هل دعاء المؤمنين يساهم في حفظ الإمام المهدي (عج) من الخطر ؟

, منذ 2 سنة 477 مشاهدة

السيد منير الخباز 

ما هو الأثر الذي نتلمسه لوجود الإمام؟ هل أن غيبة الإمام المهدي غيبه انفصالية أو غيبة إتصالية؟ غيبة عيسى بن مريم هي غيبه إنفصالية فهو لا يخالط الناس ولا يجتمع معهم لأنه رُفع من على الأرض ﴿إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ﴾ متوفيك: معناه إستيفاء المدة، مدتك لك مدة على الأرض ورفعتك إلى السماء.

كما في قوله تعالى ﴿اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا﴾ حتى التي لم تمت الله يستوفي قدرتها وجهدها. بينما غيبة الخضر غيبة إتصالية فهو كان يعيش بين الناس يُخالطهم ويُعاشرهم.

هل أن غيبة المهدي غيبه إنفصالية أم غيبه إتصالية؟ هل أن المهدي معزول عن الناس أم أنه يعيش بينهم؟ وإنما الغائب عُنوانه فقط؟

إذا قلنا بأن المهدي غيبته إنفصالية فإذا دوره مُعطل في زمان الغيبة لأن غيبته إنفصالية فلا يستطيع المُعاشرة والإتصال بين الناس، فلماذا أبقاه الله مع هذا الدور المُعطل؟

وإذا كانت غيبته إتصالية بمعنى أنه يُخالط الناس كما الروايات بأنه يعيش بين الناس يأكل ويشرب، يذهب ويجئ. فإذا هو يعيش عيشة إتصالية مُقتضى ذلك أن الناس تلمس أثره ونحن لا نرى له أثراً مادياً وأثراً ملموساً، فكيف يقال أن غيبته غيبه إتصالية، إذن أنتم الشيعة إما أنت تقولوا الإمام معزول هنا دوره معطل، وإما أن تقولوا الإمام متصل بالناس إذن أين دوره وأثره، أين الأثر الحسي الملموس للمهدي المنتظر «عج» إذا كان يعيش بين الناس عيشةً إتصالية؟

ما هو الجواب عليه؟

المُستفاد من النصوص أن غيبة الإمام هي إتصالية ومن الدلائل على أنه ليس غائب وإنما حاضر، الغائب عنوانه وليس شخصه بمعنى أنه لا يُعرف أن هذا الرجل هو مُحمد بن الحسن، هو حاضر لكنه ليس ظاهراً بعنوانه وبإسمه فغيبته إتصالية.

”وإن إمامكم ليحضر الموسم كل سنة“ الإمام كل سنة في عرفه يوم التاسع من ذي الحجه فهو حاضر. ومن دلائل ذلك هذه الأدعية التي تستحب قراءته في كل وقت خصوصاً في ليلة القدر ويوم القدر ”اللم كن لوليك الحجة بن الحسن صلواتك عليه وعلى آبائه في هذه الساعة وفي كل ساعة ولياً وحافظاً ودليلاً و عينا حتى تسكنه أرضك طوعا وتمتعه فيها طويلا“ سيدنا الخوئي «قدس سره» كان يلتزم بهذا الدعاء في كل صلاة.

هذا الدعاء يكشف على أن الإمام يعيش بيننا وأنه في معرض الخطر ووصول الظالمين إليه فهو يعيش في حالة حذر، لذلك شاء الله أن يكون دُعاء المؤمنين سبباً من أسباب حفظه ”ولياً وحافظاً“. إذن لماذا لا نرى له أثر فكل من عاش نرى له أثراً مادياً فلماذا لا نرى له زوجه وبيت.. الخ.

