هل يقوم الإمام (عجّل الله فرجه) بزيارة قبر أمير المؤمنين والحسين (ع) ؟

, منذ 10 شهر 349 مشاهدة

وردت العشرات من الروايات الشريفة وهي تُبيِّن ألفاظ الزيارات وكيفيَّاتها، وقد صنَّف فيها العلماء وفصَّلوا بعضها إلى زيارات عامَّة يُزار بها جميع الأئمَّة (عليهم السلام) كالزيارة الجامعة مثلاً أو زيارة أمين الله، وبعضها زيارات خاصَّة ببعض الأئمَّة (عليهم السلام) كزيارة وارث التي هي زيارة اختصاصيَّة بالإمام الحسين (عليه السلام)، فيما فصَّل العلماء تفصيلات أُخرى في الزيارة من قبيل أنَّ هناك زيارات في أيَّام أو مناسبات معيَّنة كيوم عرفة أو النصف من شعبان.

وفي ما يرتبط بزيارات الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) فهي كثيرة، منها:

النموذج الأوَّل: ما زار به (عجّل الله فرجه) آباءه الطاهرين (عليهم السلام):

١ - زيارته (عجّل الله فرجه) لجدِّه أمير المؤمنين (عليه السلام)، حيث شوهد (عجّل الله فرجه) وهو يزور جدَّه أمير المؤمنين (عليه السلام) يوم الأحد قائلاً: «اَلسَّلَامُ عَلَى اَلشَّجَرَةِ اَلنَّبَوِيَّةِ وَاَلدَّوْحَةِ اَلْهَاشِمِيَّةِ... يَا مَوْلَايَ يَا أَمِيرَ اَلمُؤْمِنِينَ هَذَا يَوْمُ اَلْأَحَدِ وَهُوَ يَوْمُكَ وَبِاسْمِكَ وَأَنَا ضَيْفُكَ فِيهِ وَجَارُكَ، فَأَضِفْنِي يَا مَوْلَايَ وَأَجِرْنِي فَإِنَّكَ كَرِيمٌ تُحِبُّ اَلضِّيَافَةَ وَمَأْمُورٌ بِالْإِجَارَةِ»(1).

٢ - استئذانه (عجّل الله فرجه) لدخول حرم جدِّه الحسين (عليه السلام)، فعن الشيخ الصالح (أبو ميسور) بن عبد المنعم بن النعمان المعادي (رحمه الله)، قال: خَرَجَ مِنَ اَلنَّاحِيَةِ سَنَةَ (٢٥٢هـ) إِلَيَّ عَلَى يَدِ اَلشَّيْخِ مُحَمَّدِ بْنِ غَالِبٍ اَلْأَصْفَهَانِيِّ حِينَ وَفَاةِ أَبِي (رحمه الله)، وَكُنْتُ حَدَثَ اَلسِّنِّ، فَكُنْتُ أَسْتَأْذِنُ فِي زِيَارَةِ مَوْلَايَ أَبِي عَبْدِ اَللهِ (عليه السلام) وَاَلشُّهَدَاءِ (رِضْوَانُ اَللهِ عَلَيْهِمْ)، فَخَرَجَ إِلَيَّ مِنْهُ: «بِسْمِ اَللهِ اَلرَّحْمَنِ اَلرَّحِيمِ، إِذَا أَرَدْتَ زِيَارَةَ اَلشُّهَدَاءِ (رِضْوَانُ اَللهِ عَلَيْهِمْ)، فَقِفْ عِنْدَ رِجْلَيِ اَلْحُسَيْنِ (عليه السلام)، وَهُوَ قَبْرُ عَلِيِّ بْنِ اَلْحُسَيْنِ (صَلَوَاتُ اَللهِ عَلَيْهِمَا)، فَاسْتَقْبِلِ اَلْقِبْلَةَ بِوَجْهِكَ، فَإِنَّ هُنَاكَ حَوْمَةَ اَلشُّهَدَاءِ (عليهم السلام) وَأَوْمِ وَأَشِرْ إِلَى عَلِيِّ بْنِ اَلْحُسَيْنِ (عليهما السلام)، وَقُلْ: اَلسَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أَوَّلَ قَتِيلٍ مِنْ نَسْلِ خَيْرِ سَلِيلٍ...»(2).

