تضمنت ذلك النصوص الكثيرة الواردة من طرقهم، وهي أصناف منها:
أ - ما تضمن ذلك صراحةً، مثل صحيحة سلمان الفارسي (رضي الله عنه) قال: دخلت على النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فإذا الحسين بن علي على فخذه، وهو يقبّل عينيه ويلثم فاه ويقول: «أنت سيّد وابن سيد، أنت إمام بن إمام [أخو إمام] أبو أئمة، أنت حجة الله وأبو حجج تسعة من صلبك تاسعهم قائمهم»(1).
وفي معتبرة غياث بن إبراهيم عن الصادق جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن علي عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه الحسين بن علي (عليهم السلام) قال: (سئل أمير المؤمنين (صلوات الله وسلامه عليه) عن معنى قول رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «إني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي»، مَن العترة؟ فقال: «أنا والحسن والحسين والأئمة التسعة من ولد الحسين، تاسعهم مهديّهم وقائمهم، لا يفارقون كتاب الله ولا يفارقهم حتى يردوا على رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) حوضه»(2).
ب - ما تضمن نسبته إلى أئمة آخرين من ذرية الحسين (عليه السلام) مثل صحيحة عبد السلام بن صالح الهروي قال: سمعت دعبل بن علي الخزاعي يقول: أنشدتُ مولاي الرضا علي بن موسى (عليهما السلام) قصيدتي التي أولها:
مدارسُ آياتٍ خلت من تلاوةٍ
ومنزلُ وحيٍ مقفرُ العرَصات
فلما انتهيت إلى قولي:
خروج إمامٍ لا محالةَ خارجٌ
يميّز فينا كلَّ حقٍّ وباطل
يقوم على اسم الله والبركات
ويجزي على النعماء والنقمات
بكى الرضا (عليه السلام) بكاءً شديداً ثم رفع رأسه إليّ، فقال لي: «يا خزاعي نطق روح القدس على لسانك بهذين البيتين، فهل تدري مَن هذا الإمام، ومتى يقوم؟» فقلت: لا يا مولاي، إلّا أني سمعت بخروج إمام منكم يطهّر الأرض من الفساد ويملؤها عدلاً (كما مُلئت جوراً)، فقال: «يا دعبل، الإمام بعدي محمد ابني، وبعد محمد ابنه علي، وبعد علي ابنه الحسن، وبعد الحسن ابنه الحجّة القائم المنتظر في غَيبته، المُطاع في ظهوره، لو لم يبقَ من الدنيا إلّا يومٌ واحدٌ لطوّل الله ذلك اليوم حتى يخرج، فيملأ الأرض عدلاً كما مُلئت جوراً، وأمّا متى؟ فإخبارٌ عن الوقت، فقد حدّثني أبي عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام) أنّ النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قيل له: يا رسول الله متى يخرج القائم من ذريتك؟ فقال: مَثَلُه مَثَلُ الساعة ﴿لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرضِ لا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً﴾»(3).
ونظيرها صحيحة الريان بن الصلت المتقدمة، عن الإمام الرضا (عليه السلام) وفيها - عن الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) -: «ذاك الرابع من ولدي».
وأمّا باقي المسلمين فلم يلتزم الكثير منهم أو أكثرهم بكون المهدي (عجّل الله فرجه) من ولد الإمام الحسين (عليه السلام)، نعم قد يبدو من بعضهم التزامهم بذلك ممن أقرّ بولادة محمد بن الإمام الحسن العسكري (عليهما السلام) واعتبره هو المهدي الموعود (عجّل الله فرجه) - كما سيأتي - لكنه خلاف المشهور بينهم، فلذلك لم نعتبره من المشتركات.
وأمّا رواياتهم فهي مختلفة، وأهمها صنفان:
الصنف الأول: ما تضمن أنه (عجّل الله فرجه) من ذرية الحسين (عليه السلام).
الصنف الثاني: ما تضمن أنه (عجّل الله فرجه) من ذرية الحسن (عليه السلام).
فمن الصنف الأول:
١ - ما رووه عن حذيفة (رضي الله عنه) قال: خطبنا رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) فذكّرَنا رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) بما هو كائن ثم قال: «لو لم يبقَ من الدنيا إلّا يومٌ واحدٌ لطوّل الله ذلك اليوم حتى يبعث الله فيه رجلاً من ولدي اسمه اسمي»، فقام سلمان الفارسي (رضي الله عنه) فقال يا رسول الله، من أيّ ولدك؟ قال: «هو من ولَدي هذا، وضرب بيده على الحسين (عليه السلام)».
قال المقدسي الشافعي: أخرجه الحافظ أبو نُعيم في (صفة المهدي)(4). وأخرجه أيضاً محب الدين الطبري الشافعي(5).
٢ - ما رواه الحافظ أبو الحجاج يوسف بن خليل الدمشقي بسنده عن أبي سعيد الخُدري... (إن رسول الله مرض مرضاً نقه منها، فدخلت عليه فاطمة (عليها السلام) تعوده وأنا جالس عن يمين رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم)، فلما رأت ما برسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) من الضعف خنقتها العبرة حتى بدت دموعها على خدها، فقال لها رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم): ما يُبكيكِ يا فاطمة؟... إنّا أهل بيت أُعطينا ستّ خصال لم يُعطَها أحد من الأولين ولا يدركها أحد من الآخرين غيرنا أهل البيت: نبيُّنا خير الأنبياء وهو أبوك، ووصيُّنا خير الأوصياء وهو بَعلك، وشهيدنا خير الشهداء وهو حمزة عمّ أبيك، ومنّا سبطا هذه الأمة وهما ابناك، ومنّا مهدي الأمة الذي يصلي عيسى خلفه، ثم ضرب على منكب الحسين (عليه السلام) فقال: مِن هذا مهديَّ الأمة» قلت: هكذا أخرجه الدارقطني صاحب الجرح والتعديل(6).
فقال الألوسي: (واختلف في نسبه، فقيل: من أولاد العباس بن عبد المطلب وقيل: من أولاد الحسن، والأصح أنه من أولاد الحسين)(7).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) كمال الدين وتمام النعمة: ١/٢٦٢.
(2) كمال الدين وتمام النعمة: ٢/٢٤٠-٢٤١.
(3) كمال الدين وتمام النعمة: ٢/٣٧٢-٣٧٣.
(4) عقد الدرر في أخبار المنتظر: ٤٦.
(5) انظر: ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى: ١٦٢.
(6) عقد الدرر في أخبار المنتظر: ٤٦.
(7) غاية المواعظ: ٧٧.
المصدر : الثقافة المهدوية ـ تأليف: السيد رياض الحكيم.
موقع ديني مختص في مسائل الإمام المهدي (عج) تابع لشعبة البحوث والدراسات - ق. الشؤون الدينية - الأمانة العامة للعتبة الحسينية المقدسة