السيد مرتضى الحسيني الشيرازي
الوظيفة الثانية على ضوء الروايات ايضا: وظيفة الدلالة والدعوة والذبّ عن الامام المنتظر (صلوات الله تعالى عليه). يقول الإمام الهادي صلوات الله وسلامه عليه - كما في تفسير الإمام (عليه السلام) -:
«لَوْ لَا مَنْ يَبْقَى بَعْدَ غَيْبَةِ قائمكم (عليه السلام) مِنَ الْعُلَمَاءِ الدَّاعِينَ إِلَيْهِ وَالدَّالِّينَ عَلَيْهِ وَالذَّابِّينَ عَنْ دِينِهِ بِحُجَجِ اللهِ، وَالْمُنْقِذِينَ لِضُعَفَاءِ عِبَادِ الله مِنْ شِبَاكِ إِبْلِيسَ وَمَرَدَتِهِ وَمِنْ فِخَاخِ النَّوَاصِبِ لَمَا بَقِيَ أَحَدٌ إِلَّا ارْتَدَّ عَنْ دِينِ اللهِ، وَلَكِنَّهُمُ الَّذِينَ يُمْسِكُونَ أَزِمَّةَ قُلُوبِ ضُعَفَاءِ الشِّيعَةِ كَمَا يُمْسِكُ صَاحِبُ السَّفِينَةِ سُكَّانَهَا أُولَئِكَ هُمُ الْأَفْضَلُونَ عِنْدَ الله عَزَّ وجَلَّ»(1).
هذه العناوين الثلاثة يجب ان نتدبر فيها جيداً: العلماء الداعين إليه، والدالين عليه، والذابين عن دينه؛ ذلك أن الدعوة للشيء أمر، والدلالة عليه أمر آخر، والذب عنه أمر ثالث.
فأن تدعو إلى بيتك شخصا، هذه دعوة، لكن ان تدله على طريق بيتك هو أمر آخر، فقد تدعو ولا تدل، وقد تعكس: اي تدله على المكان لكن لا تدعوه إليه.
فالوظيفة إذاً هي الدعوة من جهة، والدلالة من جهة ثانية، والذب والدفاع ثالثاً.
وهنا نسال: هل نحن بشكل عام سواء أكنا علماء أم كنا خطباء أم كنا أطباء ومهندسين، هل نحن ندعو إلى ولي الله الأعظم (عجل الله تعالى فرجه الشريف) أم ندعو إلى أنفسنا؟ وهل ندل عليه أم ندل على أنفسنا؟ وهل ندافع عنه أو ندافع عن أنفسنا؟
إن على كل واحد منا أن يزن عمله بهذا الميزان يومياً، فهل الطريق أصبح هو ذا الطريق؟ كثيرا ما يكون هكذا الأمر، ويا للأسف، فقد يغرق الإنسان في يومياته من درس او بحث أو تربية أو عمل اجتماعي أو سياسي أو غير ذلك، وقليلا قليلا من حيث يشعر أو لا يشعر تتحول نفسه إلى المحور، فتكون لها الموضوعية لا الطريقية، وهذا خطر حقيقي لأن الإنسان بذاته يحب ذاته فلو لم يراقبها لتحولت ذاته إلى صنم، وذلك من أعظم ابتلاءات الله للإنسان: اي حب الإنسان لنفسه فان حبه لنفسه لا يضارعه عادة شيء، لكن الآية تقول: (وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا للهِ)
وهذا هو المؤمن الحقيقي.
إن الإنسان عادة يحب الراحة فإذا أخل شيء براحته فسترى أعصابه تتوتر بل تختل، كذلك يحب الشهرة، يحب الرياسة، يحب المال، يحب الدار والمقتنيات، اذ انه تعب على داره لمدة عشرين سنة مثلاً!
ان علينا أن نضع هذا المقياس أمام أعيننا يوميا، عندما أدرس، لماذا؟ هل لكي يمدحني الناس ويثنون عليّ ويقدمون لي ما يقدمون، او لا، بل إنما أدرس وأطالع وأؤسس وأكتب وأتاجر وأتصدى، لكي أدعو لولي الله الأعظم ولكي أرشدهم إلى السبيل الأقوم؟
ان هذا المقياس يحتاج إلى رقابة نفسية دائمة، لأن النفسَ لأمارة بالسوء (إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي).
اذن: واجبنا هو الدعوة إليه (صلوات الله عليه) أولاً، والدلالة عليه (عجل الله تعالى فرجه الشريف) ثانيا، والذب عنه ثالثاً والذبّ يعني الدفاع، والدفاع ايضاً قد يكون لا بالحجج فحسب، بل يقرنها بالأعمال والأنشطة والبرامج والمؤسسات الدينية والفكرية وغيرها.
ثم ان (الذبّ) لعله إشارة للجانب السلبي، وأما ذانك الأمران فإشارة للجانب الإيجابي.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الاحتجاج ج١ ص ١٨ وج٢ ص٤٥٥ وعوالي اللآلي ج١ ص١٩.
كما نقله عنه كتاب عوالم العلوم والمعارف والأحوال وهو.. تلميذ العلامة المجلسي، وامتاز العوالم عن البحار بأنه أفضل تنظيما وتهذيبا وتصنيفا وللبحار عليه امتيازات كما هو واضح.
موقع ديني مختص في مسائل الإمام المهدي (عج) تابع لشعبة البحوث والدراسات - ق. الشؤون الدينية - الأمانة العامة للعتبة الحسينية المقدسة