أين الأثر المادي للمهدي إذا كانت علاقته علاقه إتصالية؟... علاقة الله بنا علاقه إتصالية أو إنفصالية؟

 

أين الأثر الحسي بالله مع أن علاقة الله بنا علاقة حسية يحي ويميت ويرحم كل حياتنا هي مددٌ عطاءٌ ورزقٌ منه لكن أين الأثر الحسي؟ واحد يقول الله غير موجود أنا لا أرى له أثر حسي لا أسمع له صوت ولم أرى صوره... إذن دام أنه ليس له أثر حسي إذن ليس موجوداً. ليس كل موجود فوجوده يعني أن له أثر حسي وإن كانت العلاقة علاقة إتصالية، لا يوجد علاقةٌ حسية أعظم من علاقة الله بمخلوقاته ولو وقف معك إنسان كافر لا يؤمن بالله يقول لك أرني أثر حسي بالله؟ مع أنك تؤمن أن علاقة الله بك علاقه إتصالية

هذا النقض، وأما الحل.

نلاحظ أنه لا يوجد موجود إلا وقد تزاوج فيه عالم الملكوت وعالم الملك، الله تبارك وتعالى يقول ﴿فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ﴾ كل شيء له ملكوت ولكل شيء له ملك ﴿تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ﴾.

فما دام كل شيء له عنصر ملكوتي وعنصر ملكي إذن كل شيء له نوعان من الأثر: ملكوتي بمعنى غيبي، وله أثر ملكي بمعنى مادي. مثلاً: روح الإنسان هذه الروح لها عنصر ملكوتي وعنصر ملكي لأن للروح عُنصرين فللروح أثران: أثرٌ ملكوتي وأثرٌ ملكي.

الملكي المادي: المشي والكلام والقدرة للروح. أين الأثر الملكوتي للروح؟ الغيبي؟.

ما هو الأثر الغيبي للروح؟ هي الرؤية الصادقة في المنام. وقد إعترف بها كل عُلماء الموضوعيين بأن هناك غيب وهو الرؤى الصادقة، أوقات ترى رؤى تتحقق بعد أيام كما رأيتها وأحياناً ترى مناظر تقول بأنك رأيتها من قبل أو رأيت أشخاص فأنت رأيتهم في رؤى صادقه سبقت رأيتهم. هذه الرؤى الصادقة التي تحدث عنها الإمام الصادق (عليه السلام) قال:

”الرؤيا ثلاثة أنواع: تحذيرٌ من الشيطان وتبشيرٌ من الرحمن وأضغاث أحلام“ أنت ترى رؤيا بتفاصيلها وبعدها تحدث بعد شهر أو شهرين، وترى رؤيا مُفزعه ثم تحدث بعد ذلك. هذه الرؤى قبل أن تحقق هل كانت ماده؟ لم تكن شيء مادي لأنها لم تتحقق.

الشيء المادي هو الشيء الذي تحقق على الأرض، الرؤى قبل أن تتحقق ليست شيئاً مادياً.

إذن ماهي حقيقة الرؤى؟

الرؤى الصادقة قبل أن تتحقق إذا لم تكن شيئاً مادياً فما هي؟ هي شيء ملكوتي للروح المادية، فالروح الإنسانية لها أثران:

أثر ملكوتي غيبي وهو الرؤى الصادقة، وأثر ملكي مادي وهو حركة البدن.

الله تبارك وتعالى موجود فهذا الموجود هو الذي برأ عالم المُلك وعالم الملكوت، الله له آثار ملكوتية وهو خلق الأرواح والنفوس، وآثارٌ ملكية وهو هذا العالم المادي الذي نعيش فيه. أيضاً الإمام المنتظر «عج» موجود من الموجودات فله عنصر ملكوتي وله ملكي، له آثارٌ:

روحية وهي: من توجه للإمام المنتظر أمده بلطفه، نحن نقرأ هذه الآية ﴿أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾ الإمام المهدي ذكر الله بعض الروايات تفسير للآية، ذكر الله هو الإمام المعصوم ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ الآية القرآنية تدل على أن الذكر هو النبي ﴿لقد أرسلنا إليكم رسولا ذكراً﴾ ذكر الإمام المعصوم ذكرٌ لله وذكره يزرع الطمأنينة والمدد والإستقرار في النفوس ﴿أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾ ومن قوى علاقته بالمهدي سيجد هذا الأثر. يتصدق عن الإمام المهدي، يطوف عن الإمام المهدي ويزور عنه، يُحدث علاقه ويصنع علاقه بينه وبين المهدي هذه العلاقة سوف ينعكس أثرها عليه.

