لهذه الأسباب صار إنتظار الفرج أفضل الأعمال ؟

, منذ 1 سنة 816 مشاهدة

السيد منير الخباز

ورد عن النبي محمد (صلى الله عليه وآله) : ”أفضل أعمال أمتي انتظار الفرج“، فما معنى هذا الحديث؟ الانتظار له مدلول عقائدي، له مدلول روحي، له مدلول عملي.

المدلول الأول: المدلول العقائدي.

نحن نعتقد بأن الغرض والغاية والهدف من إنزال الرسالة من السماء إلى الأرض هو إقامة العدالة، والعدالة لم تتحقق إلى يومنا هذا، ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾، إلى الآن لم تتحقق العدالة التامة، إذن إذا كنا نؤمن بأن الله عادل، وإذا كنا نؤمن بأن الله لا يفعل قبيحاً، ولا يفعل لغواً، فلا بد أن نؤمن بأن هناك يوماً لا بد أن يأتي يحقق الله فيه هدفه من بعثة الأنبياء وإنزال الكتب، ألا وهو إقامة العدالة التامة على الأرض، وإلا فلسنا بمؤمنين.

إذن، الانتظار معناه أن نؤمن بأن هناك يوماً لتحقيق العدالة، أن هناك يوماً يحقّق الله فيه وعده، والإيمان بأن هناك يومًا يحقق فيه الله وعده، ويحقق فيه الله عدالته، ويتنزه به عن فعل اللغو والقبيح، هذا الإيمان من أفضل أعمال المؤمن، إذن ”أفضل أعمال أمتي انتظار الفرج“ لأن الانتظار يعني قضية عقائدية ضرورية، وهي قضية تحقيق الله لوعده الذي وعد به في الكتاب، وما يحكم به العقل من ضرورة تحقيق العدالة التامة، وإلا لكان بعثة الأنبياء وإنزال الكتب أمرًا لغوًا، واللغو لا يصدر من الحكيم تبارك وتعالى.

المدلول الثاني: المدلول الروحي التربوي.

عندما يؤمن الإنسان بأنَّ هناك إمامًا يمده ببركاته، يمده بفيضه، يمده بعطائه، غير عندما يعتقد الإنسان أن لا شيء هناك، وأن الإمام سيولد آخر الزمان، إذا اعتقد الإنسان أن الإمام سيولد آخر الزمان فسوف لن يكون عنده تفاعل روحي مع ذلك الإمام، سوف لن يكون عنده تناغم نفسي مع ذلك الإمام، أما إذا اعتقد الإنسان أن الإمام حاضر، يراه، يشهده، يتصل به، وهو مصدر البركات، مصدر الفيوضات، مصدر العطاء، يمدنا بهدايته، يمدنا بدعائه، يمدنا ببركاته، يسدّد مراجعنا، يسدّد قادتنا، يسدّد مسيرتنا، يحفظ القرآن عن التحريف، يحفظ الأمة الإسلامية عن الذل والهوان، إذا اعتقدنا أن هناك إماماً ينشر بركاته وينشر خيراته، صار لنا تفاعل روحي مع ذلك الإمام، صار لنا تناغم نفسي مع ذللك الإمام.

من هنا جاء دعاء الندبة، دعاء الندبة يؤكد على التفاعل الروحي بين الإنسان وبين صاحب العصر، دعاء العهد يؤكد على التفاعل النفسي بين الإمام وبين صاحب العصر، هذه الأدعية هي من مصاديق الانتظار، ”أفضل أعمال أمتي انتظار الفرج“ انتظاره بمعنى الاعتقاد بحضوره، والتفاعل معه، والإيمان بمدده وخيره ودعائه، والارتباط الروحي بشخصيته المباركة ، وهذا ما ينعكس على إيمان الإنسان وسلوكه.

المدلول الثالث: المدلول العملي والسلوكي.

انتظار الضيف هو إعداد المأدبة له، أنا أنتظر الضيف، يعني أعد المكان لاستقباله، لا يمكن أن يكون انتظار الضيف بلا إعداد، إذن انتظار الأمة لخروج صاحب العصر والزمان «عجل الله تعالى فرجه الشريف» لا يعني أن الأمة جالسة، وتتشاءم، ولا تقوم بأي عمل وأية حركة، انتظار الإمام يعني إعداد الأرضية لظهور الإمام «عجل الله تعالى فرجه الشريف»، الإمام إذا ظهر يحتاج إلى أرضية يستند إليها، والانتظار له إعداد تلك الأرضية له.

وهذا ما نادى به القرآن الكريم: ﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾، وقال القرآن الكريم: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ﴾. إذن، حركة الإصلاح، حركة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حركة تثقيف الأمة وإيقاظها، حركة تسليح الأمة بالعقائد، بالأخلاق، بالثقافة الإسلامية، حركة إرشاد الأمة ووعظها من قِبَل العلماء والخطباء والمبلّغين، كل هذه الحركة هي إعدادٌ لظهور الإمام المنتظر «عجل الله تعالى فرجه الشريف»، تعبيد للأرضية لخروج الإمام المنتظر.

إذن، هذا هو معنى الانتظار في مدلولاته الثلاثة، ”أفضل أعمال أمتي انتظار الفرج“ له مدلول عقائدي: تحقيق وعد الله، له مدلول تربوي: التفاعل الروحي مع غيبة الإمام، له مدلول سلوكي: وهو إعداد الأمة نخبةً صالحةً لخروج الإمام ولنصرة الإمام «عجل الله تعالى فرجه الشريف».

مواضيع قد تعجبك

Execution Time: 0.0806 Seconds