شبهة .. لو كان للحسن العسكري (عليه السلام) ولد لما وقع الاختلاف فيه !!

, منذ 5 شهر 162 مشاهدة

نقل الشيخ الطوسي (رحمه الله) هذا القول عن بعضهم قائلاً: إنَّا نعلم أنَّه لم يكن للحسن بن عليٍّ ابن كما نعلم أنَّه لم يكن له عشرة بنين، وكما نعلم أنَّه لم يكن للنبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ابن لصلبه عاش بعد موته.

فإنْ قلتم: لو علمنا أحدهما كما نعلم الآخر لما جاز أنْ يقع فيه خلاف كما لا يجوز أنْ يقع الخلاف في الآخر...، إلى آخر كلامه(١).

ومحصَّل كلامه أنَّه لو كان للإمام الحسن (عليه السلام) ولد لما جاز أنْ يقع فيه خلاف على أنَّ القائل بهذه الشُّبهة ينفي العلم بالولادة، بل يدَّعي العلم بعدم الولادة، كما أنَّ لديه علماً بعدم وجود أبناء عشرة للنبيِّ الأكرم (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، فالشُّبهة تنحلُّ إلى مدَّعيات ثلاثة:

١ - أنَّنا لا نعلم بالولادة.

٢ - بل نعلم بالعدم.

٣ - لو سلَّمنا وقوعها لما جاز أنْ يقع فيها الخلاف.

والجواب عنها:

١ - لا يوجد علم بعدم الولادة، إذ من أين يأتي القطع بعدم ولادة ولد للحسن بن عليٍّ (عليهما السلام)، مع رواية آبائه (عليهم السلام) في ولده أنَّه تخفى على الناس ولادته على ما تقدَّم، فادِّعاء تحصيل العلم والقطع بعدم الولادة أمر في غاية المجازفة، وعهدة هذه الدعوى على مدَّعيها، إذ لا أثر منها ولا عين، بل الأدلَّة المتقدِّمة تُعطي العلم بها.

٢ - أمَّا دعوى عدم العلم بها، فهي لا تساوق عدم حصولها، إذ عدم العلم بشيء ليس دليلاً على العدم، على أنَّ أدلَّة إثبات الولادة تنفي هذه الدعوى من أصل.

٣ - أمَّا الدعوى الثالثة فالجواب عنها بأنَّ وقوع الخلاف في الولد لدواعٍ عقلائيَّة أمر واقع، وعليه شهادة الوجدان، فإنَّ العقلاء قد تدعوهم عدَّة دواعٍ لكتمان ولادة أولادهم لأغراض مختلفة، كيف والإمام (عجَّل الله فرجه) قد دلَّت الأخبار على أنَّه يقال فيه: لم يُولَد، ومنها:

أ - ما روي عن الإمام الباقر (عليه السلام): «... انظروا من خفيت ولادته، فيقول قوم: وُلِدَ، ويقول قوم: ما وُلِدَ، فهو صاحبكم»(2).

ب - وعن الإمام الرضا (عليه السلام): «إنَّكم ستُبتَلون بما هو أشدّ وأكبر، تُبتَلون بالجنين في بطن أُمِّه، والرضيع، حتَّى يقال: غاب ومات، ويقولون: لا إمام...»( 3).

ج - وروى الشيخ الكليني (رحمه الله)، عن عليِّ بن إبراهيم، عن الحسن بن موسى الخشَّاب، عن عبد الله بن موسى، عن عبد الله بن بكير، عن زرارة - والسند تامٌّ على بعض المباني -، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إنَّ للغلام غيبة قبل أنْ يقوم»، قال: قلت: ولِمَ؟ قال: «يخاف - وأومأ بيده إلى بطنه -»، ثمّ قال: «يا زرارة، وهو المنتظر، وهو الذي يُشَكُّ في ولادته، منهم من يقول: مات أبوه بلا خلف، ومنهم من يقول: حمل، ومنهم من يقول: إنَّه وُلِدَ قبل موت أبيه بسنتين...»( 4).

فإنَّ دلالة الأحاديث على خفاء مولده (عجَّل الله فرجه) واضحة، فكيف يُدَّعى بعدها أنَّ وقوع الخلاف في ولادته (عجَّل الله فرجه) يكشف عن عدم وقوعها، بل العكس هو الصحيح، فإنَّه لو لم يقع خلاف في ولادته (عجَّل الله فرجه) لما صحَّت، لأنَّ الأخبار المتقدِّمة وغيرها ممَّا يوجب الاطمئنان بصدورها توجب الإذعان بأنَّ من لا تخفى ولادته ليس هو الحجَّة، فيكون الإخبار بهذا النحو نوعاً من الإعجاز في الإخبار عنه وعن خفاء مولده (عجَّل الله فرجه) الذي تحقَّق.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) الغيبة للطوسي (ص ٧٦).

 (2) رسائل في الغيبة (ج ٢/ ص ١٣).

(3) الغيبة للنعماني (ص ١٨٥/ باب ١٠/ فصل ٤/ ح ٢٧).

(4) الكافي (ج ١/ ص ٣٣٧/ باب في الغيبة/ ح ٥).

المصدر : دروس استدلالية في العقيدة المهدوية (الحلقة الأولى) تأليف : حميد عبد الجليل الوائلي.

مواضيع قد تعجبك

Execution Time: 0.0592 Seconds