هل يوجد سفراء للإمام المهدي في عصر الغيبة الكبرى ؟

, منذ 1 سنة 438 مشاهدة

أجمع الشيعة كافّة على انقطاع السفارة والنيابة الخاصّة للإمام المهدي عليه السلام في الغيبة الكبرى، أي ابتداءً من سنة (٣٢٩هـ) إلى يومنا هذا.

وقد استدلّوا على ذلك بعدَّة أدلَّة، ولعلَّ العمدة فيها هي الرواية المعروفة بتوقيع السمري والمشهورة في كتب الحديث.

فقد روى الشيخ الصدوق قدس سره في الإكمال بسنده عن أبي محمّد الحسن بن أحمد المكتَّب، قال: كنتُ بمدينة السلام في السنة التي توفّي فيها الشيخ علي بن محمّد السمري (قدَّس الله روحه)، فحضرتُه قبل وفاته بأيّام، فأخرج إلى الناس توقيعاً نسخته: (بسم الله الرحمن الرحيم، يا علي بن محمّد السمري، أعظم الله أجر إخوانك فيك، فإنَّك ميّت ما بينك وبين ستّة أيّام، فأجمع أمرك، ولا توصِ إلى أحد يقوم مقامك بعد وفاتك، فقد وقعت الغيبة الثانية، فلا ظهور إلَّا بعد إذن الله عز وجل، وذلك بعد طول الأمد وقسوة القلوب، وامتلاء الأرض جوراً، وسيأتي شيعتي من يدَّعي المشاهدة، ألَا فمن ادَّعى المشاهدة قبل خروج السفياني والصيحة فهو كاذب مفتر، ولا حول ولا قوَّة إلَّا بالله العلي العظيم). قال: فنسخنا هذا التوقيع، وخرجنا من عنده، فلمَّا كان اليوم السادس عدنا إليه وهو يجود بنفسه، فقيل له: مَنْ وصيّك من بعدك؟ فقال: لله أمر هو بالغه، ومضى رضي الله عنه، فهذا آخر كلام سُمِعَ منه (١).

وهذه الرواية واضحة الدلالة على أنَّ كلّ من يدَّعي المشاهدة أي السفارة والنيابة في عصر الغيبة قبل الصيحة وخروج السفياني فوظيفة الشيعة تكذيبه، وعدم الاعتناء بدعوته، وبما أنَّ أحمد إسماعيل يدَّعي السفارة قبل العلامتين المذكورتين فالواجب هو تكذيبه.

ولأجل ذلك صارت هذه الرواية عائقاً كبيراً أمام دعوة أحمد إسماعيل وأتباعه، فاهتمّوا بها أشدّ الاهتمام، وصنَّفوا فيها كتباً ككتاب (رواية السمري في الميزان)، وسألوا عنها إمامهم المزعوم أكثر من مرَّة!

وبما أنَّ هذه الرواية مهمّة، فإنّا سنذكر جواب أحمد إسماعيل مُدَّعي السفارة، ونجيب على ما قال؛ ليتبيَّن للقارئ العزيز المستوى العلمي لهذا الرجل.

قال أحمد إسماعيل في الجواب المنسوب له على هذه الرواية: (توجد كثير من المناقشات لهذه الرواية، وهي كافية، ولذا فهم تركوها، وأعرضوا منذ زمن بعيد؛ لأنَّهم يعلمون أنَّ الاحتجاج بها لا قيمة له، فهي مطعون في سندها، وعندهم لو كانت صحيحة السند لا تفيد الاعتقاد دون أن يعضدها ما يوصل إلى اليقين بصدورها. إضافةً إلى أنَّ متنها متشابه، وفهمه عدَّة منهم بأكثر من فهم مختلف، إضافةً إلى أنَّها غير مسوَّرة، وهذا يطعن في كُلِّيَّتها عندهم، أم أنَّ قواعدهم لعبة عندهم، إذا شاؤوا عملوا بها، وإذا لم يشاؤوا أوقفوا العمل بها؟! إضافةً إلى أنَّها منقوضة بعدَّة روايات وأحاديث، منها رواية اليماني، وما حدث مع الشيخ المفيد من رسائل، فمسألة التعلّل بهذه الرواية أمر غير مقبول على كلّ حال)(٢).

وكما يلاحظ القارئ العزيز أنَّ كلام أحمد إسماعيل مشتمل على الطعن في سند الرواية، والتشكيك في حُجّيتها، ومناقشة متنها، وإنكار دلالتها على تكذيب من يدَّعي السفارة، وقد تكفَّل مؤلِّف الكتاب بتوسيع البحث في الرواية ببيان مقصود إمامه، ولنا على ما قاله عدَّة ردود:

أمَّا قوله: (توجد كثير من المناقشات لهذه الرواية، وهي كافية، ولذا فهم تركوها، وأعرضوا منذ زمن بعيد؛ لأنَّهم يعلمون أنَّ الاحتجاج بها لا قيمة له).

فهو مردود بأنَّ علماء الشيعة كانوا ولا يزالون يحتجّون بهذه الرواية على انقطاع السفارة في الغيبة الكبرى، وعلى هذا اجتمع رأيهم، ولا تجد مخالفاً منهم في هذه المسألة، وهذا كافٍ في اعتبار الرواية.

وبهذا يتَّضح أنَّ قوله: (ولذا فهم تركوها، وأعرضوا منذ زمن بعيد) كذب متعمَّد، ويكفينا إثباتاً لكذبه أنَّه لم يذكر كلام واحد من العلماء أعرض عن هذه الرواية ولم يعتمدها في الاستدلال على انقطاع السفارة في عصر الغيبة الكبرى.

وزعمه أنَّ هذه الرواية فيها مناقشات كثيرة غير صحيح، ولو سلَّمنا به فإنَّ وجود مناقشات في رواية لا يبطلها، فإنَّ المناقشات لم تتعلَّق بصدور الرواية حتَّى تكون قادحة في صحَّتها، وإنَّما تعلقت بمضمونها، وإلَّا فإنَّ العلماء ذكروا كثيراً من الإثارات في روايات معتبرة كثيرة، وهذا لا يبطل حجّيتها.

وإذا كانت المناقشات وعدم الاستدلال بالرواية موهناً لها، فإنَّ رواية الوصيّة المشتملة على ذكر اثني عشر مهديّاً، أنكرها العلماء، وأعرضوا عنها، فلماذا صحَّحها أحمد إسماعيل وأتباعه، وعملوا بها؟!

وأمَّا قوله: (فهي مطعون في سندها) فهو غريب جدَّاً؛ لأنَّ أحمد إسماعيل وأتباعه يطعنون في علم الرجال، وينكرون مناقشة الأسانيد، ويمنعون ردّ الروايات حتَّى لو كانت ضعيفة؛ لأنَّها بزعمهم من كلام أهل البيت عليهم السلام، وردّ كلامهم سلام الله عليهم جرم عظيم.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) كمال الدين: ٥١٦/ باب ٤٥/ ح ٤٤.

(2) مع العبد الصالح: ٣٠.

(3) مع العبد الصالح: ٣٠، في الهامش.

السفارة في عصر الغيبة الكبرى

المصدر: الشهب الأحمدية على مدَّعي المهدوية(دعوة أحمد الكاطع في الميزان)، الشيخ أحمد سلمان.

 

مواضيع قد تعجبك

Execution Time: 0.0578 Seconds