تأثير دعاء الندبة في تقوية العلاقة بالإمام المنتظر (عليه السلام)

, منذ 9 شهر 422 مشاهدة

السيد منير الخباز

هناك مقالة تتحدَّث عن علاقتنا العاطفية بالإمام المنتظر عليه السلام، تقول: من قرأ دعاء الندبة ـ وهو دعاء معروف بين الشيعة ـ يتَّضح له أنَّ هذا الدعاء وأمثاله يربّي الشيعة على البكاء والاستغراق في العاطفة والانشغال عن المبادئ والقيم، والاغراق في الحزن على حساب المبادئ والقيم تربية سيّئة، تربية خاطئة، إذ يقول الدعاء خطاباً للإمام المنتظر عليه السلام: (إِلَى مَتَى أحَارُ فِيكَ يَا مَوْلايَ، وَإِلَى مَتَى وَأيَّ خِطَابٍ أصِفُ فِيكَ وَأيَّ نَجْوَى، عَزيزٌ عَلَيَّ أنْ اُجَابَ دُونَكَ وَاُنَاغَى، عَزيزٌ عَلَيَّ أنْ أبْكِيَكَ وَيَخْذُلَكَ الْوَرَى، عَزيزٌ عَلَيَّ أنْ يَجْريَ عَلَيْكَ دُونَهُمْ مَا جَرَى)، ثمّ يقول: (هَلْ مِنْ مُعِينٍ فَاُطِيلَ مَعَهُ الْعَويلَ وَالْبُكَاءَ، هَلْ مِنْ جَزُوع فَاُسَاعِدَ جَزَعَهُ إِذَا خَلا، هَلْ قَذِيَتْ عَيْنٌ فَسَاعَدَتْهَا عَيْني عَلَى الْقَذَى)، وهذه تربية على البكاء، تربية على العاطفة، تربية على الدموع على حساب المبادئ، والجواب عن هذا:

أوّلاً: إنَّ ما اُمرنا به هو المودّة وليس المحبّة، يقول القرآن الكريم: (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) (الشورى: ٢٣)، والمودّة تختلف عن المحبّة، فالكثير من المسلمين، بل كلّهم يحبّون أهل البيت عليهم السلام، ولكن هذا ليس المطلوب، بل المطلوب هو المودّة، وهي إظهار الحبّ، ومن جملة مظاهر الحبّ دعاء الندبة، فهو يربّينا على الإحساس بوجود الإمام، وأنَّه يعيش معنا، أنَّه يرانا وأنَّه يراقبنا وأنَّنا نتَّصل به وإن لم نعرف عنوانه واسمه، إنَّ هذا الدعاء يربّينا على شيء طلبه القرآن منّا ألا وهو إظهار المحبّة المعبَّر عنه بالمودّة.

ثانياً: ليس من الصحيح اقتطاع جزء من الدعاء فتؤخذ بعض فقراته ويترك البعض الآخر، فالدعاء كما يربّيك على حبّ آل البيت عليهم السلام، يربّيك على العمل أيضاً، ففيه فقرات تأمرك بالعمل، تأمرك بالإطاعة، تأمرك باجتناب المعصية، لاحظ قوله: (وَأعِنَّا عَلَى تَأدِيَةِ حُقُوقِهِ إِلَيْهِ، وَالاجْتِهَادِ فِي طَاعَتِهِ، وَاجْتِنَابِ مَعْصِيَتِهِ)، ثمّ يقول: (وَأقْبِلْ إِلَيْنَا بِوَجْهِكَ الْكَرِيم، وَاقْبَلْ تَقَرُّبَنَا إِلَيْكَ، وَانْظُرْ إِلَيْنَا نَظْرَةً رَحِيمَةً)، وهذه ميزة التراث الشيعي على التراث الآخر أنَّه يؤكّد على أمرين: حبّ وعمل، لا أنَّه يتحدَّث عن العمل وحده وكأنَّنا أدوات أتوماتيكية مبرمجة تعمل طبقًا للأوامر بدون أيّ عاطفة وبدون أيّ محبّة، فهناك عواطف وعمل، لا مجرَّد عمل بدون عواطف ولا عواطف بدون عمل.

فلنكن واقعيين ومنصفين، إذا كانت لنا مودّة حقيقية مع محمّد وآل محمّد فكما نحتفل بمرور السنة الهجرية ونهنّئ بعضنا بعضاً بمرور السنة الهجرية، كذلك نحتفل بذكرى سبط رسول الله، وإذا كان الاحتفال بذكرى سبط رسول الله بدعة كذلك الاحتفال بمرور السنة الهجرية بدعة، فهذه لم تردنا عن السُنّة ولا عن الصحابة، فهل سمعت عن الصحابة أنَّه هنَّأ بعضهم بعضاً بمرور السنة الهجرية الجديدة.

مواضيع قد تعجبك

Execution Time: 0.0461 Seconds