ما هي الأسلحة المستخدمة في زمن ظهور الإمام المهدي (عج) ؟ وكيف نستعد ليوم الظهور ؟

, منذ 2 يوم 250 مشاهدة

لابد أنْ نذعن بأن بلوغ تلك المرحلة التاريخية التي يجتمع فيها كافة الناس تحت راية واحدة وتزول فيها الأسلحة الفتاكة وتنعدم فيها الطبقات المستعمَرة (بالفتح) والمستعمِرة (بالكسر) وتنتهي فيها النزاعات والألاعيب السياسية والعسكرية للدول العظمى.... وعلى أية حال، هناك استعدادات ينبغي توفرها لقيام هذه الحكومة:

١- الاستعداد الفكري والثقافي: أي ينبغي أنْ يبلغ المستوى الفكري للناس درجة تجعلهم يدركون بأن قضية العِرْق أو المناطق الجغرافية المختلفة ليست بالأمور الجديرة بالاهتمام في حياتهم وليس للخلافات على أساس اللون واللغة والأرض أن تفرق بين أبناء البشر ويجب أن تموت وإلى الأبد العصبيات القبلية والفئوية....

٢- الاستعداد الاجتماعي: لابد أنْ يتعظ الناس من الظلم والجور والأنظمة السائدة ويشعروا بحرارة هذه الحياة المادية واليأس التام من أن مثل هذه الحياة الأحادية النزعة يمكنها في المستقبل حل المشكلة القائمة..... فقد اتسعت رقعة الإرباكات المادية وعدم الأمن والاستقرار إلى جانب غياب حالة الرفاه والرخاء.

٣- الاستعدادات التقنية: خلافاً لما يراه البعض من أن بلوغ مرحلة التكامل الاجتماعي وعالم مفعم بالأمن والعدل والسلام يقترن ضرورة بالقضاء على التقنية المعاصرة، بل الواقع أن هذه التكنولوجيا المتطورة ليس فقط لا تحول دون قيام حكومة العدل العالمية فحسب، بل ربما يستحيل بدونها تحقيق تلك الحكومة.... فإن مثل هذه الحكومة وبغية إشاعة الأمن وبسط العدل في ربوع العالم، تحتاج إلى العلم بكافة المناطق والسيطرة التامة لتتمكن من تربية المجتمع المتأهب للإصلاح إلى جانب الإبقاء على وعيه وحيويته.... ويبدو أن العالم الذي يريد أن يبلغ هذه المرحلة ينبغي أن تتسع فيها رقعة وسائل التربية والتعليم وتتصف بالشمولية بحيث تستند أغلب مشاريعها إلى التثقيف الذاتي، وهذا بدوره يتطلب مراكز ثقافية فاعلة ووسائل ارتباط عامة وصحافة وكتب ضخمة والتي لا تتيسر جميعاً دون وفرة الآلات الصناعية المتطورة..... فهذه بعض الاستعدادات التي جيب أن تتوفر كمقدمة لتلك الحكومة العالمية، فإن مسألة انتظار الحق والعدل وقيام المصلح العالمي (المهدي) تتركب في الواقع من عنصرين: عنصر النفي وعنصر الإثبات، وعنصر النفي هو عدم التكيّف مع الوضع الموجود، وعنصر الإثبات هو السعي إلى الوضع الأفضل خلافاً لاعتقاد البعض بأن المحور الرئيسي لانتظار ظهور المصلح المطلق يكمن في الإحباطات والإرباكات

على مستوى الأفكار.

فالانتظار يعني التأهب التام، فإنْ كنتُ ظالماً فكيف يسعني انتظار من يضع سيفه في أعناق الظَلَمَة؟

وإنْ كنتُ ملوَّثاً وفاسداً فكيف أنتظر نهضةً أول شرارتها أن تطيح بالملوَّثين المَرَدَة!.

والجيش الذي ينتظر الجهاد الأكبر إنما يرفع القدرة القتالية لأفراده وينفخ فيهم روح الثورة ويصلح فيهم كل ضعف. فالبعد الأول لهذه النهضة يتمثل في القضاء على عوامل الفساد والانحطاط ويطهر المجتمع من دنس العصاة، وما أنْ تنتهي هذه المرحلة حتى يأتي دور البعد الإيجابي أي إشاعة عوامل الإصلاح.

