله عزّ وجلّ به الأرض من أهل الكفر والجحود، ويملؤها عدلاً وقسطاً هو الذي تخفى على الناس ولادته، ويغيب عنهم شخصه، ويحرم عليهم تسميته، وهو سَمِيُّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وكَنِيُّه.
وهو الذي تُطوى له الأرض، ويذل له كل صعب، [و] يجتمع إليه من أصحابه عدّة أهل بدر: ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً من أقاصي الأرض، وذلك قول الله عزّ وجلّ: (أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعاً إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [البقرة: ١٤٨]، فإذا اجتمعت له هذه العدّة من أهل الإخلاص أظهر الله أمره، فإذا كمل له العقد وهو عشرة آلاف رجل خرج بإذن الله عزّ وجلّ، فلا يزال يقتل أعداء الله حتى يرضى الله عزّ وجل...(2).
وروى النعماني بسنده عن الأصبغ بن نباتة، قال: أتيت أمير المؤمنين عليًّا (عليه السلام) ذات يوم فوجدته مفكّراً، ينكت في الأرض، فقلت: يا أمير المؤمنين، تنكت في الأرض أرغبة منك فيها؟ فقال: لا والله، ما رغبتُ فيها ولا في الدنيا ساعة قط، ولكن فكري في مولود يكون من ظهري، الحادي عشر من ولدي، هو المهدي الذي يملؤها قسطاً وعدلاً كما مُلئت ظلماً وجوراً، تكون له حيرة وغيبة، يضل فيها أقوام، ويهتدي فيها آخرون(3).
والروايات في ذلك كثيرة بل متواترة، مروية كما قلنا من طريق الخاصّة والعامّة.
ـــــــــــــــــــــــــــ
(١) المتشابهات ٤/٤٦.
(2) كمال الدين وتمام النعمة ٢/٣٧٧.
(3) الغيبة: ٦٩.
أهدى الرايات ، دراسة في شخصية اليماني ـ تأليف: علي آل محسن
موقع ديني مختص في مسائل الإمام المهدي (عج) تابع لشعبة البحوث والدراسات - ق. الشؤون الدينية - الأمانة العامة للعتبة الحسينية المقدسة