مِن أعظمِ صفاتِ الإنسانِ المؤمن هوَ الذوبانُ الكاملُ في حبِّ الإمامِ المهديّ وعشقه، والشوقُ الدائمُ للتشرّفِ برؤيتِه ونصرتِه، وهوَ حبٌّ كبيرٌ وشوقٌ عظيم نابعٌ من معرفةِ عظمةِ الإمامِ وعظمةِ الدورِ الذي سيقومُ به في مواصلةِ مسيرةِ الأنبياءِ الكرام، وهوَ أيضاً الذي دَعتنا إليه، وربّتنا عليه الأحاديثُ والأدعيةُ مِن أجلِ تقويةِ علاقتِنا به عجّلَ اللهُ فرجه، كما في دعاءِ العهد: (اللّهُمَّ أَرِنِي الطَّلعَةَ الرَّشِيدَةَ، وَالغُرَّةَ الحَمِيدَةَ، وَاكحُل ناظِرِي بِنَظرَةٍ مِنِّي إِلَيهِ) وفي دعاءِ زمنِ الغيبة: (اللهّمَّ إنّي أسألكَ أن تريني وليَّ الأمرِ ظاهراً نافذَ الأمر، معَ علمي بأنَّ لكَ السلطانَ والقدرةَ، والبرهانَ والحجّةَ، والمشيئةَ والحولَ والقوّة، فافعَل ذلك بي وبجميعِ المؤمنين، حتّى ننظرَ إلى وليّك صلواتُك عليهِ ظاهرَ المقالة، واضحَ الدّلالة، هادياً منَ الضلالة، شافياً منَ الجهالة) وفي دعاءِ الندبة: (مَتى تَرانا وَنَراكَ وَقَد نَشَرتَ لِواءَ النَّصرِ، تُرى أتَرانا نَحُفُّ بِكَ وَاَنتَ تَاُمُّ المَلأ، وَقَد مَلأتَ الأرضَ عَدلاً، وَأذَقتَ أعداءَكَ هَواناً وَعِقاباً، وَأبَرتَ العُتاةَ وَجَحَدَت الحَقِّ، وَقَطَعتَ دابِرَ المُتَكَبِّرينَ، وَاجتَثَثتَ أصُولَ الظّالِمينَ) وفيه أيضاً: (بِنَفسِي أَنتَ أُمنِيَّةُ شائِقٍ يَتَمَنَّى، مِن مُؤمِنٍ وَمُؤمِنَةٍ ذَكَرا فَحَنّا) وهو خطابٌ أو مناجاةٌ للإمامِ المهدي، تعبّرُ عمّا يختلجُ في قلوبِ المؤمنينَ مِن حبٍّ صادقٍ له، وشوقٍ عظيمٍ لرؤيتِه ونصرتِه، وافتدائِه بالنفسِ والولد وكلِّ شيء.
وهذه الأمنيةُ الغاليةُ لدى كلِّ مؤمنٍ صادقِ الإيمان، متشوّقٍ لدولةِ الحقِّ الكريمة، التي يعزّ اللهُ بها الإسلامَ وأهله، ويذلُّ النفاقَ وأهله، ويجعلهُ فيها منَ الدّعاةِ إلى طاعتِه، والقادةِ إلى سبيله، ويرزقُه بها كرامةَ الدّنيا والآخرة، ليسَت صعبةَ المنال كما قد يتصوّرُ البعض، بل في إمكانِ كلِّ مؤمنٍ أن يحظى بها وينالها متى وطّدَ علاقتَه بالإمامِ المهدي، وجعلَ الأملَ برؤيتِه ونُصرتِه هدفاً من أهدافه الساميةِ في الحياة، وخطّط تخطيطاً صحيحاً لبلوغه، وعملَ جاهداً وبكلِّ همّةٍ وعزيمةٍ على تحقيقه، وقامَ بتذليلِ كلِّ عقبةٍ يمكنُ أن تعترضَ سلوكَه هذا الطريق، وتحقيقَ ذلكَ الهدفِ المنشود، وهوَ يردّدُ قولَ أبي الطيّب المُتنبّي:
عَلى قَدرِ أَهلِ العَزمِ تَأتي العَزائِمُ.....وَتَأتي عَلى قَدرِ الكِرامِ المَكارِمُ
وَتَعظُمُ في عَينِ الصَغيرِ صِغارُها.....وَتَصغُرُ في عَينِ العَظيمِ العَظائِمُ
وأهمُّ ما نحتاجُه في بلوغِ هذه الأمنيةِ الغالية، وتحقيقِ هذا الأملِ الكبيرِ العظيم هو أن نبذلَ الجهدَ في التمهيدِ لدولتِه، والانتظارِ لظهوره، وأوّلُ خطوةٍ في تحقيقِ هذينِ الأمرين (التمهيدُ والانتظار) هي ألّا نجعلَ الإيمانَ مُجرّدَ شعارٍ وهويّة، بل علينا أن نتقّمصَه ونتلبّسَ به، ونجسّدَه عمليّاً في حياتنا، وذلكَ مِن خلالِ تزكيةِ النفس، وترويضِها بالتقوى، والتزامِنا بالتكاليفِ الإلهيّة، وامتثالنا للأوامرِ والنواهي الربّانيّة، بحيثُ لا يرانا اللهُ حيثُ نهانا، ولا يفقدُنا حيثُ أمرنا.
ومع التزكيةِ للنّفس، والتجسيدِ العمليّ للإيمان يجبُ أن نطّلعَ على أوصافِ أصحابِ الإمامِ المهدي وأنصارِه المذكورةِ في الرواياتِ والأخبار ونتحلّى بها، وكذا المواظبةُ على الأعمالِ التي أكّدت الأحاديثُ الشريفةُ أنَّ مَن واظبَ عليها حالفَهُ التوفيقُ الإلهيّ العظيمُ ليحظى بشرفِ نُصرةِ الإمامِ عليه أفضلُ الصلاةِ وأزكى السلام، كالتعمّقِ في معرفتِه ومعرفةِ مقامِه العظيمِ عندَ الله، وتوطينِ النفسِ على طاعتِه، والتسليمِ لأمره، والاهتمامِ بالعبادة، والدعاءِ بتعجيلِ فرجه
وإلى ما هنالكَ من صفاتٍ وأعمالٍ يمكنُ الوقوفُ عليها بالرجوعِ إلى المؤلّفاتِ في هذا الموضوع، وهيَ كثيرةٌ جدّاً وقلّما يخلو كتابٌ منَ الكتبِ المؤلّفةِ عن الإمامِ المهدي منها.
موقع ديني مختص في مسائل الإمام المهدي (عج) تابع لشعبة البحوث والدراسات - ق. الشؤون الدينية - الأمانة العامة للعتبة الحسينية المقدسة