هناك عبارة رائعة في عدة روايات بشأن فلسفة وجود الإمام (عليه السلام) في عصر الغيبة يمكن أن تساعدنا في حل هذه المشكلة حيث قال النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) بشأن فائدة الإمام في الغيبة (إي والذي بعثني بالنبوة إنهم ينتفعون به ويستضيئون بنور ولايته في غيبته كانتفاع الناس بالشمس وإن جللها السحاب).... فللأشعة المعنوية غير المرئية لوجود الإمام (عليه السلام) حين تكون خلف سحب الغيبة عدة آثار تكشف عن فلسفته الوجودية رغم تعطيل مسألة التعليم والتربية والزعامة المباشرة منها:

أولاً: بث الأمل: إنَّ جُلَّ اهتمام الجنود الأوفياء في ميدان القتال يتمثل في حفظ الراية خفاقة تجاه هجمات الأعداء بينما يسعى العدو جهد الإمكان إلى الإطاحة بهذه الراية ذلك لأن انتصاب الراية يبث روح الأمل والمقاومة والصمود وديمومة القتال كما أن وجود القائد (مهما كان صامتاً) يبعث على رفع المعنويات وتجديد القوى وتعبئة الطاقات والاندفاع نحو القتال حيث يشعرون بقوة حين يرون القائد واهتزاز الراية.... والشيعة تعتقد بوجود إمامها حياً وإن لم تره بينها، وبالتالي فهي لا ترى نفسها وحيدة في الساحة (لا بُدَّ من التأمل) فهي تنتظر قدومه وتحتمله في كل لحظة وهذا ما يؤثر على مسيرتها إيجابياً ومن هنا يمكن إدراك الأثر النفسي لهذا الأسلوب من التفكير في بث الأمل والرجاء في قلوب الأفراد وسوقهم نحو التهذيب والاستعداد لتلك النهضة الكبرى، ولو أضفنا نقطة أخرى إلى هذا الموضوع لأصبحت القضية أكثر جدية وهي على ضوء الاعتقاد العام للشيعة فقد وردت في أغلب الروايات في المصادر الشيعية أن الإمام يتفقد طيلة غيبته وبصورة مستمرة أوضاع شيعته ويقف على تفاصيل أعمالهم عن طريق الإلهام وما شابه وحسب الروايات فإن أعمالهم تُعرض عليه كل أسبوع ويحيط علماً بتصرفاتهم وأفعالهم، وهذا الاعتقاد يجعل هؤلاء الأتباع يخضعون لمراقبة دائمية يستحضرونها عند كل قول وفعل، الأمر الذي لا يمكن إنكار دوره النفسي والتربوي.

ثانياً: حماية الدين: قال علي (عليه السلام) في بعض الكلمات القصار في إشارته إلى ضرورة وجود الزعماء الربانيين في كل عصر وزمان، (اللهم بلى لا تخلو الأرض من قائم لله بحجة إما ظاهراً مشهوراً وإما خائفاً مغموراً لئلا تبطل حجج الله وبيناته)، فإنه كيف يتم حفظ أصالة الدين والحيلولة دون التحريفات والانحرافات؟ وهل يتم ذلك سوى من جانب الإمام المعصوم سواء كان مشهوراً ومعلوماً أم مغموراً ومجهولاً (لئلا تبطل حجج الله وبيناته).

ثالثاً: إعداد ثلة ثورية واعية: خلافاً لما يعتقده البعض من قطع الارتباط المطلق بين الإمام والأمة في عصر الغيبة، بل كما يستفاد من الروايات الإسلامية، فإن هناك ثلة من الأفراد الذين يعيشون عشق الله ويتمتعون بقلب ينبض بالإيمان والإخلاص والتفكير في إصلاح العالم مرتبطة بالإمام وتعدّ بالتدريج من خلال هذه الرابطة.

فهذه بعض الآثار العملية للاستفادة من الإمام المهدي (عليه السلام) في غيبته.

وأما سبل انتصار ذلك المصلح العظيم، فهل ينهض بالسيف فعلى هذا الأساس ترد بعض الأسئلة بشأن قيام المصلح العالمي الكبير ومنها:

- هل يعتمد على الأسلحة التقليدية للعصور السابقة بغية تحقيق النصر وهزيمة الجبارة والطواغيت؟

- هل تزول كل هذه الوسائل الحديثة والمتطورة؟

وغير ذلك من الأسئلة، فإنه بشأن السلاح فنقول: لابد من الإطاحة بالحكومات الجائرة والمستبدة من أجل استقرار حكومة العدل وينبغي على الأقل توفير الأسلحة الأفضل للقضاء على تلك الحكومات، السلاح الذي ربما يصعب علينا اليوم حتى تصوره. ولا يسعنا الإشارة إلى هذا السلاح من الناحية المادية أو النفسية أو سائر النواحي وكل ما يسعنا قوله أنه سيكون السلاح الأقوى....(١).

إذن يجب العمل الدؤوب في كل المستويات العلمية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية وغيرها لتهيئة المجتمع الإسلامي لذلك الأمل الموعود مادياً ومعنوياً والاكتفاء الذاتي بقوة المنتظرين العاملين.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1)الحكومة العالمية للإمام المهدي (عليه السلام).

كيف يكون الانتظار للإمام المهدي (عليه السلام)؟ ـ تأليف: عماد الكاظمي.

مواضيع قد تعجبك

Execution Time: 0.0644 Seconds