ما هي علامات الظهور القريبة ليوم ظهور الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) ؟

, منذ 1 اسبوع 468 مشاهدة

علامات الظهور القريبة:

وهي العلامات التي تكون قبيل أو مزامنة ليوم الظهور، وتختلف من حيث أهمّيَّتها قرباً وبعداً ليوم الظهور، وستكون كالتالي:

١ - علامات قريبة ليوم الظهور نسبيًّا:

وهي علامات قريبة نسبيًّا للظهور، وستكون بمثابة مقدَّماته الممهِّدة، أي ستكون بمثابة مقتضيات الظهور، والغالب عليها تفشِّي الظلم، وشياع الجور، وذيوع الفساد إلى غير ذلك من مقتضيات الظهور، بل لعلَّها ستكون إحدى الشروط التي تُسبِّب الظهور.

ومعنى ذلك أنْ تتداخل شرائط الظهور بعلاماته، وستكون عندئذٍ تحقُّق بعض الشروط هي ذاتها إحدى علامات الظهور، وقد ذكرنا في بحث الشروط: توفُّر مقتضى الإصلاح الذي بموجبه يتحقَّق الظهور، أي وجود الظلم وشيوعه عند ذاك يكون مقتضي للإصلاح، ومن ثَمَّ خروج المصلح، وهو الإمام (عجَّل الله فرجه)، ولعلَّ هذه العلائم ستشغل مساحة واسعة من روايات الملاحم والفتن، وسيكون انصباب اهتمام الأخبار على بيانها بشكلٍ ملفتٍ يوقظ معه إحساس المكلَّفين بأنَّ حدثاً ما تتطلَّبه هذه الظروف الطارئة، وذلك على حساب الحالة المتفشّية في أوساط المجتمع، إذ الضمير الإنساني سيجد نفسه بحاجةٍ إلى منقذٍ ينقذه من (أزمة الظلم) المتفشّية في جميع الأوساط، وبالتأكيد فإنَّ ذلك سيوجب توجُّه النفوس إلى محاولات إنقاذ وأُطروحات إصلاح عالميَّة تسود الأرض بإصلاحاتها وعدلها.

٢ - العلامات المقارنة ليوم الظهور نسبيًّا:

وهي علامات مقارنة نسبيًّا ليوم الظهور، وستكون أكثر إثارةً من سابقتها، وهي بمثابة تحفيز قريب للإشارة إلى قرب الظهور، كما أنَّها أكثر تنبيهاً، وأشدُّ تأثيراً، ولعلَّها تستثير أكبر عددٍ من الناس من سابقتها التي لا يتَّجه إليها إلَّا الخواصّ، أي إنَّ علامات الظهور القريبة سيقتصر على مراقبتها خاصَّة الشيعة الذين يهتمُّون باليوم الموعود، ويراقبون عن كثب ذلك اليوم وعلاماته، في حين ستكون العلامات المقارنة مسترعية لانتباه الأكثر من الناس، وسينشدُّ إليها العدد الأكبر منهم، وبذلك ستكون من الأهمّيَّة بمكان، وأهمُّها السفياني واليماني والخراساني والصيحة.

أمَّا السفياني فإنَّه قبل قيام القائم (عجَّل الله فرجه) بتسعة شهور أو عشرة كما في صحيحة الفضل، عن ابن أبي عمير، عن ابن أُذينة، عن محمّد بن مسلم، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إنَّ السفياني يملك بعد ظهوره على الكور الخمس حمل امرأة».

ثمّ قال (عليه السلام): «أستغفر الله حمل جمل، وهو من الأمر المحتوم الذي لا بدَّ منه»(1).

وعن عمَّار الدهني، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «كم تعدُّون بقاء السفياني فيكم؟».

قال: قلت: حمل امرأة تسعة أشهر.

قال: «ما أعلمكم يا أهل الكوفة»(2).

على أنَّ ذكره (عليه السلام) لمدَّة التسعة أشهر والعشرة ليس من باب التردُّد، كيف وعلمهم اللدنِّي لا يتخلَّف، وإنَّما ذكره بين التسعة والعشرة من باب المحو والإثبات، لقوله تعالى: ﴿يَمْحُوا اللهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ﴾ (الرعد: ٣٩)، فلعلَّ المصلحة تتعلَّق في الإبقاء إلى تسعة أشهر أو تمديدها إلى العشرة، وكلُّ ذلك موكولٌ إلى إرادته تعالى، ومقتضى حكمته سبحانه.