مثل علاقتك بالله علاقه روحية، ما هو الفرق بينك وبين المُلحد الذي لا يؤمن بالله؟ فهو يأكل ويشرب ويمرض ويتزوج ويُنجب لكنه لا يؤمن بالله... فأنت نفس حالاته لكنك تؤمن بالله. الفرق بينكما في العلاقة الروحية. ذاك لم يصل إلى الله فليس بينه وبين الله علاقة روحيه لذلك لا يجدُ الأثر الروحي لله وبما أنه يُنكر الله فهو لا يجد أثر مادي ولا أثر روحي فيضل على إنكاره. لكن أنت تؤمن بالله فتجد الأثر الروحي لله في قلبك نفس ذاك مع الإمام.

أيضاً شخص سُني وآخر شيعي كلاهما يشربان ويأكلان..... ما هو الفرق بينهما؟ الفرق أن المُعتقد بالمهدي يجدُ الأثر الروحي للمهدي وذاك لا يجده لأنه لم يصل إليه أو لم يعتقد به.

فإذاً لا ينحصر الأثر في الأثر المادي كي يقول المُنكر أنا لم أجد أثر مادي إذاً لا يوجد مهدي، قد يكون الأثر روحياً ملكوتياً.

الأثر المادي فيعرفه أهله: وكما ورد عن السيد بحر العلوم «رحمه الله» ”إني لأعرف نحنحته من بين الناس“ صوت نحنته أميزه. ولذلك ورد عن الإمام نفسه ”ولو أن أشياعنا وفقهم الله لطاعته كانوا على إجتماع من القلوب في الوفاء بعهدنا لما تأخر عنهم اليُمّن بلقائنا ولتعجلت لهم السعادة بمشاهدتنا“ يتكلم عن الشيعة الإمامية.

المطلوب من الشيعة شيئين: الوحدة في النفوس وليس التفرق، كلٌ يقلد من يريد وأنتم الشيعة كلكم مُعرض للإضطهاد والظُلم، الجميع لابد أن يصب في بوتقة واحدة وركبٍ واحد ومسار واحد وهو مسار محمد وآل محمد.

”ولو أن أشياعنا وفقهم الله لطاعته كانوا على إجتماع من القلوب في الوفاء بعهدنا“ نحن لدينا وفاء بعهدنا على كل شيعي أن ينصرنا ويُدافع ويذب عنا، همّ الشيعي ليس ضرب الشيعي الآخر، إنما أن تذبّ عن محمد وآل محمد.

”لما تأخر عنهم اليُمن بلقائنا ولتعجلت لهم السعادة بمشاهدتنا“

فمن يبحث عن الأثر المادي سيجده إذا سار في طريقه وكان من أهله، وهذه الأحداث التي تمر بالشيعة الإمامية في كل مكان هذا خير وليس شر، هذه الأحداث لها :

أولاً: أثر إجتماعي وهو أنها وحدة الشيعة نحو هدف ونقطه واحدة.

ثانياً: لها أثر روحي وهي أنها شحدة الشيعة بالعزيمة والصبر وقوة الإرادة والتحدي.

ثالثاً: لها أثر إعلامي وهو أن هذه الأحداث أظهرت عظمة المرجعية وقوتها، وهو أن المرجعية ركن عالمي يحذر منه الشرق والغرب.

رابعاً: لها أثر إداري للشيعة فهم بدأوا يخططون للمستقبل والفعل وبُعد النظر. إذن هذه الأحداث لها نتيجة الإعداد لظهور المهدي المنتظر «عج».

مواضيع قد تعجبك

Execution Time: 0.0861 Seconds