وجوب معرفة المهدي من آل محمد (صلوات الله عليهم)

, منذ 1 سنة 393 مشاهدة

لما فرض الله تعالى طاعته على عباده, فرض عليهم معرفة حجته, وسفيره, والواسطة بينه وبينهم, إذ لا تقوم لله حجة على خلقه دونه ولا يتم لخلقه معرفته تعالى ما لم يعرفوا الحجة الذي به يعرفون أحكام الله من حلاله وحرامه وإقامة أحكامه, وهو حال زماننا كذلك فلا تصح عبادة الله وطاعته هكذا دون أخذها من مصدر التشريع ومنبع التفسير.. وقد تقدم الاشارة في ذلك...

إذن علينا أن نعرف حجة زماننا بشخصه, وتعيينه باسمه دون أن نغفل أنّ الامر لم يقتصر على الإمامية وحدها فقد أقر بذلك جميع المسلمين ضرورة وجعلوه من مسلماتهم.

المهدي في القران الكريم

على إنّ القرآن الكريم يُعد أحد أهم الشواهد التي تثبت أحقية أهل البيت عليهم السلام, ولعل الملاحم القرآنية التي استعرضت قصص الأنبياء, وجهادهم ترسم ملامح التاريخ الجهادي لأهل البيت وتؤكد أنّ الشخوص القرآنية المتمثلة بسير الأنبياء الجهادي أعاده ائمة أهل البيت بكل تفاصيله وجزئياته حتى باتت سيرتهم تحاكي السير القرآنية مما جعل التشاهد فيما بينهما واضحاً ملموساً, وفي هذا السير المهدوي نقف على كثير من الآيات القرآنية التي تستعرض القضية المهدوية بشواهد لا يمكن خفاءها, فالظهور البين في الآيات المستعرضة تفرض على الفهم السليم التسليم.

أيْ لم يغفل القران الكريم مسالة الإمام المهدي إلاّ وأشار إليها اشارات ضمنية نبه من خلالها إلى أهمية الاعتقاد بالإمام المهدي وضرورة وجوده, وقد بذل مفسرو الفريقين جهدهم في الإشارة إلى هذا الذكر الحكيم, لما له علاقة في تصحيح عقيدة المسلم وسلامة طاعته وحسن تدينه بالغيب ووجوب التصديق بما اخبر به النبي الكريم صلى الله عليه وآله وسلم, فمن هذه الايات نذكر ما تيسر لنا الوقوف عليه:

1- قوله تعالى:

(الم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ) [1].

ابن بابويه بسنده عن يحيى ابن أبي القاسم قال: سالت الصادق عليه السلام عن قول الله عزوجل:

(الم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ).

فقال:

المتقون شيعة علي عليه السلام والغيب فهو الحجة الغائب.

وشاهد ذلك قوله تعالى:

(وَيَقُولُونَ لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آَيَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ) [2].

2- قوله تعالى:

(وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا)[3].

قال: ذلك قائم آل محمد يخرج فيقتل بدم الحسين عليه السلام فلو قتل أهل الارض لم يكن مسرفاً[4]، وقوله:

(فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ) لم يكن ليصنع شيئاً يكون مسرفاً.

ثم قال أبو عبدالله عليه السلام:

يقتل والله ذراري قتلة الحسين عليه السلام بفعال آبائهم[5].

3- قوله تعالى:

(وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا) [6].

محمد بن يعقوب يرفعه إلى أبي جعفر عليه السلام في قوله تعالى:

(وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا).

قال: إذا قام القائم عليه السلام ذهبت دولة الباطل. [7]

4- قوله تعالى:

(وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ) [8].

الإمام المهدي عليه السلام في الحديث النبوي

لم تخل المدوّنات الحديثية عند الفرق الإسلامية من الحديث عن وجود المهدي وإنه المدخر ليملأها قسطاً وعدلاً, حتى عد ذلك من المتواترات التي لا يمكن التوقف فيها, بل هي من ضرورات الدين, ومن هذه الأحاديث:

1- الصدوق في إكمال الدين بسنده عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا عن أبيه عن آبائه (عليهم السلام) قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:

أنا سيد من خلق الله عزوجل وأنا خير من جبرئيل وميكائيل وإسرافيل وحملة العرش وجميع ملائكة الله المقربين وأنبياء الله المرسلين وأنا صاحب الشفاعة والحوض الشريف, وأنا وعلي أبوا هذه الأمة, من عرفنا فقد عرف الله عزوجل, ومن أنكرنا فقد أنكر الله عزوجل, ومِن علي سبطا أمتي, وسيدا شباب أهل الجنة, الحسن والحسين, ومن ولد الحسين تسعة أئمة طاعتهم طاعتي ومعصيتهم معصيتي, تاسعهم قائمهم ومهديهم.[9].

