النهي عن توقيت ظهور الإمام المهدي (عج) وترك الاستعجال

, منذ 1 سنة 541 مشاهدة

وردت عن أئمتنا - أخبار كثيرة في فضيلة انتظار الفرج وترك الاستعجال والنهي عنه والتسليم لأمر الله وأنه حكيم لا تصدر منه إلا الحكمة وإلا مـا فيـه مـصلحة للعبـاد، والانتظار لا يعني أن يجلـس الشخص مكتوف اليدين لا يحرك ساكناً إلى أن يظهر الإمام (عجل الله تعالى فرجه الشريف) إنما هو الاستعداد والتهيؤ، فلو أن أحداً كان على موعد مع من يؤسس له الكهرباء ويركب له الإنارة عند الصباح فهـل هذا يعني أن يبقى تلك الليلة في ظلام دامس ينتظـر حتـى الـصـباح أم ينبغي عليه أن يعالج الموقف في تلك الليلة بما يستطيع كإيقـاد شـمعة على الأقل يستضيء بنورها في تلك الليلة وينتظر الفـرج عنـد الـصباح فالانتظار يعني العمل ، التهيؤ والاستعداد.

قـال في منتخب الأثـر : (اعلم أن الأخبـار الواردة في فضيلة الانتظار والترغيب فيه كثيرة متواترة وهو كيفية نفسانية ينبعث منهـا التهيؤ لما ينتظره المنتظر أو هو عبارة عن طلب إدراك ما يأتي مـن الأمـر كأنه ينظر متى يكون أو يترقب حصول أمر المنتظر وتحققه وعليه يكون التهيؤ لما ينتظر من أثره وتتفاوت مراتبه بتفاوت محبة المنتظر لمـا ينتظـره فكلما كان الحب أشد كان التهيؤ لما ينتظر أكمل وكلما قرب زمانه يصير تعلق قلبه واشتغال خاطره به أكد فالمنتظر لظهـور مـولانـا المهدي ** يتهيأ لذلك بالورع والاجتهاد وتهذيب الأخلاق وكسب الفضائل والمعارف والكمالات حتى يفوز بثواب المنتظرين المخلصين بـل يظهـر من بعض الاحاديث انه لا يعد من اصحابه إلا إذا كان عـامـلا بـالورع ومحاسن الأخلاق وهـو منتظـر فيـجـب عـلى المنتظـر المـؤمن ملازمة الطاعات والاجتناب عن السيئات وهذا من أعظم فوائد الانتظار وقد ذكروا له فوائد أخرى.

منها أنه يخفف النوائـب عـلى الإنسان لعلمه بأنهـا في معرض التدارك فيقوى بسببه قلبه ويبعثه إلى الإقدام والحركة نحو التكامل وأن يكافح النائبات ومتاعب الحياة وأن ينظر إلى أبناء جنسه ومستقبل أمره بعين الحب والرضا فيقوم بقضاء حوائج الناس وإصلاح أمورهم ويعين الضعفاء ويرحم الفقراء ويعود المرضى ويستريح بـه مـن سـوء الظن بالحياة ومستقبل عمره واليأس من روح الله وكـم فـرق بـيـن مـن يرى العالم يسير إلى نقطة الصلاح والكمال والغلبة على المشاكل و بين مـن يـراه سـائراً نحـو الظلم والفساد ولا يخفى عليـك أن انتظـار المهدي كاشف عن بلوغ الإنسان مرتبة كمال القوى العاقلـة وعـن الأريحية وحب العدل وإجراء الحدود وجريان الأمـور عـلى القواعـد الصحيحة والموازين الدقيقة، وعن إخلاصه وصـدقه في ادعائـه مـودة النبي (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته (عليهم السلام) وليعلم أن معنى الانتظار كما ظهـر ممـا ذكـر ليس تخلية سبيل الكفار والأشرار وتسليم الأمور إلـيـهـم والمداهنة معهم وترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والإقدامات الإصلاحية فإنه كيف يجوز إيكال الأمور إلى الأشرار مع التمكن مـن دفعهـم عـن ذلك والمداهنة معهم وترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغيرها من المعاصي التي دلّ عليها العقل والنقل وإجماع المسلمين ولم يقل أحد من العلماء وغيرهم بإسقاط التكاليف قبيل ظهوره ولا يرى منـه عـيـن ولا أثر في الأخبار.

نعم، تدل الآيات والأحاديث الكثيرة على خلاف ذلك بـل تـدل على تأكد الواجبات والتكاليف والترغيب إلى مزيد الاهتمام في العمل بالوظائف الدينية كلها في عصر الغيبة فهذا توهم لا يتوهمـه إلا مـن لم يكن له قليل من البصيرة والعلم بالأحاديث والروايات)(1).

والروايات في انتظار الفرج كثيرة منها:

مـا عـن أمير المؤمنين (عليه السلام): (أفـضـل العبادة الصبر والصمت وانتظار الفرج) (2).

وعن أبي الحسن (عليه السلام) عن آبائه أن رسـول الله (صلى الله عليه وآله) قال: (أفضل أعمال أمتى انتظار الفرج من الله عز وجل) (3).

وعن الصادق (عليه السلام) قال: (من مات منتظراً لهذا الأمـر كـان كـمـن كان مع القائم في فسطاطه لا يـل كـان كـالـضـارب بـيـن يـدي رسـول الله يا بالسيف)(4).

