إن الإجماع على حتمية ظهور المصلح العالمي مقترنٌ بالإيمان بأن ظهوره يأتي بعد غيبة طويلة، فقد آمن اليهود بعودة عزير أو منحاس بن العازر بن هارون، وآمن النصارى بغيبة المسيح وعودته، وينتظر مسيحيو الأحباش عودة ملكهم تيودور كمهدي في آخر الزمان، وكذلك الهنود آمنوا بعودة فيشنوا، والمجوس بحياة أوشيدر، وينتظر البوذيون عودة بوذا ومنهم مَن ينتظر عودة ابراهيم (عليه السلام) وغير ذلك إذن قضية الغيبة قبل ظهور المصلح العالمي ليست مستغربة لدى الأديان السماوية، ولا يمكن لمنصف أن يقول بأنها كلّها قائمة على الخرافات والأساطير، فالخرافات والأساطير لا يمكن أن توجد فكرة متأصلة بين جميع الأديان دون أن ينكر أي من علمائها أصل هذه الفكرة، فلم ينكر أحدٌ منهم أصل فكرة الغيبة وإن أنكر مصداق الغائب المنتظر في غير الدين الذي اعتنقه وآمن بالمصداق الذي ارتضاه.
إنّ انتشار أصل هذه الفكرة في جميع الأديان السماوية كاشفٌ عن أرضية اعتقادية مشتركة رسخها الوحي الإلهي فيها جميعاً، ودعمتها تجارب الأنبياء (عليهم السلام) التي شهدت غيبات متعددة مثل غيبة ابراهيم الخليل وعودته، وغيبة موسى عن بني اسرائيل وعودته اليهم بعد السنين التي قضاها في مدين، وغيبة عيسى (عليه السلام) وعودته في آخر الزمان التي أقرّتها الآيات الكريمة واتفق عليها المسلمون من خلال ورودها في الأحاديث النبوية الشريفة، وغيبة نبي الله إلياس التي قال بها أهل السنة كما صرّح بذلك مفتي الحرمين الكنجي الشافعي في الباب الخامس والعشرين من كتابه «البيان في أخبار صاحب الزمان»، وصرّح كذلك بإيمان أهل السنة بغيبة الخضر (عليه السلام) وهي مستمرة الى ظهور المهدي(عليه السلام) في آخر الزمان حيث يكون وزيره.
بل إن انتشار فكرة غيبة المصلح العالمي في الأديان السابقة قد تكون مؤشراً على وجود نصوص سماوية صريحة بذلك كما سنلاحظ ذلك في نموذج النبوة الواردة في سفر الرؤيا من الكتاب المقدس والتي طبقها الباحث السني سعيد أيوب على المهدي الإمامي.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر : أعلام الهداية ـ الامام المهدي المنتظر (عجل الله تعالى فرجه).
موقع ديني مختص في مسائل الإمام المهدي (عج) تابع لشعبة البحوث والدراسات - ق. الشؤون الدينية - الأمانة العامة للعتبة الحسينية المقدسة