وقوله (عليه السلام): «ما أعلمكم يا أهل الكوفة» مشعرٌ بالامتداح لهم، وذلك إشارة إلى أنَّهم من المهتمِّين بمعرفة علامات الظهور ومراقبتها، وهو أمرٌ يثير الاعتزاز بأنَّ معرفة علامات الظهور بل الثقافة المهدويَّة عموماً لها منزلتها عند أئمَّة أهل البيت (عليهم السلام) تستحقُّ الثناء لشيعتهم من قِبَلهم (عليهم السلام).

إذن فسيكون السفياني قد مارس سطوته وعنفه خلال المدَّة المقرَّرة، والتسعة أشهر أو العشرة عند ذاك سيُحدِث الله أمراً، وهو قيام القائم (عجَّل الله فرجه).

وسيكون اليماني مقارناً لظهور السفياني والخراساني كما عليه الروايات، حيث سيكونون في سنة واحدة، وفي شهر واحد، وفي يوم واحد.

روى الشيخ (رحمه الله) بسنده عن الفضل بن شاذان، عن سيف بن عميرة، عن بكر بن محمّد الأزدي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «خروج الثلاثة: الخراساني والسفياني واليماني في سنة واحدة، في شهر واحد، في يوم واحد، وليس فيها راية بأهدى من راية اليماني يهدي إلى الحقِّ»(3).

وهكذا ستكون هناك حركات سياسيَّة ثوريَّة بعضها ضالَّة، والأُخرى على هدى، ترتبط حركاتها بعضها بالبعض الآخر ميدانيًّا وفكريًّا، وستأتي الإشارة إلى ذلك.

٣ - العلامات التي لا تنفكُّ عن يوم الظهور:

وهي العلامات الحاسمة للإيذان بيوم الظهور، والمعلنة عن حلوله، وهي غير منفكَّة عنه، إذ ستُحدِث تغيُّراً (عنيفاً) في توجُّهات الناس، وهي بمثابة الصدمة للإحساس العامِّ الذي تُرعِبه تلك العلامات، وستُحدِث تزلزلاً عنيفاً في المواقف والمبتنَّيات، وستكون حالة اختبار حاسم لكلِّ التوجُّهات والرؤى على مستوى الأفراد أو التشكيلات.

الصيحة أو النداء:

هذه العلامات ستتقدَّم بين يدي الظهور بشكلٍ سريع لا يمكن معه التواني أو التأخير، أمثال الصيحة التي بينها وبين الظهور ستَّة أشهر أو أربعة أشهر كما في الروايتين التاليتين:

١ - عن الحسن بن المحبوب - كما في غيبة الشيخ - إلى أنْ قال: «ينادون في رجب ثلاثة أصوات من السماء...» إلى آخر الرواية(4).

٢ - وعن الفضل بن شاذان بسنده عن أبي بصير، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إنَّ القائم (صلوات الله عليه) يُنادى اسمه ليلة ثلاث وعشرين، ويقوم يوم عاشوراء يوم قُتِلَ فيه الحسين بن عليٍّ (عليهما السلام)»(5).

وليلة الثالث والعشرين منصرفة إلى ليلة الثالث والعشرين من شهر رمضان (ليلة القدر)، كما هو المشهور.

وتُؤيِّده الرواية التالية: عن الحارث بن المغيرة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «الصيحة التي في شهر رمضان تكون ليلة الجمعة لثلاث وعشرين مضين من شهر رمضان»(6).

وقيام القائم (عجَّل الله فرجه) يوم عاشوراء هو الأوفق بسياقات الظهور حيث ينادي بمظلوميَّة الحسين (عليه السلام) مطالباً بثأره الشريف، خصوصاً أنَّ الرواية الثانية ذُيِّلت بقوله (عليه السلام): «يوم عاشوراء يوم قُتِلَ فيه الحسين ابن عليٍّ (عليهما السلام)»، وكأنَّه إشعارٌ بأنَّه (عليه السلام) يظهر ونداءه يومئذٍ بالثأر لجدِّه الحسين (عليه السلام) المقتول ظلماً وعدواناً.

واختلاف الروايتين لا مانع منهما، فلعلَّ النداء يتكرَّر في شهري رجب ورمضان، وذلك لأهمّيَّة النداء وما يترتَّب عليه من ملازماتٍ ليوم الظهور.