وعنه (عليه السلام)، عن آبائه عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: (المنتظر لأمرنا كالمتشحط بدمه في سبيل الله)(5).

وعنه (عليه السلام) قال: (إن لنا دولة يجيء الله بها إذا شاء .... مـن ستره أن يكون من أصحاب القائم فلينتظر وليعمل بالورع ومحاسن الأخلاق وهو منتظر فإن مات وقام القائم بعده كـان لـه مـن الأجـر مـثـل أجـر إدراكه فجدوا وانتظروا هنيئاً أينها العصابة المرحومة)(6).

وعنه (عليه السلام) (من دين الأئمة: الورع والعفة والصلاح .... وانتظار الفرج بالصبر)(7).

وعن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: (انتظروا الفرج ولا تيأسوا من روح الله فإن أحب الأعمال إلى الله عز وجل انتظار الفرج ... الأخـذ بأمرنا معنا غداً في حظيرة القدس والمنتظر لأمرنا كالمتشحط بدمـه في سبيل الله) (8).

وعن أبي جعفر و قال: (مـا ضر مـن مـات منتظراً لأمرنا ألا يموت في وسط فسطاط المهدي وعسكره) (9).

وعن علي بن الحسين (عليه السلام) عن أبيه (عليه السلام) عن علي (عليه السلام) عـن رسـول اللہ (صلى الله عليه وآله) قال: (انتظار الفرج عبادة)(10).

وعنه (عليه السلام) قال: (انتظار الفرج من أعظم الفرج)(11).

وقال الرضا (عليه السلام): (ما أحسن الصبر وانتظار الفرج أمـا سـمعت قول الله تعالى: (وارتقبـوا إنـي مـعـكـم رقيب)، وقوله عز وجل: (فانتظروا إني معكم من المنتظرين) (12)، فعليكم بالصبر فإنـه إنـا يجيء الفرج على اليأس فقد كان الذين من قبلكم أصبر منكم) (13).

وعن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): جعلـت فـداك متى الفرج؟ فقال: (عليه السلام): (يا أبا بصير وأنت ممن يريد الـدنيا؟!! مـن عـرف هذا الأمر فقد فرج عنه بانتظاره)(14).

وقال (عليه السلام): (يا أبا بصير طوبى لشيعة قائمنا المنتظرين لظهوره في غيبته والمطيعين له في ظهوره أولئك أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون)(15).

واللازم أيضاً على شيعته المخلصين عـدم الاستعجال والتسليم لأمر الله وترك قول: (لم) و(لأي شيء) فيما يتعلق بظهوره فـإن مـن آمن بعدل ربه وبحكمته البالغة سلّم بها يختار له وأنه الصلاح ولو كان من الحكمة والمصلحة ظهوره الآن لظهر لوجوب اللطف على الله وتمام عنايته بخلقه وهو الرؤوف الرحيم فلأي شيء يكون الاستعجال وقد ورد في الروايات النهي عنه.

قال أبو عبد الله في : (ملكت المحاضير) قلت: مـا المحاضير؟ قال : (المستعجلون، ونجا المقربون وثبـت الحـصـن عـلى أوتادهـا، كونوا أحلاس بيوتكم فإن الفتنة على من أثارهـا وإنهـم لا يريدونكم بحاجة إلا أتاهم الله بشاغل لأمر يعرض لهم)(16).

وعــن الـبـاقر (عليه السلام) قال: (هلـك أصحاب المحاضـير ونجـا المقربون)(17).

وعنه (عليه السلام) قال: (مثل من خرج منا أهل البيت قبل قيام القائم مثل فرخ طار ووقع في كوة فتلاعبت به الصبيان)(18).

وعن أبي عبـد الله (عليه السلام) في تفسير قوله تعالى: «أتـى أمـر الله فـلا الله تستعجلوه) (19) قال: (هو أمرنا أمر الله لا يستعجل به يؤيده ثلاثة أجنـاد الملائكة والمؤمنون والرعب)(20).

وعنه من قال: (اعرف إمامك فإنك إذا عرفته لم يضرك تقدم هذا الأمر أو تأخر)(21).

ـــــــــــــــــــــــــ

(1) منتخب الأثر: 633.

(2) تحف العقول: ۲                                                              ۰۱.

(3) کمال الدين: 6٤٤.

(4) الإمامة والتبصرة: ١٢٢.

(5) الخصال: 6۲5.

(6) فضائل أمير المؤمنين (عليه السلام) ١٤٧.

(7) بحار الأنوار ۵٢ : ۱۲۲

(8) الخصال: 610، حديث الأربعمائة.

(9) الكافي 1 : ۳۷۲.

(10) أمالي الطوسي: 405.

 (۱1) هود: ۹۳.

(12) الأعراف: 71.

(13) كمال الدين: 645.

(14) الغيبة للعماني: ٣٥١.

(15) معجم أحاديث الإمام المهدي (عليه السلام) ۵ : ۱۰۸.

(۱6) بحار الأنوار ٥٢ : ١٣٨.

(17) بحار الأنوار ٥٢ : ١٣٩.

(18) شرح الأخبار 3 : 560.

(19) النحل: 1.

(20) مكيال المكارم ۲ : ۱۷۹

(21) الكافي 1 : ۳۷۱.

المصدر: أطيب الثمار في عصر الانتظار، الشيخ مجيد الصائغ، ص119-126.

مواضيع قد تعجبك

Execution Time: 0.0873 Seconds