2- ما أخرجه الشيخ في غيبته بسنده عن جابر عن عبدالله الانصاري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: المهدي يخرج في آخر الزمان.

3- وبسند الصدوق عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:

المهدي من ولدي, اسمه اسمي وكنيته كنيتي, أشبه الناس بي خلقاً وخُلقاً, تكون به غيبة وحيرة تضل فيها الأمم ثم يقبل كالشهاب الثاقب يملؤها عدلاً وقسطاً كما ملئت جوراً وظلماً.[10]

4- صحيح البخاري: عن أبي قتادة الأنصاري إنّ أبا هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:

كيف أنتم إذا ينزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم. [11]

5- صحيح مسلم: مثله بنفس السند واللفظ.

6- صحيح الترمذي: عن زرارة عن عبدالله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:

لاتذهب الدنيا حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي.[12]

7- صحيح أبي داود: عن أبي الطفيل عن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال:

لو لم يبق من الدهر الا يوم لبعث الله رجلاً من أهل بيتي يملأها عدلاً كما ملئت جوراً. [13]

8- صحيح ابن ماجة: عن إبراهيم بن محمد الحنفية عن أبيه علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:

المهدي منا أهل البيت يصلحه الله في ليلة. [14]

نسب الإمام المهدي عليه السلام في الحديث النبوي

لما بشر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بحتمية ظهور المهدي وإنّه من أهل بيته حدّد نسبه تحديداً مفصلاً لئلا يشتبه على البعض انتسابه إلى غير ما حدده النبي صلى الله عليه وآله وسلم, فالمهدي من ولد فاطمة ومن ذرية الحسين وهو ابن الحسن العسكري عليه السلام, وبعد ذلك فليس لأحد أنْ يدعي غير هذا النسب أو يلتبس على أحد شخصه الكريم, أو يعتذر أحدهم أنّ تصديقه لمن يدعي المهدوية لالتباس الأمر عليه لعدم تحديد نسبه, لذا فقد قطع النبي صلى الله عليه وآله وسلم: الطريق على كل دعوى وأسكت كل مدع, وبهذا حفظ النبي صلى الله عليه وآله وسلم الفكرة المهدوية من كل سوء تناله محاولات الكائدين وعبث المدعين.

ــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] البقرة: 2 - 3.

[2] المحجة فيما نزل في القائم الحجة عجل الله تعالى فرجه الشريف:7.

[3] الاسراء:33.

[4] أيْ على فرض أنه قتل بقدر أهل الارض للأخذ بثار الحسين عليه السلام فلم يكن مسرفا، وهو دليل على عظم دم الحسين عليه السلام الذي لا يعادله. أهل الارض جميعاً، والاية تنفي الاسراف في القتل الذي يتصوره البعض عند قيام القائم عجل الله تعالى فرجه الشريف.

[5] كامل الزيارات لابن قولويه:63.

[6] الاسراء:81.

[7] المحجة فيما نزل في القائم الحجة عجل الله تعالى فرجه الشريف: 140.

[8] الانبياء:105.

[9] إكمال الدين وإتمام النعمة:248.

[10] نفس المصدر:271.

[11] صحيح البخاري: كتاب بدء الخلق في باب نزول عيسى بن مريم عليه السلام.

[12] صحيح الترمذي: باب ما جاء في المهدي.

[13] صحيح: ابي داود بكتاب المهدي: 4 / 174.

[14] صحيح ابن ماجة: باب خروج المهدي /باب الفتن.

المصدر: الأصول التمهيدية في المعارف المهدوية، الحلو، محمد علي، بتصرف.

 

 

مواضيع قد تعجبك

Execution Time: 0.0635 Seconds