٣ - زيارته (عجّل الله فرجه) لجدِّه الحسين (عليه السلام) المعروفة بالناحية المقدَّسة، إذ قال ابن المشهدي (رحمه الله) في كتابه (المزار): زيارة أُخرى في يوم عاشوراء لأبي عبد الله الحسين ابن عليٍّ (صلوات الله عليه): وممَّا خرج من الناحية (عليه السلام) إلى أحد الأبواب، قال: «تَقِفُ عَلَيْهِ (صَلَّى اَللهُ عَلَيْهِ) وَتَقُولُ: اَلسَّلَامُ عَلَى آدَمَ صَفْوَةِ اَللهِ...، اَلسَّلَامُ عَلَى مَنْ جُعِلَ اَلشِّفَاءُ فِي تُرْبَتِهِ، اَلسَّلَامُ عَلَى مَنِ اَلْإِجَابَةُ تَحْتَ قُبَّتِهِ، اَلسَّلَامُ عَلَى مَنِ اَلْأَئِمَّةُ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ...، اَلسَّلَامُ عَلَى غَرِيبِ اَلْغُرَبَاءِ، اَلسَّلَامُ عَلَى شَهِيدِ اَلشُّهَدَاءِ، اَلسَّلَامُ عَلَى قَتِيلِ اَلْأَدْعِيَاءِ...»(3).

٤ - زيارته (عجّل الله فرجه) لجدَّيه الكاظم والجواد (عليهما السلام)، فعن أبي الحسين بن أبي البغل الكاتب، قال: تَقَلَّدْتُ عَمَلاً مِنْ أَبِي مَنْصُورِ بْنِ صالِحَانِ، وَجَرَى بَيْنِي وَبَيْنَهُ مَا أَوْجَبَ اِسْتِتَارِي، فَطَلَبَنِي وَأَخَافَنِي، فَمَكَثْتُ مُسْتَتِراً خَائِفاً، ثُمَّ قَصَدْتُ مَقَابِرَ قُرَيْشٍ لَيْلَةَ اَلْجُمُعَةِ...، فَبَيْنَمَا أَنَا كَذَلِكَ إِذْ سَمِعْتُ وَطْأَةً عِنْدَ مَوْلَانَا مُوسَى (عليه السلام)، وَإِذَا رَجُلٌ يَزُورُ، فَسَلَّمَ عَلَى آدَمَ وَأُولِي اَلْعَزْمِ (عليهم السلام)، ثُمَّ اَلْأَئِمَّةِ وَاحِداً وَاحِداً إِلَى أَنِ اِنْتَهَى إِلَى صَاحِبِ اَلزَّمَانِ (عليه السلام) [فَلَمْ يَذْكُرْهُ]...، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ زِيَارَتِهِ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، وَأَقْبَلَ إِلَى عِنْدِ مَوْلَانَا أَبِي جَعْفَرٍ (عليه السلام)، وَزَارَ مِثْلَ اَلزِّيَارَةِ وَذَلِكَ اَلسَّلَامَ، وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، وَأَنَا خَائِفٌ مِنْهُ، إِذْ لَمْ أَعْرِفْهُ، وَرَأَيْتُهُ شَابًّا تَامًّا مِنَ اَلرِّجَالِ...، فَقَالَ لِي: «يَا أَبَا اَلْحُسَيْنِ بْنَ أَبِي اَلْبَغْلِ، أَيْنَ أَنْتَ عَنْ دُعَاءِ اَلْفَرَجِ؟»... فَلَمَّا شُغِلْتُ بِالصَّلَاةِ وَاَلدُّعَاءِ خَرَجَ، فَلَمَّا فَرَغْتُ خَرَجْتُ لاِبْنِ جَعْفَرٍ لِأَسْأَلَهُ عَنِ اَلرَّجُلِ وَكَيْفَ دَخَلَ، فَرَأَيْتُ اَلْأَبْوَابَ عَلَى حَالِهَا مُغَلَّقَةً مُقَفَّلَةً، فَعَجِبْتُ مِنْ ذَلِكَ...، فَسَأَلْتُهُ عَنِ اَلرَّجُلِ وَدُخُولِهِ...، فَقَالَ: هَذَا مَوْلَانَا صَاحِبُ اَلزَّمَانِ (صَلَوَاتُ اَللهِ عَلَيْهِ)(4).

