في دولة الإمام المهدي (عليه السلام) يتجلّى التوحيد الخالص، والنبوّة الصادقة، والإمامة الحقّة، والصراط المستقيم، والدين القويم، ويكون الدين كلّه لله (عزّ وجلّ)، فتتحقّق آمال السماء بالبيّنات والمعجزات وبالكتاب الكريم وصحف السماء، وبالميزان ليقوم الناس بالقسط والعدالة.
(لَقَدْ أرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالبَيِّنَاتِ وَأنْزَلْنَا مَعَهُمُ الكِتَابَ وَالمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالقِسْطِ وَأنْزَلْنَا الحَدِيدَ فِيهِ بَأسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ)(1).
فالناس يقومون بالعدل من عند أنفسهم إيماناً بها، لا أنّهم يجبرون ويقهرون على ذلك من قبل الأنبياء والأوصياء ورسل الله سبحانه وتعالى، وهذا يستدعي إصلاح المجتمع من صميمه وواقعه. وحينئذٍ لو لم تنفع الثورة الثقافيّة والعلميّة من الداخل، وظهرت على الساحة نماذج طاغوتيّة، فإنّ الله أنزل الحديد ليكون فيه بأس شديد، ومنافع للناس.
فالإمام (عليه السلام) يحكم بالرحمة للمؤمنين، وبالنقمة للكافرين، فإنّه مظهر ربّ العالمين، وإنّ الله أرحم الراحمين في موضع العفو والرحمة، وإنّه أشدّ المعاقبين في موضع النكال والنقمة، فالإمام نقمة على الظالمين والمستكبرين، وعلى من ينكره من أهل الشرق والغرب، فإنّه «إذا ظهرت راية الحقّ لعنها أهل الشرق والغرب»(2)، و«لولا أنّ السيف بيده لأفتى الفقهاء بقتله»(3)، وإنّما يحكم المهدي (عليه السلام) بحكومة القرآن الكريم حتّى يرضى أهل السماء والأرض بحكومته وعدالته، ويزدهر العالم بدولته وينعم الكون بطلعته، ويملأ الأرض بعدله وقسطه، ويسترّ به الجميع حتّى الحيتان في البحر، وتخرج الأرض كنوزها ومعادنها، وتحمل الأشجار أثمارها، ويرتع الذئب مع الشاة، ويلعب الأطفال بالعقارب والحيّات.
فظهوره (عليه السلام) يعني دولة الحقّ والعدالة والهناء والسعادة، ونهاية الظلم والجور والجهالة والشقاوة، ومحو الاستكبار والاستثمار والاستعمار بمعسكريه الشرقي والغربي، فتكمل عقول الناس، ويعرفون الحقّ وأهله، ولا تأخذهم في الله لومة لائم.
عن الإمام الباقر (عليه السلام): «إذا قام قائمنا وضع يده على رؤوس العباد فجمع به عقولهم وكملت به أخلاقهم»(4).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) سورة الحديد: الآية ٢٥.
(2) البحار:٥٢ ٣٦٣.
(3) إلزام الناصب: ١٩٢.
(4) منتخب الأثر: ٤٨٣.
المصدر : الشاهد والمشهود في المهدي الموعود (عجَّل الله فرجه) ـ تأليف: السيد عادل العلوي.
موقع ديني مختص في مسائل الإمام المهدي (عج) تابع لشعبة البحوث والدراسات - ق. الشؤون الدينية - الأمانة العامة للعتبة الحسينية المقدسة