دعاء الندبة وتقوية العلاقة بالإمام المنتظر (عج)

, منذ 2 سنة 933 مشاهدة

السيد منير الخباز

هناك مقالة تتحدث عن علاقتنا العاطفية بالإمام المنتظر ، تقول: من قرأ دعاء الندبة _ وهو دعاء معروف بين الشيعة _ يتضح له أن هذا الدعاء وأمثاله يربي الشيعة على البكاء والاستغراق في العاطفة والانشغال عن المبادئ والقيم، والإغراق في الحزن على حساب المبادئ والقيم تربية سيئة، تربية خاطئة، إذ يقول الدعاء خطاباً للإمام المنتظر (عليه السلام): «إلى متى أحار فيك يا مولاي، وإلى متى وأي خطاب أصف فيك وأي نجوى، عزيز علي أن أجاب دونك وأناغى، عزيز على أن أبكيك ويخذلك الورى، عزيز على أن يجري عليك دونهم ما جرى»، ثم يقول: «هل من معين فأطيل معه العويل والبكاء، هل من جزوع فأساعد جزعة إذا خلا، هل قذيت عين مساعدتها عيني على القذى»، وهذه تربية على البكاء، تربية على العاطفة، تربية على الدموع على حساب المبادئ، والجواب عن هذا :    

أولا: إن ما أمرنا به هو المودة وليس المحبة، يقول القرآن الكريم: (قل لا أسئلكم عليـه أجـرا إلا المودة في القربى) (الشورى: ٢٣)، والمودة تختلف عن المحبة، فالكثير من المسلمين، بل كلهم يحبون أهل البيت (عليهم السلام)، ولكن هذا ليس المطلوب، بل المطلوب هو المودة، وهي إظهار الحب، ومن جملة مظاهر الحب دعاء الندبة، فهو يربينا على الإحساس بوجود الإمام، وأنه يعيش معنا، أنه يرانا وأنه يراقبـا وأننـا نتصـل به وإن لم نعرف عنوانه واسمه، إن هذا الدعاء بربينا على شيء طلبه القرآن منا ألا وهو إظهار المحبة المعبر عنه بالمودة.

ثانياً: ليس من الصحيح اقتطاع جزء من الدعاء فتؤخذ بعض فقراته ويترك البعض الآخـر، فالدعاء كمـا يربيـك علـى حب آل البيت (عليهم السلام) يربيك على العمل أيضـاً، ففيـه فقـرات تأمرك بالعمل، تأمرك بالإطاعة، تأمرك باحتساب المعصية، لاحظ قوله: «وأعنا على تأدية حقوقه إليه، والاجتهاد في طاعته، واجتناب معصيته»، ثـم يقـول: «واقبل إلينـا بوجهـك الكريم، واقبل تقربنا إليك، وانظر إلينا نظرة رحمة»، وهذه ميزة التراث الشيعي على التراث الآخـر أنـه يؤكـد علـى أمـرين: حب وعمـل، لا أنـه يتحدث عن العمـل وحـده وكأننـا أدوات أتوماتيكيـة مـبرمجـة تعمـل طبقا للأوامـر بـدون أي عاطفـة وبدون أي محبـة، فهناك عواطـف وعمـل، لا مجرد عمل بدون عواطف ولا عواطف بدون عمل فلنكن واقعيين ومتصـفين، إذا كانت لنـا مـودة حقيقيـة مـع محمـد وآل محمـد فكما تحتفل بمرور السنة الهجرية ونهنى بعضنـا بعـضـاً بمرور السنة الهجرية، كذلك تحتفـل بـذكرى سبــط رســول الله، وإذا كـان الاحتفال بذكرى سبط رسول الله بدعـة كـذلك الاحتفال بمرور السنة الهجريـة بـدعـة، فـهـده لـم تـردنـا عـن السـنة ولا عـن الصحابة، فهـل سـمعت عن الصحابة أنه هنَّأ بعضهم بعضاً بمرور السنة الهجرية الجديدة.

والحمد لله رب العالمين

______________________

(1) المزار لابن المشهدي: 581و582/ الدعاء للندبة.

(2) نفس المصدر584.

مواضيع قد تعجبك

Execution Time: 0.0947 Seconds