كيف يؤثر الإمام المهدي (عج) على نفوس وأرواح وقلوب المؤمنين ؟

, منذ 1 سنة 684 مشاهدة

ربما يـتوهّم البعض أن الغيبة تساوي عدم الوجود، أو يلزم منها انقطاع الإمام عن العالم، مع أن الفرق كبير جداً بين هذا الوهم وهذه التصورات وبين ما تعنيه الغيبة بمفهومها الصحيح

فغيبة الإمام المهدي لا تساوي عدم وجوده، ولا يلزم منها أن يكون منقطعا عن العالم، أو عاجزا عن القيام بوظيفته.

لذا نرى من المهم أن ننطلق في الجواب من بيان المعنى الصحيح للغيبة، لأنه متى وضح لنا هذا المعنى أعاننا ذلك على معرفة كيفية قيامه بمهامه وهو في غيبته عجل الله فرجه.

معنيان للغيبة:

هناك معنيان للغيبة ذكرهما العلماء، كلاهما ممكنان عقلا، كما دلت عليهما بعض الأحاديث الشريفة، والأحداث التاريخية، ونحن نشير إليهما على نحو الإجمال:

الأول: غيبة الشخص:

تأتي الغيبة بمعنى خفاء شخص الإمام المهدي واستتاره عن الأنظار، أي أنه عجل الله فرجه مختفٍ بشخصه، بحيث من الممكن أن يتواجد في أي مكان فيرى الناس ويشاهدهم ولكنهم لا يرونه، فحتى لو نظروا إلى المكان الذي هو موجود فيه لرأوا المكان خالياً منه.

الثاني: غيبة العنوان:

بمعنى أن شخص الإمام المهدي ليس غائباً عن الأبصار، وإنما هو موجود بين الناس يخالطهم ويخالطونه، ويعاشرهم ويعاشرونه، ويعرفهم ولكنهم لا يعرفونه ولا يلتفتون إلى حقيقته، بل يظنونه إنساناً عادياً من عامة الناس.

الغيبة بمفهوميها لا تمنع الإمام المهدي من القيام بوظيفته:

إن غيبة الإمام المهدي – بمفهوميها - لا تقطع صلته بالحياة، ولا تحجبه عن مراقبة الأحداث، ولا تمنعه عن التدخل في معالجة الأمور، فهو - على كلا التفسيرين للغيبة - موجود بيننا، ويطلع على أحوالنا، ويعالج الكثير من قضايانا الدينية والدنيوية، ولا يتوقف قيامه بذلك على وجوب رؤيتنا له، أو معرفتنا بشخصه، ولا على ضرورة أن نعلم بأن تلك الأعمال صادرة عن شخصه المقدس.

ولا بأس أن نتوسع قليلا في شرح هذا الإجمال وفق العناوين التالية:

وجوده رغم غيبته من مقتضيات الحكمة واللطف الإلهيين:

من مظاهر ومصاديق حكمة الله أنه عز وجل جعل الأشياء متقابلة: فهناك دنيا وآخرة، وجنة ونار، وسماء وأرض، وليل ونهار، وشمس وقمر، وإنس وجن، وذكر وأنثى، وبر وبحر...

ومن ذلك أن جعل شياطين يغوون الإنسان ويضلونه، فكان من مقتضى الحكمة واللطف الإلهيين أن يجعل مقابلهم أئمة {يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ} [الأعراف 181] ليتحقق ذلك التقابل الذي أشرنا إليه، وليكون هذا الإمام هاديا بأمر الله، ومنقذا لمن توجد لديهم القابلية من الناس من ذلك الشيطان وإضلاله وغوايته.

وهذا الإمام في هذا العصر هو المهدي المنتظر من آل محمد كما نصّت على ذلك الروايات والأحاديث الواردة من الفريقين، وثبتت ولادته تاريخيا، ويعتقد بحياته وغيبته الشيعة وفريق كبير من أهل السنة.

وإذا كان الشيطان يقوم بما يقوم به من أعمال شيطانية في إضلال الإنسان دون أن يتوقف ذلك على رؤيتنا البصرية له، أو معرفتنا بكيفية قيامه بذلك، فكذلك الحال في الإمام المهدي، فهو يقوم بوظيفته في الهداية بأمر الله دون أن يتوقف ذلك على رؤيتنا له، أو معرفتنا لشخصه، أو اطلاعنا على كيفية قيامه بذلك، خصوصا وأن هذه الهداية ليست هداية تشريعية، ولا هي بمعنى إراءة الطريق والدلالة عليه، وإنما هي هداية تكوينية، إذ الإمام يهدي بأمر ملكوتي يصاحبه، فيفيض على نفوس وأرواح وقلوب المؤمنين من الفيوضات المعنوية ما يوصلهم إلى كمالهم المطلوب.

وهذا - كما نعلم - ليس متوقفا على رؤيتنا للإمام، أو معرفتنا على كيفية قيامه بذلك، فكما يمكن أن يقوم بذلك وهو ظاهر مشهور، أيضا يمكنه القيام بذلك وهو غائب مستور.

مواضيع قد تعجبك

Execution Time: 0.0882 Seconds