النموذج الثاني: ما صدر منه (عجّل الله فرجه) كزيارةٍ لآبائه الطاهرين أو له (عليهم السلام):

ومنها:

أوَّلاً: ما ورد منه (عجّل الله فرجه) من نصوص لزيارة آبائه الطاهرين (عليهم السلام):

١ - سلامه وصلواته عند زيارته لرسول الله والأئمَّة (عليهم السلام) عن يعقوب بن يوسف الضرَّاب الغسَّاني في حديث طويل عن كيفيَّة خروج نسخة من الناحية المقدَّسة تُبيِّن له كيفيَّة السلام على رسول الله والأئمَّة (عليهم السلام) حيث يقول فيها: «بِسْمِ اَللهِ اَلرَّحْمَنِ اَلرَّحِيمِ، اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ سَيِّدِ اَلمُرْسَلِينَ...، وَصَلِّ عَلَى أَمِيرِ اَلمُؤْمِنِينَ وَوَارِثِ اَلمُرْسَلِينَ...، وَصَلِّ عَلَى اَلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ إِمَامِ اَلمُؤْمِنِينَ...، وَصَلِّ عَلَى اَلْخَلَفِ اَلصَّالِحِ اَلْهَادِي اَلمَهْدِيِّ...، اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَهْلِ بَيْتِهِ اَلْأَئِمَّةِ...، اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى وَلِيِّكَ اَلمُحْيِي سُنَّتَكَ، اَلْقَائِمِ بِأَمْرِكَ...، اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ اَلمُصْطَفَى، وَعَلِيٍّ اَلمُرْتَضَى، وَفَاطِمَةَ اَلزَّهْرَاءِ، وَاَلْحَسَنِ اَلرِّضَا، وَاَلْحُسَيْنِ اَلمُصْطَفَى، وَجَمِيعِ اَلْأَوْصِيَاءِ، مَصَابِيحِ اَلدُّجَى...»(٥).

٢ - عن أبي القاسم الحسين بن روح (رضي الله عنه)، قال: زُرْ أَيَّ اَلمَشَاهِدِ كُنْتَ بِحَضْرَتِهَا فِي رَجَبٍ، تَقُولُ إِذَا دَخَلْتَ: اَلْحَمْدُ لِلهِ اَلَّذِي أَشْهَدَنَا مَشْهَدَ أَوْلِيَائِهِ فِي رَجَبٍ...، اَللَّهُمَّ فَكَمَا أَشْهَدْتَنَا مَشْهَدَهُمْ فَأَنْجِزْ لَنَا مَوْعِدَهُمْ...، اَلسَّلَامُ عَلَيْكُمْ سَلَامَ مُوَدِّعٍ، وَلَكُمْ حَوَائِجَهُ مُوَدِّعٌ، يَسْأَلُ اَللهَ إِلَيْكُمْ اَلمَرْجِعَ وَسَعْيُهُ إِلَيْكُمْ غَيْرُ مُنْقَطِعٍ، وَأَنْ يُرْجِعَنِي مِنْ حَضْرَتِكُمْ خَيْرَ مَرْجِعٍ إِلَى جَنَابٍ مُمْرِعٍ وَخَفْضٍ مُوَسَّعٍ وَدَعَةٍ وَمَهَلٍ إِلَى حِينِ اَلْأَجَلِ...»(6).

ثانياً: ما نُقِلَ إلينا من تواقيع شريفة تضمَّنت زيارات له (عجّل الله فرجه) أمر شيعته أنْ يزار بها:

ومنها:

١ - في كيفيَّة زيارته المشهورة المعروفة بـ(آل ياسين) ، حيث ورد عن محمّد بن عبد الله بن جعفر الحميري أنَّه قال: خَرَجَ اَلتَّوْقِيعُ مِنَ اَلنَّاحِيَةِ اَلمُقَدَّسَةِ (حَرَسَهَا اَللهُ) بَعْدَ اَلمَسَائِلِ: «بِسْمِ اَللهِ اَلرَّحْمَنِ اَلرَّحِيمِ، لَا لِأَمْرِهِ تَعْقِلُونَ، حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ، فَمَا تُغْنِ اَلنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ، اَلسَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اَللهِ اَلصَّالِحِينَ، إِذَا أَرَدْتُمُ اَلتَّوَجُّهَ بِنَا إِلَى اَللهِ وَإِلَيْنَا فَقُولُوا كَمَا قَالَ اَللهُ تَعَالَى: ﴿سَلَامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ﴾ [الصافَّات: ١٣٠]...»(7).

