كيف يحيي الإمام المهدي (عج) الأرض بعد موتها؟

, منذ 2 شهر 281 مشاهدة

هنا وردت روايتان:

الرواية الأولى: عن الإمام الباقر (عليه السلام)، قال: «يحييها الله (عزَّ وجلَّ) بالقائم (عليه السلام) بعد موتها - بموتها كفر أهلها - والكافر ميّت»(١).

الرواية الثانية: عن الإمام الصادق (عليه السلام)، قال: «أي يحييها الله بعدل القائم عند ظهوره بعد موتها بجور أئمّة الضلال»(٢)، وكيف يمكن لنا أن نفهم أنَّ المقصود بحياة الأرض هو يوم ظهور المهدي (عليه السلام)؟

هناك قرينتان على هذا التفسير:

القرينة الأولى: القرينة السياقية:

وهي الآية التي قبلها، قال تعالى: ﴿أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ وَما نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلُ فَطالَ عَلَيْهِمُ الأَمَدُ﴾ (الحديد: ١٦)، فإنَّ هذا التعبير ﴿فَطالَ عَلَيْهِمُ الأَمَدُ﴾، قرينة على أنَّ أهل الكتاب مرّوا بفترة انتظار حين غاب عنهم موسى (عليه السلام) فانتظروا مجيئه وانتظروا قدوم عيسى بعد موسى (عليهما السلام) ﴿فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ﴾، فالآية تدلُّ على أنَّ أمّة النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) ستمرُّ بما مرَّ به أمم أهل الكتاب، أي إنَّها ستمرّ بفترة انتظار سيطول أمدها ولذلك فعليها الحذر أن تكون كالأمم السابقة لمَّا ﴿طالَ عَلَيْهِمُ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ﴾.

فقوله تعالى: ﴿فَطالَ عَلَيْهِمُ الأَمَدُ﴾ قرينة على أنَّ المقصود بالآية التالية وهي حياة الأرض بمعنى حياة الأرض بعد فترة الانتظار التي طال أمدها، وهذا لا ينطبق إلّا على نظرية ظهور المهدي (عليه السلام).

القرينة الثانية: القرينة اللفظية:

وهي قوله تعالى: ﴿اعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يُحْيِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها﴾، ما معنى يحيي الأرض؟ ولم يقل: يحيي أرضاً، يعني كلّ الأرض, فما هو ذلك اليوم الذي سيحيي الله فيه الأرض كلّها بعد موتها؟ مقتضاه أنَّ الأرض قبل ظهور المهدي (عليه السلام) تتعرَّض للموت الروحي والمادي، حيث تتعرَّض للزلازل، للبراكين، للفيضانات، لظاهرة الاحتباس الحراري التي تملؤها موتاً وجوعاً ودماراً، وحياة الأرض بعد موتها بازدهار حضارة كونية وذلك في يوم قال عنه النبيّ المصطفى (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «لو لم يبقَ من الدنيا إلّا يوم واحد لطوَّل الله ذلك اليوم حتَّى يخرج رجل من أهل بيتي يملأ الأرض عدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً»(٣).

وهذا المعنى تؤكّده روايات أخرى، كما في رواية المفضَّل بن عمر، عن الصادق (عليه السلام) في تفسير قوله تعالى: ﴿وَأَشْرَقَتِ الأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها﴾ (الزمر: ٦٩)، قال: «ربّ الأرض يعني إمام الأرض»، فقلت: فإذا خرج يكون ماذا؟ قال: «إذن يستغني الناس عن ضوء الشمس ونور القمر ويجتزون بنور الإمام»(٤), المقصود به أنَّ القائم (عليه السلام) مظهر للربّ لأنَّه يقود الأرض فهو مظهر لربوبية الله في الأرض، هذا معنى ﴿وَأَشْرَقَتِ الأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها﴾ أي بنور قائم الأرض، قائم آل بيت محمّد(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وورود الآية في سياق أشراط الساعة لا ينافي ذلك، فإنَّ من أشراطها إشراقها بنور دولة المهدي (عليه السلام).

فالنتيجة: إنَّ الآية تدلُّ على أنَّ هناك حياة حضارية ستقوم على الأرض في يوم ظهوره (عليه السلام).

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) كمال الدين: ٦٦٨/ ح ١٣.

(٢) الغيبة للنعماني: ٣٢.

(٣) الغيبة للطوسي: ١٨٠/ ح ١٣٩.

(٤) تفسير القمي ٢: ٢٥٣.

السيد منير الخباز.

مواضيع قد تعجبك

Execution Time: 0.1008 Seconds