لماذا يختلف المسلمون في شخصية المهدي ؟

, منذ 2 سنة 256 مشاهدة

الشيخ حسن الصفار

موضوع خروج الإمام المهدي المنتظر له موقعيته الهامة في النصوص الدينية فقد روى أحاديثه عن رسول الله - أكثر من ستة وعشرين صحابياً، وخرج تلك الأحاديث جماعة كثيرون من الأئمة في الصحاح والسنن والمعاجم والمسانيد وغيرها يزيدون على ثمانية وثلاثين عالماً ومحدثاً، كما أفرد عدد من العلماء ينوفون على العشرة كتباً ومصنفات خاصة حول الموضوع، وهذا كله ضمن مذاهب أهل السنة والجماعة، حسبما ذكره الشيخ عبد المحسن العباد في بحثه في مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، وفي إطار مذهب الشيعة هناك أضعاف مضاعفة من الجهود التي تصب في هذا الاتجاه.

وذلك يدل على أهمية القضية في الفكر الإسلامي، فلا بد وأن تطرح في أوساط الأمة بمستوى يتناسب مع أهميتها الدينية، لتكون حاضرة في أذهان الجيل المسلم المعاصر، وغير محصورة في نطاق أهل العلم والحديث، أو مصبوغة بصبغة مذهب معين فقط.

فمن الملاحظ أن أتباع أهل البيت (عليهم السلام) يتميزون بإحياء هذه القضية والاحتفاء بها على المستوى الشعبي، بينما هي شبه مغيبة في أوساط بقية جماهير الأمة، حتى كاد بعضهم أن يتصورها قضية خاصة بمذهب الشيعة، في حال أنها محل إجماع ووفاق بين جميع المذاهب الإسلامية.

 

وليس مطلوباً أن يتوافق أسلوب الإحياء والاهتمام بهذه القضية بين المذاهب، فلكل طريقته التي يراها مناسبة لمرئياته الشرعية وظروفه الاجتماعية، لكن المطلوب هو حضور هذه القضية وطرحها علمياً وفكرياً وإعلامياً في أوساط جماهير الأمة بمختلف مذاهبها.

ولأنها قضية متفق عليها في أصلها فإن انتشارها يؤكد حالة التوافق والاشتراك، بغض النظر عن اختلاف التفاصيل والجزئيات، كالإختلاف في أنه من نسل الحسن (عليه السلام) كما يقول بعض علماء السنة؟ أو من نسل الحسين (عليه السلام) كما يجمع علماء الشيعة وبعض أهل السنة؟ وكذلك الاختلاف في اسم أبيه هل هو الحسن أو عبد اللَّه؟ والاختلاف في ولادته هل ولد أم يولد في آخر الزمان؟

إن الاختلاف حول بعض التفاصيل موجود بين علماء المسلمين في أغلب القضايا الدينية، بدءاً من صفات الخالق جلا وعلا إلى أحكام الصلاة والوضوء، ولا يضر ذلك مع الاتفاق على أصل الموضوع، وعسى أن تتوفر الأجواء المناسبة لحوارات علمية موضوعية معمقة بين علماء الأمة حول، موارد الاختلاف في الفكر والفقه الإسلامي.

وهناك داع مهم لإحياء قضية الإمام المهدي في أوساط الأمة، وخاصة في هذا العصر، لما توفره هذه القضية من زخم روحي، في نفوس المسلمين، حيث تلهمهم الأمل و تشيع في قلوبهم الثقة بالنصر، وتحفزهم للتطلع لاستعادة مجد الإسلام، وقيام حضارته العالمية، حيث تؤكد الأحاديث المتواترة ذلك، كقوله صلى الله عليه وآله وسلم: (( لا تقوم الساعة حتى تملأ الأرض ظلماً وجوراً وعدواناً، ثم يخرج رجل من عترتي، أو من أهل بيتي يملؤها قسطاً وعدلاً، كما ملئت ظلماً وعدواناً )) أخرجه أحمد (3/36) وابن حبان (1880) والحاكم (4/557)، وأبو نعيم في "الحلية" (3/101) وقال الحاكم: (صحيح على شرط الشيخين). ووافقه الذهبي، وهو كما قالا، وأشار إلى تصحيحه أبو نعيم (1).

__________

(1) الألباني: محمد ناصر الدين، سلسلة الأحاديث الصحيحة ج4 ص39.

 

مواضيع قد تعجبك

Execution Time: 0.0478 Seconds