٢ - زيارة آل ياسين غير المشهورة، ورويت أيضاً عن الحميري، وهي تختلفُ في بعض المقاطع، ولعلَّها تساوي من حيث الحجم ضعف الزيارة المشهورة(8).

٣ - الزيارة المعروفة بـ (سلام الله الكامل التامُّ) والتي تُعرَف عند البعض بـ (استغاثة الحجَّة (عجّل الله فرجه))، وهي مرويَّة عن الحسين بن الحسن بن بابويه، عن عمِّه أبي جعفر محمّد بن عليِّ بن بابويه، وفيها: «سَلَامُ اَللهِ اَلْكَامِلُ اَلتَّامُّ اَلشَّامِلُ اَلْعَامُّ...»(9).

٤ - نقل العلَّامة المجلسي (رحمه الله) عن السيِّد ابن طاووس (رحمه الله) زيارة أُخرى له مبتدأها: «إِلَهِي إِنِّي قَدْ وَقَفْتُ عَلَى بَابِ بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ صَلَوَاتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ، وَقَدْ مَنَعْتَ اَلنَّاسَ مِنَ اَلدُّخُولِ إِلَى بُيُوتِهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ...»، ثمّ صلِّ في مكانك اثنتي عشرة ركعة واقرأ فيها ما شئت، واهدها له (عليه السلام)...، فإذا فرغت من الصلاة فادع بهذا الدعاء وهو دعاء مشهور يُدعى به في غيبة القائم (عليه السلام)، وهو: «اَللَّهُمَّ عَرِّفْنِي نَفْسَكَ...» إلى آخر ما ذكره من الدعاء، وهي تُعَدُّ بمثابة الزيارة الثانية له (عجّل الله فرجه)(10).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 - الخصال: الشيخ الصدوق/ تصحيح وتعليق: عليّ أكبر الغفاري/ ١٣٦٢ش/ مؤسَّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرِّسين بقم المشرَّفة.

2 - الدُّرُّ المنثور في التفسير بالمأثور: جلال الدِّين السيوطي/ دار المعرفة/ بيروت.

3 - الدروس الشرعيَّة: الشهيد الأوَّل/ ط ٢/ ١٤١٧هـ/ مؤسَّسة النشر الإسلامي/ قم.

4 - دعائم الإسلام وذكر الحلال والحرام: القاضي النعمان المغربي/ تحقيق: آصف بن عليّ أصغر فيضي/ ١٣٨٣هـ/ دار المعارف/ القاهرة.

5 - دلائل الإمامة: محمّد بن جرير الطبري الشيعي/ ط ١/ ١٤١٣هـ/ مؤسَّسة البعثة/ قم.

6 - رجال النجاشي (فهرست أسماء مصنِّفي الشيعة): أبو العبَّاس أحمد ابن عليِّ بن أحمد بن العبَّاس النجاشي الأسدي الكوفي/ ط ٥/ ١٤١٦هـ/ مؤسَّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرِّسين بقم المشرَّفة.

7 - رسائل في الغيبة: الشيخ المفيد/ تحقيق: علاء آل جعفر/ ط ٢/ ١٤١٤هـ/ دار المفيد/ بيروت.

8 - الروضة في فضائل أمير المؤمنين (عليه السلام): شاذان بن جبرئيل القمِّي (ابن شاذان)/ تحقيق: عليّ الشكرجي/ ط ١/ ١٤٢٣هـ.

9 - رياض السالكين: السيِّد عليّ خان المدني الشيرازي/ تحقيق: السيِّد محسن الحسيني الأميني/ ط ٤/ ١٤١٥هـ/ مؤسَّسة النشر الإسلامي.

10 - شرح أُصول الكافي: مولى محمّد صالح المازندراني/ تعليق: الميرزا أبو الحسن الشعراني/ ضبط وتصحيح: السيِّد عليّ عاشور/ ط ١/ ١٤٢١هـ/ دار إحياء التراث العربي/ بيروت.

المصدر : شرح زيارة آل ياسين ـ الشيخ حميد عبد الجليل الوائلي.

مواضيع قد تعجبك

Execution Time: 0.0575 Seconds