هل نحن من ينتظر الإمام المهدي (عج) أم الإمام هو الذي ينتظرنا ؟

, منذ 2 سنة 2K مشاهدة

السيد منير الخباز

كلنا نقول اننا ننتظر المنقذ العالمي، كلنا نقول اننا ننتظر ذلك اليوم الذي اتفقت عليه الأديان والمذاهب، كلها متفق على ضرورة خروج منقذ عالمي قبل قيام الساعة، كلنا ننتظره، لكن هل اننا ننتظره أم أنه هو الذي ينتظرنا؟! الصحيح هو الذي ينتظرنا، لماذا؟ هناك ثلاث نوافذ من خلالها نعرف أنه هو الذي ينتظرنا.

النافذة الأولى:

الآية القرآنية، قوله تبارك وتعالى: ﴿وَالْعَصْرِ «1» إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ «2»﴾ العصر ربما يكون المراد به عصر الظهور أو عصر الإنتظار ﴿وَالْعَصْرِ «1» إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ «2» إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ «3»﴾ [العصر: 1 - 3]، مسؤوليه التواصي وهي مسؤولية الرقابة الإجتماعية التي قالت عنها آية اخرى: ﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ﴾ [آل عمران: 104] هذه المسؤولية ضرورية من أجل تحقيق الإنتظار، نحن لا نتكلم عن الإنتظار القلبي أو الإنتظار اللساني، نحن نتكلم عن الإنتظار العملي، عندما يرد عن الرسول : ”افضل اعمال امتي انتظار الفرج“، وفي حديث آخر ”الفرج في انتظار الفرج“ فما هو المقصود بالإنتظار الذي هو أفضل الأعمال، أفضل من الصلاة وَالصوم! أفضل من القربات! ماهو المقصود بها الإنتظار، ماهو الإنتظار الذي فيه الفرج حتمًا ليس المقصود بالإنتظار القلبي أو اللساني! المقصود به هو الإنتظار العملي، والإنتظار العملي المترسم.

النافذة الثانية:

ماورد في رواية عبد العظيم الحسني، عن صفوان بن يحيى، عن إبراهيم بن أبي زياد، عن أبي حمزه الثمالي، عن أبي خالد الكابلي: ”دخل على الإمام زين العابدين وسأله عن أمل البشرية عن المهدي المنتظر فأجاب الإمام زين العابدين «بكلام فلنطبقه على أنفسنا أيها الإخوة لنسأل أنفسنا هل أننا مصداق لهذا الكلام الذي ذكره الإمام زين العابدين أما لا! لنعرف أننا من المنتظرين حقًا أم لا؟ من المُنتظرين من قبل المهدي عجل الله فرجه الشريف أم لا؟» قال : إن أهل زمان غيبته القائلين بإمامته المنتظرين لظهوره  أفضل أهل كل زمان“، لماذا؟ لأن الله تعالى ذكره أعطاهم من العقول والأفهام والمعرفة ما صارت به الغيبة عندهم بمنزلة المشاهدة.

إن هذه الرواية ترشدنا بشكل واضح إلى أن عصر الظهور عصر علم وحضارة لأنه ذكر العقول والأفهام والمعارف، وهذا يعني أنه سيظهر في عصرٍ قد تقدم فيه العلم وقد تعملق فيه الإنسان بالعلم، لهذا الإنتظار العملي يعني التسلح بالعلم.

كثير من المسلمين فرح عندما سمع أن حكومة برلين سمحت لبعض المساجد أن ترفع صوت الأذان فيها، وبلدية لندن سمحت لبعض المساجد أن ترفع صوت الأذان فيها، وإذاعة BBCجعلت من بعض برامجها تفسير آيات القرآن الكريم فاعتبره كثير من المسلمين نصراً للإسلام، هذا أمر جميل لكن النصر الحقيقي هو الإنتصار بالعلم.

عندما يبرز أبناء المسلمين في مختلف التخصصات العلمية، في العلوم الإنسانية والعلوم الطبيعية، وفي العلوم الدينية، في العلوم الفلسفية، عندما يبرز أبناء المسلمين رواد في مجال العلوم أصحاب نظريات واختراعات حين إذن يتحقق الإنتصار العلمي، ويتحقق معنى الإنتظار العملي.

النافذة الثالثة:

ما ورد عن الإمام المنتظر عجل الله فرجه: ”ولو ان اشياعنا وفقهم الله لطاعته على اجتماع من القلوب في الوفاء بالعهد عليهم ولعنهم اليوم لقائنا ولك عجلت لهم السعاده بمساعده“ إن الإمام ينص على اجتماع القلوب، ينص على أن تخلو قلوبنا من الحزازات والأحقاد والضغائن، ينص على أن نتحول كلنا كل المسلمين إلى أسرة واحدة تحب بعضها بعضا ويرحم بعضها بعضا.

الامام المنتظر يقول لنا إذا أردتم لقاءنا لا يلزم أن يكون لقاء مباشر، لقاء تسديد، لقاء نصح، لقاء مراقبة، إذا أردتم لقاؤنا فعليكم بإجتماع القلوب، عليكم أن تجسدوا روح الأخوة «انما المؤمنون اخوه» الأخوة تعني أن يرحم الغني الفقير، الأخوة تعني أن ترفع من قلبك الغل والحقد «ربنا اغفر لنا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين امنوا» الأخوة تعني أن يجتمع كلنا على البناء العلمي والعملي، فإن هذا هو الإنتظار. هذا ما ينتظره المهدي منا لا ما ننتظره منه، إنه ينتظر منا أن نتحلى بهذه الخصال الثلاث التي تعرضنا لها فإن بالتحلي بها الإنتظار العملي الذي يرتقبه منا الإمام المنتظر «عج».

وهذه الليلة المباركة، ليلة الدعاء، ليلة العبادة، ليلة العروج إلى الله، إنها إحدى ليالي القدر العظيمة، حاولوا في هذه الليلة أن تجتمعوا على الدعاء والتوسل وزيارة الحسين  على التوسل بأهل البيت «صلوات الله وسلامه عليهم» وعلى الصدقة التي تدفع البلاء، وعلى أن يرحم الغني الفقير، حاولوا هذه الليلة أن تجسدوا أروع صور الأخوة وأروع صور الدعاء والعروج إلى الله في صلاة الليل بالأدعية والإبتهال إلى الله لكي نشترك هذه الليلة في دعاء الإمام المنتظر، إنه يدعوا ربه هذه الليلة فلكي نكون ضمن دعائه وضمن إبتهاله وضمن صوته علينا أن ننشغل الليلة بالدعاء والصلاة والنافلة والصدقة والتوسل بأهل البيت  وزيارة المولى أبي عبد الله الحسين  وفقنا الله وإياكم لطاعات والقربات.

اَللّهُمَّ كُنْ لِّوَلِيِّكَ اَلحُجَّة بنِ اَلحَسَنِ صَلَواتُكَ عَلَيهِ وَ عَلى آبائِهِ في هذِهِ اَلسّاعِةِ وَفي كُلِّ ساعَةٍ وَلِيّاً وحَافِظاً وَقائِداً وَناصِراً وَدَليلاً َوَعَيناً حَتّى تُسكِنَهُ أرضَك طَوعاً وَتُمَتِّعَهُ فيها طَويلاً.

مواضيع قد تعجبك

Execution Time: 0.1075 Seconds