على أنَّ الصيحة إحدى العلامات المهمَّة التي تُقارب يوم الظهور، وهي صيحة تحدث في شهر رمضان في ليلة الثالث والعشرين منه توقظ الضمائر الغافلة عن الحقِّ، وفي نفس الوقت توهم الآخرين، وستكون الصيحة أو النداء أنَّ عليًّا مع الحقِّ فاتَّبعوه، ممَّا يعني أنَّ هناك فجوة هائلة بين الأُمَّة وبين الاعتقاد بالحقِّ، ولا ينفع ذلك إلَّا حالات الإعجاز التي تُنبِّه الغافلين أو المتغافلين عن الحقِّ، وليت شعري إلى أيِّ حدٍّ سيصل التجافي عن الحقِّ والتزلزل في الثبات على ذلك حتَّى لا ينفع معه إلَّا هزَّات الضمائر وإفزاع النفوس في إثارة انتباه الناس وتوجيه اهتمامهم؟

وقد حرص أئمَّة الهدى (عليهم السلام) على بيان معالم هذه الصيحة ومواصفاتها ليتبيَّن لنا مدى أهمّيَّتها في تحديد يوم الظهور، وخطورتها في الكشف عن المجهول الذي طالما بقي يترقَّبه العالم جميعاً بمختلف ميوله واتِّجاهاته، وسوف تكون للصيحة أثرها في توجيه معالم الاتِّجاه الذي ينبغي التزامه وقتذاك.

عن ابن محبوب، عن الثمالي - والظاهر أنَّه محمّد بن أبي حمزة الثمالي الثقة -، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إنَّ أبا جعفر (عليه السلام) كان يقول: «إنَّ خروج السفياني من الأمر المحتوم».

قال لي: «نعم، واختلاف ولد العبَّاس من المحتوم، وقتل النفس الزكيَّة من المحتوم، وخروج القائم (عليه السلام) من المحتوم».

فقلت له: فكيف يكون النداء؟

قال: «ينادي منادٍ من السماء أوَّل النهار: ألَا إنَّ الحقَّ في عليٍّ وشيعته، ثمّ ينادي إبليس (لعنه الله) في آخر النهار: ألَا إنَّ الحقَّ في السفياني وشيعته، فيرتاب عند ذلك المبطلون»(7).

وهذا التمييز الذي تحرص على بيانه الصيحة إشارة إلى تعدُّد الاتِّجاهات والمباني المختلفة التي تدَّعي الحقَّ أو المدَّعية بالدفاع عن الحقِّ، إلَّا أنَّ حالة الخلط والتخبُّط الذي تسلكه هذه الاتِّجاهات توهم أتباعها بصحَّة المنهج في حين هي تتعدَّى على المبادئ والقِيَم الحقَّة وتحاول من خلال سلوكيَّاتها إلى إلغاء الآخر، لذا فإنَّ الاضطراب في الفهم والانتماء من قِبَل البعض يُؤدِّي بسلامة منهجهم في تشخيص الحقِّ ومتابعته، لذا فإنَّ الصيحة حالة إنقاذ نهائي يُشخِّص الحقَّ ويهدي الآخرين على متابعته.

في حين ستكون الصيحة الثانية التي تشير إلى السفياني أو غيره وتدعو إليه، إشارة إلى الصراعات الفكريَّة التي تختلج الأُمَّة وتُؤدِّي بأفرادها إلى الضياع والتخليط.

ولعلَّ الصيحة التي ستكون في رجب - وهي إحدى الصيحات الثلاث إذ ستكون الأُخرى في شهر رمضان والثالثة في شهر محرَّم –

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الغيبة للطوسي (ص ٤٤٩ و٤٥٠/ ح ٤٥٢).

(2) الغيبة للطوسي (ص ٤٦٢/ ح ٤٧٧).

(3) الغيبة للطوسي (ص ٤٤٦ و٤٤٧/ ح ٤٤٣).

(4) الغيبة للطوسي (ص ٤٣٩ و٤٤٠/ ح ٤٣١).

(5) الغيبة للطوسي (ص ٤٥٢/ ح ٤٥٨).

(6) كمال الدِّين (ص ٦٥٠/ باب ٥٧/ ح ٦).

(7) بحار الأنوار (ج ٥٢/ ص ٢٠٦/ ح ٤٠)، عن كمال الدِّين (ص ٦٥٢/ باب ٥٧/ ح ١٤).

علامات الظهور جدلية صراع أم تحديات مستقبل؟

تأليف : السيد محمد علي الحلو (رحمه الله).

مواضيع قد تعجبك

Execution Time: 0.0506 Seconds