كيف ندخل السرور على قلب الإمام المهدي (عج) ؟

, منذ 1 سنة 2K مشاهدة

إن الذي يسعى لكسب رضى الإمام المهدي (عليه السلام) لا بد أن يسعى لكسب رضى الله تعالى، فكل عمل يستوجب رضاه سبحانه وتعالى يستوجب بالضرورة رضى وسرور الإمام المهدي (عليه السلام).

وكذلك ما يكون محلاً لغضب الله وسخطه يكون أيضاً محلاً لغضب الإمام وسخطه، وهذا ما صرح به الإمام الحسين (عليه السلام) بقوله: (رضا الله رضانا أهل البيت).

ويقول الإمام الباقر (عليه السلام): (لا تَذْهَبْ بِكُمُ الْمَذاهِبُ، فَوَاللهِ ما شيعَتُنا إلاّ مَنْ أَطَاعَ اللهَ).

وعن امير المؤمنين (عليه السلام): (هيهات! لا يخدع الله عن جنّته، ولا تنال مرضاته إلّا بطاعته) وعليه فإن الإسلام بكل ما فيه من عقائد وتشريعات يمثل خطة عمل كاملة لتحقيق رضى الله تعالى، ومن ثم رضى رسوله والائمة من بعده.

وقد صرحت الكثير من الآيات القرآنية بالأعمال التي تستوجب رضى الله تعالى، والمتدبر لآيات الكتاب يجد أن التقوى هي العمل الجامع لكل ما يوجب رضى الله تعالى، قال تعالى: (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ).

ويقول أمير المؤمنين (عليه السلام) في هذه الآية: (وأوصاكم بالتقوى، وجعلها منتهى رضاه وحاجته من خلقه)، حيث جعل التقوى هي منتهى رضى الله تعالى، وعليه لا يكون العبد مقبول عند الله ومرضي عنه عند رسوله والائمة من أهل بيته إلا بالتقوى، قال تعالى: (قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ).

وقد تحدث أمير المؤمنين بالتفصيل عن صفات المتقين في حديثه مع همام، فالذي يجسد تلك الصفات أو يسعى في أن يكون من المتقين سيكون بالحتم مرضياً عند صاحب العصر والزمان، وليس ذلك بالأمر السهل وإنما يحتاج إلى بذل قصارى الجهد وتمام الوسع، فرِضا الله تعالى عن عبد ليس منحة مجانية يقدمها المولى تعالى بلا ثمن وبلا سعي وجهد من العبد. كيف؟ وقد صرح القرآن الكريم بوجوب السعي في قوله: (وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى) (فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه)

فلكي يكون العبد في حزب الإمام المهدي (عليه السلام) لابد أن يكون في حزب الله، قال تعالى: (لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُون)، فعندما يصبح حب الله هو المحور الذي يقيم عليه الإنسان علاقاته ويضبط عليه افعاله حينها يكون من حزب الله الذين رضى عنهم.

وقد ورد رضى الله في كثير من الآيات القرآنية ومن خلالها يمكننا الوقوف على الأفعال التي تجعلنا مرضيين عند صاحب الزمان (عليه السلام)، ومن ذلك التحلي بالصدق حيث قال تعالى عنه: (هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)، والصدق هنا اعم من الصدق في الحديث حيث يشمل الصدق في جميع المواقف القلبية والسلوكية، وكذلك الشكر يوجب الرضوان، قال تعالى: (وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ)، وكذلك الجهاد في سبيل الله بالأموال والأنفس، حيث بشر الله المجاهدين بالرحمة والرضوان، قال تعالى: (يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ)، وقد رضى الله أيضاً عن المؤمنين والمؤمنات الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة بقوله: (وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)، وهكذا لو تتبعنا آيات القرآن لوجدنا أن رضى الله ليس شيء آخر غير العمل بما جاء في كتابه.

وفي المحصلة أن مقدار الطاعة والقرب من الله وهو الذي يحدد مقدار القرب من صاحب العصر والزمان، ففي الحديث: (من سرّه أن يكون من أصحاب القائم فلينتظر، وليعمل بالورع، ومحاسن الأخلاق وهو منتظر، فإن مات وقام القائم بعده كان له من الأجر مثل أجر من أدركه، فجدوا وانتظروا، هنيئاً لكم أيتها العصابة المرحومة).

فكلما اقترب العبد من الله كلما اقترب من صاحب الزمان وكلما اقترب من صاحب الزمان أقترب من الله تعالى، وعليه من الضروري لكل شيعي الرجوع إلى الروايات التي تحدد صفات الشيعة ليعرف مكانه منها، وقد كتب الشيخ الصدوق كتاباً خاصاً جمع فيه تلك الروايات تحت عنوان (صفات الشيعة)، وأول تلك الاحاديث التي جمعها هو قول الإمام الصادق (عليه السلام): (شِيعَتُنَا أَهْلُ اَلْوَرَعِ وَاَلاِجْتِهَادِ وَأَهْلُ اَلْوَفَاءِ وَاَلْأَمَانَةِ وَأَهْلُ اَلزُّهْدِ وَاَلْعِبَادَةِ أَصْحَابُ إِحْدَى وَخَمْسِينَ رَكْعَةً فِي اَلْيَوْمِ وَاَللَّيْلَةِ اَلْقَائِمُونَ بِاللَّيْلِ اَلصَّائِمُونَ بِالنَّهَارِ يُزَكُّونَ أَمْوَالَهُمْ وَيَحُجُّونَ اَلْبَيْتَ وَيَجْتَنِبُونَ كُلَّ مُحَرَّمٍ)، نسأل الله أن يعيننا على انفسنا وأن يوفقنا للاقتداء بهم والسير على هداهم.

مواضيع قد تعجبك

Execution Time: 0.0567 Seconds