مصحف الإمام علي عند الإمام المهدي (عج) ... ماذا يفعل به ؟

, منذ 5 شهر 298 مشاهدة

تُؤكّد الروايات الشريفة على أنَّ من مصادر علوم أهل البيت (عليهم السلام) هو كتاب لعلي (عليه السلام)، وأعتقد أنَّ كتاب علي (عليه السلام) هو كتابان: أحدهما باسم مصحف علي، والآخر باسم كتاب أو صحيفة علي. وهما يُمثِّلان جانباً من جوانب مواريث الأنبياء والمعصومين الحجج (عليهم السلام).

أمَّا عن مصحف علي (عليه السلام)، فقصَّته أنَّه (بعدما ارتحل النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إلى الرفيق الأعلى جلس علي (عليه السلام) - الذي كان بنصٍّ من النبيّ أعلم الناس بالقرآن - في بيته حتَّى جمع القرآن في مصحف على ترتيب النزول، ولم يمض ستَّة أشهر من وفاة الرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إلَّا كان علي قد فرغ من عمل الجمع وحمله للناس على بعير...)(1).

فلمَّا أكمله خرج به إلى المسجد وعرضه عليهم، ولكنَّهم رفضوا أن يلتزموه، فأخفاه عنهم الإمام (عليهم السلام) وقال: «أمَا والله لا ترونه بعد يومكم هذا أبداً»، حتَّى يُظهِره الله تعالى على يدي الإمام المهدي (عليه السلام)(2).

ولهذا المصحف خصّيصتان:

الخصّيصة الأُولى: كان مرتَّباً على ترتيب النزول، فكان أوَّله: اقرأ، ثمّ المدَّثِّر، ثمّ نون، ثمّ المزَّمِّل، ثمّ تبَّت، ثمّ التكوير، وهكذا إلى آخر المكّي والمدني، نقله في الإتقان عن ابن فارس...(3).

وهو بهذا يختلف عن المصحف الموجود بين أيدينا، لأنَّ الموجود عندنا اليوم مرتَّب لا على حسب النزول كما هو واضح.

وليس في هذا أيّ نوع من التحريف، إذ لا زيادة ولا نقيصة فيه، إنَّما هو نفس المصحف الموجود اليوم مع اختلاف ترتيب الآيات والسور حسب النزول.

ولذا روي أنَّه عندما يُخرِجه الإمام المهدي (عليه السلام) فإنَّه سيكون صعباً، لتعوِّد الناس على تأليف غير التأليف الذي سيُخرِجه المهدي (عليه السلام).

فقد روي أنَّه «إذا قام قائم آل محمّد (عليهم السلام) ضرب فساطيط لمن يُعلِّم الناس القرآن على ما أنزل الله (جلّ جلاله)، فأصعب ما يكون على من حفظه اليوم، لأنَّه يخالف فيه التأليف»(4).

الخصّيصة الثانية: أنَّه يحتوي على التفسير الصحيح الذي أخذه أمير المؤمنين (عليه السلام) عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) عن جبرئيل (عليه السلام)، كتبه أمير المؤمنين (عليه السلام) مع الآيات، أي كأنَّه كتب التفسير كحاشية للمصحف الشريف أو ما يشبه الحاشية.

وذلك لأنَّ أعلم الناس بالقرآن الكريم هو أمير المؤمنين (عليه السلام)، كما روي عن عامر بن واثلة، قال: خطبنا أمير المؤمنين (عليه السلام) على منبر الكوفة، فحمد الله وأثنى عليه، وذكر الله بما هو أهله، وصلّى على نبيِّه، ثمّ قال: «أيّها الناس، سلوني سلوني، فوَالله لا تسألوني عن آية من كتاب الله إلَّا حدَّثتكم عنها بما نزلت، بليل أو بنهار؟ أو في مقام أو في مسير؟ أو في سهل أم في جبل؟ وفيمن نزلت، أفي مؤمن أم في منافق؟ وما عني به، أخاصَّة أم عامَّة؟ ولئن فقدتموني لا يُحدِّثكم أحد حديثي...»(5).

وأمَّا عن كتاب أو صحيفة علي (عليه السلام)، فقد روي عن الإمام الصادق (عليه السلام): «إنَّ عندنا ما لا نحتاج معه إلى الناس، وإنَّ الناس ليحتاجون إلينا، وإن عندنا الصحيفة سبعون ذراعاً بخطّ علي (عليه السلام) وإملاء رسول الله صلّى الله عليهما وعلى أولادهما، فيها من كلّ حلال وحرام»(6).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) القرآن في الإسلام للعلَّامة الطباطبائي: ١٣٤ و١٣٥.

(2) أُنظر: بصائر الدرجات: ٢١٣/ باب في الأئمَّة أنَّ عندهم جميع القرآن الذي أُنزل على رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)/ ح ٣.

(3) تفسير الميزان ١٢: ١٢٦.

(4) بحار الأنوار ٥٢: ٣٣٩/ ح ٨٥، عن الإرشاد ٢: ٣٨٦.

(5) بحار الأنوار ٣٦: ١٩٠/ ذيل الحديث ١٩٢، عن سعد السعود: ١٠٨ و١٠٩.

(6) بحار الأنوار ٢٦: ٢١ و٢٢/ ح ٨، عن بصائر الدرجات: ١٦٢/ باب في الأئمَّة أنَّ عندهم الصحيفة الجامعة التي هي إملاء رسول الله وخط على (عليهم السلام) بيده.../ ح ١.

شذرات مهدوية ـ تأليف: حسين عبد الرضا الأسدي.

مواضيع قد تعجبك

Execution Time: 0.0604 Seconds